الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

شركات لبنانيّة تتحوّل إلى العمل من المنزل... ماذا عن إنتاجية الموظفين؟

المصدر: النهار
فرح نصور
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
يتبدّل عالم الأعمال وتتغيّر معالمه بعد انتشار فيروس "كورونا" وما فرضه من إغلاقٍ للبلاد وحجر منزلي إلزامي، ونقل مكاتب العمل إلى المنازل، وتغيير وجه الوظائف في المستقبل. 
 
وبدأ عدد كبير من الشركات باعتماد العمل من المنزل، ليس فقط خلال إعلان الإقفال التام في البلاد، إنّما كطريقة عمل ثابتة غير موقّتة، تنسحب على المستقبل القريب والبعيد. نعرض في هذا التقرير نموذجاً عن بعض الشركات في قطاعاتٍ مختلفة في لبنان، تتّخذ هذا الاتجاه، ونسأل عن علاقات العمل من المنزل بالإنتاجية، هل يؤثّر سلباً أم إيجاباً؟  
 
Hayek Group
 
تعمل شركة Hayek Group  للهندسة منذ فترة وجيزة على توظيف أشخاصٍ جُدد للعمل من منازلهم بهدف تنفيذ مشاريع للخارج، وأصبح الـ remote business شائعاً ومهمّاً جداً، وخصوصاً في ظل الظرف الاقتصادي الذي يعيشه العالم.
 
وبحسب مدير عام الشركة، عبد الله حايك، فإنّ جميع نشاطات الشركة مبنيّة حالياً على تأمين وظائف في لبنان لشركات في الولايات المتحدة الأميركية، تابعة للشركة، وجميعها من بُعد. وهذا الأسلوب في العمل مفيدٌ جداً ويوفّر النفقات على أصحاب الشركة، إذ تقلّصت المساحات ولم يعد هناك حاجة لوجود مساحة عمل، وغابت نفقات الاتصالات والكهرباء، والشركات في طور تقليص مكاتبها وتوفير كلفة الإيجار. بالإضافة إلى أنّ العمل من المنزل يناسب جداً الموظفين ويريحهم، ولا يعانون في زحمة السير ولا يعيشون تحت ضغط الوقت، وأسلوب هذا العمل سيستمر لوقتٍ طويل، والموظفون سيوفّرون كلفة النقل والمصاريف الأخرى اللازمة للحضور إلى المكاتب. فضلاً عن أنّ الرواتب يمكن أن تتقلّص، أي أن الموظّف أصبح يقبل بتقاضي 1500 دولار بدلاً من 2000 دولار بحال عمله من المنزل، وبذلك يوفّر صاحب العمل النفقات ويفضّل الموظّف ألّا يتواجد في مكتبٍ مكتظّ.
 
وتنسيق العمل وتوزيع المهام، وفق حايك، لم يكن صعباً بالتحوّل إلى المنزل. فالشركة، وبحكم أنّها متعددة الجنسيات، تعمل مع عملاء في الخارج وبالتواصل مع الشركات التابعة لها هناك أيضاً، وتقوم بجميع اجتماعاتها عبر الإنترنت. وينطبق الأمر كذلك على العمل داخل لبنان، فالمهندس الذي يرسم خريطته في المكتب أصبح يرسمها في منزله، ويبقى المكتب للإداريين فقط، فالعمل يسير بشكلٍ جيّد دون أي معوقات باستثناء مشكلة الكهرباء والإنترنت.  
 
أما إنتاجية الموظّفين، وفقاً لطبيعة عمل الشركة، لم ولن تتأثّر، برأي حايك، لكنّ المشكلة تكمن في تأمين ظروف عملٍ جيدة، والوضع الاقتصادي الحالي لا يسمح للموظف بالإنتاج في غياب المشاريع في البلد في الوقت الحالي، إذ كانت الشركة تستلم نحو ثمانية مشاريع سنوياً، أمّا الآن، فتقلّص العدد إلى مشروعٍ واحد، بينما لو كان الوضع طبيعياً، فالعمل من المنزل يرفع الإنتاجية، ويعطي نتيجة وكأنّ الموظّف في المكتب.
 
I- Engineering
شركة  I- Engineering  للاتصالات والبنى التحتية، بدأت تطبيق العمل من المنزل منذ 13 آذار الماضي، أي مع بداية الحجر المنزلي الأول في لبنان. لكنّ هناك موظفين لا تسمح لهم طبيعة عملهم بالعمل من المنزل مثل الإداريين والتنفيذيّين.  وضمن استراتيجية العمل من المنزل، زادت كثيراً الاتصالات الهاتفية والاجتماعات أونلاين، بطبيعة الحال، فأصبح العمل كلّه يقوم على الاتصالات بين الموظفين، في السابق كان التواصل شخصياً ومباشراً في المكاتب، بالإضافة إلى استخدام برنامج موحّد يعمل عليه جميع الموظفين. لذا كان العمل من المنزل شبيهاً بالعمل من المكتب على الموظفين.
 
وتوضح المشرفة على الموارد البشرية في المؤسسة، والمسؤولة عن علاقات الموظفين وعن العلاقات الاجتماعية، مريم الخنسا، أنّ العمل من المنزل لم يحتج تنظيماً خاصاً، ولم يؤثّر قط على إنتاجية الموظفين، بل على العكس، ارتفعت الانتاجية إلى مستويات عالية جداً. ففي المنزل لا حدود لوقت العمل، وفي هذا الإطار، يعمل الموظف وينتج أكثر من المطلوب، ما يدفعه إلى العمل أكثر من العادة، وفريق العمل مسؤول جداً ويعرف تماماً مهامه.
 
وبعد أن تلمّست الشركة هذه النتائج الإيجابية، تفكّر الإدارة جدياً باعتماد صيغة العمل من المنزل في المستقبل والتواجد في المكاتب بشكل متقطّع، وقد تطبّق ذلك في أوائل العام المقبل، إذ إن شكل العمل بالدوام اليومي كالسابق سيتغيّر. ولم يجد الموظفون أي صعوبات في العمل من المنزل، بل يجدون صعوبة في العودة إلى العمل يومياً من المكاتب.
 
Everteam
لم تجد شركة Everteam المطوِّرة للبرمجيات، بدورها، أي معوقات في التحوّل إلى العمل من المنزل، فهي شركة قائمة على الحوسبة، وبالتالي عمل كلّ موظّف يتطلّب وجود حاسوبه معه لا أكثر. ويشرح مسؤول قسم الموارد البشرية في الشركة، جهاد متى، أنّ استراتيجيات العمل بقيت نفسها ولم تتغيّر، إنّما وضع البلد هو الذي تغيّر، والأزمة الاقتصادية أثّرت سلباً على عمل جميع الشركات، لكن زبائن الشركة ما زالوا يتعاملون معها، وفي حال مواجهتهم أي مشكلة تقنية، يمكن معالجتها عن بُعد أو إذا اضطُرّ الأمر تُعالج عبر زيارة للزبون.   
 
تنسيق العمل ما زال كما كان، وسيره استمرّ من المنزل كما لو كان الموظّف في المكتب. ووضع استراتيجية جديدة للعمل لم يكن صعباً بتاتاً، بحكم طبيعة عمل الشركة، و"العمل من المنزل أثّر إيجاباً على الشركة"، إذ ارتفعت الإنتاجية في العمل من المنزل بسبب أنّ الموظف، وهو في منزله، يركّز في عمله ويشعر بحرية أكثر دون التقيّد بدوامٍ أو بوقت استراحة. ويسلّم الموظّفون المهام الموكَلة إليهم في ميعادها، حتى طريقة التعامل والتنسيق بينهم وبين مدرائهم أصبحت أسهل. لذلك، تبحث الشركة ملياً بأن ينتقل جزء من أقسامها إلى العمل من المنزل بشكلٍ ثابت ودائم.
 
وقد اعتمدت الشركة العمل من المنزل منذ بداية انتشار كورونا في لبنان حتى اليوم، ويعمل جميع الموظفين من منازلهم باستثناء الإدارة التي يداوم أفرادها في الشركة. 
 
وفي دراسة نشرها موقع  Harvard Business Review بعنوان: Knowledge Workers Are More Productive from Home، توصّلت إلى النتائج التالية:
 
-يساعد الحجر المنزلي على التركيز على العمل المهم حقًا، فنحن نقضي وقتًا أقل بنسبة 12 في المئة في الاجتماعات الكبيرة و9 في المئة وقتًا أطول في التفاعل مع العملاء والشركاء الخارجيين.
 
-يساعد الحجر المنزلي على تحمل مسؤولية جداولنا الخاصة. نقوم بأكثر من 50 في المئة من الأنشطة من خلال الاختيار الشخصي، لأننا نراها مهمة، والنصف الآخر لأنّ شخصًا آخر طلب منا ذلك.
 
-أثناء الإغلاق، نعتبر عملنا أكثر فائدة. ونحن نصنّف الأشياء التي نقوم بها على أنها ذات قيمة لصاحب العمل ولأنفسنا. وينخفض عدد المهام المصنَّفة على أنّها مرهقة من27 في المئة إلى 12 في المئة، وينخفض العدد الذي يمكننا تفريغه بسهولة للآخرين من 41 في المئة إلى 27 في المئة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم