الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

سمعتها في الحضيض... "بوينغ 737 " تثير مخاوف جديدة حول السلامة العامة

المصدر: "النهار"
فرح نصور
طائرة "بوينغ 737 ماكس".
طائرة "بوينغ 737 ماكس".
A+ A-
بعد تحطّم طائرة من طراز "بوينغ-737" تابعة لشركة طيران شرق الصين على متنها 132 شخصاً في جنوب غرب الصين، في حادثة تُعدّ الأكثر دموية منذ عام 1994 في بلدٍ شهد تحسناً كبيراً في سلامة الطيران، عادت المخاوف من طائرات "بوينغ" إلى الواجهة.
 
في آذار 2019، كانت الصين أول دولة في العالم تأمر شركات الطيران المحلية بتعليق رحلات 737 لأسباب تتعلق بالسلامة بعد حادثتين في غضون بضعة أشهر أدّتا إلى مقتل 346 شخصاً. ورفعت إدارة الطيران المدني الصينية حظرها لطائرات "بوينغ 737 ماكس"، في كانون الأول الماضي.
 
وكانت شركة "بوينغ" تترقّب هذا القرار، إذ تُعدّ الصين سوقاً مهمّة لها. وقد اشترطت الهيئة الصينية الناظمة لمعاودة استخدام الصين طائرة 737 ماكس، إجراء تعديلات فنّية على هذا الطراز من أجل ضمان سلامة الرحلات. وكانت الصين آخر دولة كبرى ترفع حظر الطيران عن هذه الطائرات.
 
تفتح هذه الحادثة الباب على مخاوف جديدة بشأن السلامة، إذ تكرّرت حوادث عديدة من هذا الطراز في السنوات الأخيرة، رغم ندرة حوادث الطيران. كيف ينعكس تكرار حوادث طائرة "بوينغ 737 " على سمعتها ومبيعاتها؟
 
 

نشر موقع Forbes مقالاً في مطلع عام 2020 يورد فيه أنّ شركة "بوينغ"، ضاعفت خسائرها الناجمة عن إيقاف "737 ماكس" إلى نحو 19 مليار دولار، لتكون أوّل خسارة سنوية للشركة منذ عام 1997.
 
وبعد تحطّم طائرتين من طراز 737 ماكس في 2018 و2019 وقُتل فيهما 346 شخصاً، اضطرّت "بوينغ" إلى دفع أكثر من 2،5 مليار دولار لتسوية التهمة الجنائية.
 
هذا الطراز تعرّض لنكسة فور طرحه في السوق من جراء خلل تقني في أسطوله، وذلك حتى قبل انتشار الجائحة، حتى وصلت أسهمها إلى الحضيض، ما كبّد الشركة خسائر جمّة، حاولت بعدها استعادة ثقة الناس والدول.
 
انحدار "بوينغ" يهدّد مستقبلها
 
وقد عمل مجتمع النقل الجوي لسنوات على تعزيز السلامة العامة، لدرجة أصبح فيها الطيران من أكثر وسائل النقل سلامة. لذلك، غياب السلامة في إحدى الطائرات، يمكن أن يكسر عراقة شركة "بوينغ" وسجلها الحافل، لناحية التصنيع والتجارة، بحسب أستاذة إدارة الطيران في جامعة Surrey في بريطانيا، الدكتورة نادين عيتاني. فمنذ حظر تحليق طراز 737 ماكس، تكبّدت الشركة أكثر من 20 مليار دولار خسائر مباشرة إضافة إلى خسارة أكبر وهي حصتها في السوق تجاه منافستها الأقوى وهي شركة "إيرباص". وقد سجّلت حصة "بوينغ" من السوق العام الماضي تراجعاً كبيراً لتصل إلى 35 في المئة مقابل 65 في المئة لشركة "إيرباص" التي تقدّمت عليها.
 
عدد كبير من شركات الطيران ألغى عقوده وطلباته مع "بوينغ" لاستبدالها بـ"إيرباص" ما أثر على سمعتها ومبيعاتها على نحو هائل، حتى هبط سهم "بوينغ" في الأسواق العالمية نحو 9 في المئة.
 
لذلك، خسارة الشركة في الأسواق جاءت في وقت دقيق جداً تعاني فيه الشركات أساساً من جراء جائحة كورونا. وما حدث مع "بوينغ"، في السنوات الأخيرة حتى الآن، قد يغيّر مستقبلها.
 
 
 
ما هي المخاوف المستجَدّة من "بوينغ 737"؟
 
المخاوف من طائرة "بوينغ 737 ماكس" بالتحديد بشأن السلامة مبرَّرة، وفق عيتاني، خصوصاً أنّ سجلّ السلامة لهذا الطراز غير جيّد، بحيث سجّلت أكثر من حادثة، أثبتت بعد التحقيقات فيها، أنّ أسباب الحوادث هي نظام تعزيز المناورة، وهو النظام الذي أدخلته "بوينغ" بعد تعديل في تصميم الطائرة وبالتحديد في المحركات.
 
وإذا ما ثبت أنّ هذا النظام كان أيضاً السبب وراء حادثة تحطّم الطائرة الصينية اليوم، فسيفتح ذلك تحقيقاً كبيراً جداً خصوصاً بعد منع هذه الطائرة من التحليق لمدة أكثر من 20 شهراً، وهي أطول فترة يُحظر فيها طراز معيَّن من التحليق، في تاريخ سلامة الطيران.
 
وفيما تم تحديد الخلل في هذا الطراز، وبعد حظر تحليقها، أصلحت الشركة هذا الخلل وخضعت أنظمة الطائرات هذه لرقابة مشدَّدة ولاختبارات وموافقة من سلطة الطيران المدني في الولايات المتحدة الأميركية، وعاودت الدول بعد ذلك، تدريجاً، السماح لهذا الطراز بالتحليق.
 
 
إذن، هل يمكن اعتبار حوادث بوينغ 737 الحديثة، اعتيادية؟
 
تجيب عيتاني أنّ هذه "الحوادث ليست اعتيادية طبعاً". فاستخدام التكنولوجيا في قطاع النقل الجوي يزيد ويعزّز السلامة العامة، والتكنولوجيا تؤمّن صلاحية الطائرات وتحمي بشكل وقائي حتى.
 
لكن المفهوم الأساس في هذا الإطار، بحسب عيتاني، هو "ثقافة السلامة" المعتمَدة لدى كل شركة مصنِّعة للطائرات، لأنّ هناك منافسة تجارية في ما بينها والاستثمار والأبحاث والتطوير واختبار أنظمة جديدة بحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة. وفي بعض الأحيان، قد تحاول الشركات اختزال هذه النفقات دون تكثيف الاختبارات.
 
وفي مقالة نشرتها صحيفة "النيويورك تايمس" في كانون الأول الماضي، أوردت فيه أنّه في تشرين الأول 2021، وجّهت هيئة محلفين فيديرالية كبرى لائحة اتهام ضد طيّار اختبار سابق لشركة "بوينغ" يُدعى مارك فوركنر، متهمة إيّاه بخداع إدارة الطيران الفيديرالية والتخطيط للاحتيال على شركات الطيران أثناء تطوير ماكس 737، حيث تحطّمت اثنتان منها في غضون خمسة أشهر، ما أدّى إلى مقتل 346 شخصاً.
 
وبينما يبدو أن فوركنر خدع المنظمين وضلل العملاء، فإنه لم يكن المسؤول الأكبر عن حادثتي 737 ماكس، اللتين وقعتا في 2018 و2019.
 
فكما يوضح بيتر روبسون في كتابه "Flying Blind: The 737 Max Tragedy and the Fall of Boeing" ، يقع اللوم النهائي في الحوادث، على عاتق المديرين التنفيذيين الذين يتقاضون رواتب عالية، والذين شنّوا حملة استمرّت عقوداً لتحويل شركة "بوينغ" من شركة كان يحكمها في يوم من الأيام مهندسون دخلوا عنوةً إلى وول ستريت "واحدة من أكثر المخلوقات الصديقة للمساهمين في السوق"، ما حوّل انتباه الشركة بعيداً عن أعمال إنتاج طائرات مصمَّمة بطريقة ممتازة، نحو مسألة تحقيق الأرباح للمساهمين.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم