السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

معاناة شباب لبنانيين هاجروا إلى أبيدجان... وعِدوا وتركوا فاحذروا "أوهام" إعلانات التوظيف!

المصدر: النهار
تعبيرية
تعبيرية
A+ A-
 أثارت قضيّة الشبان اللبنانيين الثلاثة، الذين هاجروا إلى أبيدجان عن طريق مكتب سفر محلّي، ولم يحظوا بالعمل الموعود من قِبل المكتب هناك، بلبلة كبيرة على مواقع التواصل والإعلام. فعروض السفر والتوظيف على مواقع التواصل مغرية، لكنّ معرفة تفاصيلها والتأكّد منها ضرورة، رغم الحاجة المُلحّة لتسحين الوضع المعيشي. ويبقى هؤلاء الشباب ضحية الأزمة التي دفعت بكثير من اللبنانيين إلى الهجرة.
 
نطرح ما حدث مع الشبان من وجهتَي نظر، مكتب السفر وأحد الشبان. لكن رغم التوصّل إلى حلّ مشكلتهم، لا يمكن ألّا أن نعرض معاناة ما عاشوه خلال تلك الفترة.
 
يروي أحد الشبان لـ"النهار" أنّه وجد إعلاناً على صفحة لمكتب سفر في الحمرا، يقدّم خدمة تأمين عمل مع فيزا إلى أبيدجان، للبنانيين والسوريين والعراقيين. 
 
تواصل الشاب -الذي امتنع عن ذكر اسمه- مع المكتب ليسأل عن الإعلان، بحسب ما يسرد، ووجد أنّ ثمن الخدمة هذه 1300 دولار، على أن يُدفع المبلغ على دفعتين الأولى 700 دولار والثانية 600 دولار. ومن ضمن هذا العرض، كان على الشاب أن يدفع ثمن تذكرة السفر، لكنّ الإقامة في الفندق لثلاث ليالٍ لدى وصوله، تكون على نفقة المكتب. ويتابع الشاب أنّ المكتب أكّد له أنّ الوظائف هي من ضمن اختصاصه، وسيكون راتبه ابتداءً 1000 دولار.
 
قبِل الشاب المتخصِّص بالتجارة والحوسبة بالعرض، "فالمكتب موثوق وأعطانا وصولات بما دفعناه". فما دفعه إلى السفر هو الراتب الزهيد الذي كان يتقاضاه في أحد المعاهد التي كان يدرس فيها، "كانت وظيفتي محترمة، لكنّ الراتب لم يعد يكفيني كلفة بنزين لسيارتي".
 
وصل الشبان اللبنانيين الثلاثة في أوائل الشهر الجاري إلى أبيدجان، وكان في ملاقاتهم وسيطٌ من قِبل مكتب السفر في بيروت، واستمرّ في التواصل معهم لبضعة أيام. مكثوا، بحسب ما روى الشاب، لثلاث ليالٍ في أحد الفنادق، على نفقة مكتب السفر "ليوهمنا أنّه صادق"، وفق تعبيره، لكن كان عليهم أن يدفعوا ثمن الليالي الثلاث الأخرى من جيوبهم، وكذلك جميع تنقّلاتهم، بانتظار الانتقال إلى منطقة أخرى حيث "ينتظرهم العمل في المدينة الصناعيّة".
 
لم يكن بإمكانهم البقاء في الفندق لأيّام إضافيّة بسبب عدم توفّر المال الكافي لديهم، وانقطع بعدها تواصل مكتب السفر معهم. ووفق ما ينقل الشاب، قال لهم وسيط مكتب السفر أنّ "المكتب تعرّض لعملية احتيال"، وطلب منهم التحلّي بالصبر، بينما كان من المفترض أن يكون العمل مؤمَّناً. وكان لا يزال مصير الشباب متروكاً حتّى أمس. إذ تواصل مكتب السفر معهم ليعيد جزءًا من المبلغ الذي دفعوه له و"يبرّئ ذمّته"، بحسب ما يقول الشاب.
 
خلال هذه الفترة، "تمرمط" الشباب. وجد أحدهم مأوى لدى أحد اللبنانيين "ابن أصول" استقبله في منزله بعد معاناة صعبة جداً.  أمّا الباقون، فعانوا أيضاً، إذ تدبّروا مناماتهم لدى أقارب بعيدين ولدى أشخاص عطفوا عليهم. وحتى تأمين الطعام كان صعباً، ففيما لا يحملون المال الكافي، اضطروا لأن يتقشّفوا بوجبات طعامهم، وهم الآن يودّون بأيّ طريقة العودة إلى لبنان.
 
يلفت الشاب إلى أنّه لم يكن هناك معرفة مسبَقة بينه وبين الشباب الذين وقعوا في الفخّ نفسه، والتقى بهم خلال الرحلة في الطائرة قبيل وصولهم إلى مطار أكرا. لكن رحلة الصعاب جمعتهم، بعد أن أمّنوا ثمن تذكرة السفر إلى أبيدجان بصعوبة ممَّن حولهم.
 
"استغلوا حاجتنا إلى العمل"، يورد الشاب. وكانت الأزمة هي الدافع الأساسي للتوجّه نحو هذا الخيار والوقوع دون علمهم في فخّ استغلاليين لا رحمة لديهم. ولكنّ الدافع الأكبر، وفق الشاب، "هو مساعدة أهالينا في لبنان" إذ كان أمله أن يسافر ويعمل ليحوّل المال إلى أهله لمساندتهم أيضاً في هذه الأزمة. 
 
الوسيط أخلّ بالاتفاق
 
بالتواصل مع مدير مكتب السفر الذي سافر الشبان عن طريقه إلى أبيدجان، وللاستيضاح عمّا حصل، يشرح المدير لـ"النهار" من وجهة نظره ما حصل.
سافر الشباب بناءً على أنّ وظائفهم مؤمَّنة، "لكن الشخص الذي يتعامل معه المكتب لتأمين هذه الوظائف نقض بعهده معنا". وفيما تُرك الشباب حتّى أمس، دون أيّ متابعة، يوضح المدير السبب أنّه "كان من المفترض أن يؤمِّن شخص لهم الوظائف هناك، لكنّ الأمر لم يتيسّر، وعادة لا يقدّم المكتب خدمات سفر لوظائف، لكنّ الشخص الذي تعاملنا معه لم يصدُق و"وقعت براسنا". وعلى أثر نقض هذا الوسيط للاتفاق مع المكتب، رفع المكتب دعوى قضائية عليه.  
 
ويشرح المدير أنّ المكتب تأخّر عن متابعة الشباب "نظراً لأنّ المشكلة متشعِّبة واستغرق أمر حلّها وقتاً اعتقد فيه الشباب أنّ المكتب تركهم". ويؤكّد "استعدادنا لإعادة المبالغ التي دفعها الشباب، ونحن على تواصل معهم وهم راضون، ومَن يريد العودة إلى لبنان هو قادر شئ ششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششش على ذلك بموجب تذكرة سفره". ويتواصل المدير مع ذوي الشباب للمجيء إلى المكتب لإعادة المبالغ لهم، و"أكّدنا للشباب حقّهم لدينا، وسنقوم بإعداد كتاب براءة ذمة لدى الكاتب العدل ليستلّمه ذويهم في لبنان ويتقاضوا المبالغ"، وفق المدير. 
 
ويلفت إلى أنّ "لن أشوّه سمعة مكتب عمره 40 عاماً من أجل 3 شبان، كما أنّه لا يجوز التشهير بهذه الطريقة بالمكتب، فهو يضمّ، ما يفوق الـ20 موظفاً قد تصبح وظائفهم مهدّدة".
 
سواء أكان ما حدث ناتجاً عن خطأ مقصود أو غير مقصود من قِبل مكتب السفر، لا بدّ من الانتباه إلى الإعلانات الوظيفية، التعقّل في الاختيار والتأكّد من التفاصيل كلّها قبل اتّخاذ أيّ قرار بالسفر، فلأجل ما عاناه الشباب، يصدق المثل القائل "زوان بلادي ولا قمح الغربة". 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم