الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"مؤشر الفتوش" تضخم 210%: ماذا ستتناول الأُسَر اللبنانية خلال رمضان؟

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
أسعار الخضر ارتفعت بشكل كبير (حسن عسل).
أسعار الخضر ارتفعت بشكل كبير (حسن عسل).
A+ A-
وصل مؤشر أسعار المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية في شهر تشرين الثاني من العام الماضي إلى 600.2، بحسب اللوائح الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي. في حين تشكّل الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي يشهدها لبنان، خطراً على الأمن الغذائي للشعب الذي تدهورت قدرته الشرائية مع انهيار الليرة في السوق السوداء.

تظهّر الدراسة التي أجراها مرصد الأزمة، في الجامعة الأميركية في بيروت، هذا الواقع بالأرقام، بحيث استبقت التقرير الذي يصدر عن وزارة الاقتصاد والتجارة خلال شهر رمضان الكريم، واحتسبت "مؤشر الفتوش" بحسب أسعار الخضر يوم الإثنين 29 آذار. وهو مؤشر تصدره وزارة الاقتصاد في شهر رمضان من كل عام منذ 2012. ويتضمن أسعار 14 مادة تكوّن سلطة الفتوش مع التثقيل المناسب لكل نوع.

انفجرت أسعار مكونات الفتوش، والرقم كفيل بتوضيح الأمر، 210 في المئة هي نسبة ارتفاع المؤشر مقارنة بالعام السابق، الذي ارتفع بدوره 36 في المئة عن عام 2019.

وأوضح المشرف على هذه المبادرة البحثية الدكتور ناصر ياسين لـ"النهار" أنّ "الحرص كان على اتخاذ الأسعار من تعاونية أسعارها معتدلة، ولاحقاً تحقق الفريق أنّ الأرقام واقعية وتحاكي السوق". وأكّد أنّ المجموعة البحثية حرصت على أن يكون صحن "الفتوش" لـ5 أشخاص، أي ما يعادل متوسط عدد أفراد الأسرة حول عشاء خاص.

ارتفعت كلفة هذا الصحن إلى نحو 18500 ليرة لبنانية هذا العام بعد أن كانت 6000 ليرة في العام 2020 ونحو 4500 ليرة في العام 2019، بحسب ياسين الذي لفت إلى أنّ "مداخيل أكثر من 43 في المئة من اللبنانيين لا تتجاوز 1200000 ليرة لبنانية، وتالياً هذا العدد لا يمكنه تأمين كل الحاجات الأساسية، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي".

لا يختلف جوهر بحث مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت عن مضمون التقرير الذي صدر عن "الفاو" ومنظمة الأغذية العالمية، وتناول لبنان محذراً من انعدام الأمن الغذائي، وتفلت الوضع الأمني، بخاصة بعد أن فقد ما لا يقل عن 19 في المئة من اللبنانيين مصادر دخلهم حتى نهاية العام 2020.

بحسب دراسة مرصد الأزمة، فإنّ كلفة عشاء العائلة خلال شهر إذ تركز على صحن الفتوش، ستكون 555 ألف ليرة لبنانية، بمعنى أنّ الموظف الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور سيدفع 82 في المئة من راتبه، ثمن هذا العشاء.
 

ارتقب ياسين أن "يعدّل المستهلك اللبناني في نمط غذائه، لأنه سيتكيف بشكل سلبي مع الواقع الاجتماعي الذي يعيشه، بعد عجزه عن إجراء تغيير. وذلك عبر تقليل وجباته اليومية، وتوازياً تخفيض مستوى النوعية". ولا يستبعد أن يؤدي ذلك إلى خلل صحي وغذائي.

في سردنا لوقائع الدراسة تجاهلنا اللحوم، والحلويات، والمواد الغذائية الأخرى، لكن إذا كان عشاء "فتوش" لعائلة مكونة من 5 أشخاص تساوي 82 في المئة من الحد الأدنى للأجور، و46،25 في المئة من راتب الـ1200000 ليرة لبنانية، فكيف للأسرة أن تشتري هذه المواد، ولم تسدد بعد الفواتير المختلفة من كهرباء ودواء وغيرهما؟

لذلك فإن مستويات الفقر تجاوزت الـ50 في المئة من الشعب اللبناني، وتردي الأوضاع ضاعف من نسب جريمة السرقة، ونرى يومياً العصابات التي تسرق "الريغارات" من الطرقات، وتعرض السلامة العامة للخطر.

يشرح ياسين أنّ "التبرعات، التي تتضاعف خلال رمضان، ليست كافية ولا يمكن اعتبارها حل، بل على السلطة المبادرة فوراً ووضع حل جذري وعميق للإنقاذ، ولا بد أن يكون طويل الأمد".

مؤشر أسعار الإستهلاك الذي كان في العام 2019، 112.4 وصل في تشرين الثاني من العام 2020 إلى 262.6، وهو مرشح للارتفاع أكثر في الجداول التي ستصدر عن إدارة الإحصاء المركزي والتي ستحتوي على أرقام الأشهر التي شهدنا فيها قفزة الدولار إلى مستويات قياسية وتجاوز عتبة الـ10 آلاف ليرة، ليصل إلى 15000 ليرة لبنانية، وحلّقت معه أسعار السلع الإستهلاكية، حتى بتنا نشهد حفلات من العراك على كيس حليب مدعوم.

أمام هذه التقارير والمؤشرات، والمشاهد اليومية من السوبرماركات ومحطات الوقود، متى تتحرك السلطة لإنقاذ ما تبقى ولردع خطر التفلت الأمني الذي تحذر منه أرفع القيادات المسؤولة عن ضبطه؟
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم