الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الخطر المتفجّر في المرفأ... هذا ما كشفه مسؤول الفريق الألماني لـ"النهار" عن الـ 52 حاوية من الكيمياويات

المصدر: النهار
فرح نصور
صورة حديثة لمرفأ بيروت
صورة حديثة لمرفأ بيروت
A+ A-
بعد الكشف عن وجود 52 حاوية من الموادّ الكيمياوية المخزَّنة، التي وصفتها الشركة الألمانية الموكَلة معالجة هذه الموادّ بقنبلة المرفأ الثانية، أنهت الشركة أعمالها ووضّبت الموادّ جميعها تمهيداً لشحنها إلى ألمانيا، بموجب الاتفاقية التي أبرمتها مع الدولة اللبنانية.
 
مَن المسؤول عن وجود هذه الموادّ منذ عام 2009 حتى اليوم؟ مَن هم أصحابها ولماذا لم يتم التخلّص منها طيلة هذه السنين؟ وهل فعلاً تشكّل قنبلة بيروت الثانية؟
 
مسؤول الفريق الألماني من شركة "كومبي ليفت" الموكَلة معالجة الموادّ الكيمياوية في مرفأ بيروت، مايكل ونتلر، وفي حديث خاصّ لـ"النهار"، أوضح: "أنهينا معالجة الموادّ الكيمياوية المخزّنة الموجودة في مرفأ بيروت ونوضّبها تحضيراً لشحنها إلى ألمانيا". 
 
وفي السؤال عن وجود حاويات وموادّ إضافية بعد، يقول ونتلر: "أعتقد ذلك لكن لا يمكنني جزم ذلك 100%، لكن العقد الذي أبرمناه لمعالجة الموادّ انتهى، ولا أعرف بالضبط نوع الموادّ الكيمياوية الموجودة وكميّتها في المرفأ، ومسؤولية الجيش وإدارة المرفأ معرفة ما هو مخزَّن فيه. نحن دققنا في 52 حاوية فقط لكنّنا لا نعلم ما في داخل المرفأ، فنحن لدينا فقط معلومات عن الـ52 حاوية التي تحقّقنا منها بأنفسنا، ووضعنا خطّتنا لمعالجتها ولم نرَ حاويات أخرى".
 
 
وعن مدى خطورة وجود هذه الموادّ على السلامة العامّة، يقول ونتلر: "نتعامل مع موادّ كيمياوية قديمة، وهناك أنواع مختلفة منها، ومعظمها شديد الخطورة على البيئة والمياه. وهناك أيضاً موادّ خطيرة جداً على الأرواح وعلى سلامة الناس، إلا أنها ليست بذات كمية نيترات الأمونيوم التي سبّبت انفجار المرفأ. لكن إن فتح أحدهم حاوية واحدة من هذه الحاويات وتنشّق ما بداخلها، يمكن أن يموت فوراً لخروج غاز سامّ بدرجة عالية من هذه الموادّ، لكن من الصعب القول إنّها بنفس حجم خطورة الموادّ التي سببت انفجار 4 آب". 
 
 
وأفاد السفير الألماني لدى بيروت أندرياس كيندل على "تويتر"، بـ "إتمام" الجزء الأول من المهمة بعدما "عالجت شركة كومبي ليفت 52 حاوية من الموادّ الكيميائية الشديدة الخطورة، التي تراكمت على مدى عقود وشكّلت تهديداً للناس في بيروت". وأضاف: "باتت جاهزة للشحن إلى ألمانيا".
 
وقد وقّع لبنان في تشرين الثاني الماضي عقداً مع شركة "كومبي ليفت" الألمانية بقيمة 3,6 ملايين دولار للتخلّص من "موادّ خطيرة قابلة للاشتعال"، بعد اكتشاف تخزينها في مرفأ بيروت الذي شهد انفجاراً مروّعاً قبل ستّة أشهر تسبب بمقتل أكثر من مئتي شخص، وإصابة أكثر من 6500 وألحق أضراراً جسيمة بالمرفأ الرئيسي في البلاد وعدد من أحياء العاصمة.
 
إجراءات السلامة داخل المرفأ
 
وفي السياق، يؤكّد المدير العام لمرفأ بيروت بالتكليف، باسم القيسي، لـ"النهار" أنّه "تم الانتهاء من توضيب 52 حاوية من الموادّ الكيمياوية المخزَّنة، وستُشحن قريباً في غضون أسبوع أو 10 أيام. لأنّ أمراً كهذا يخضع لبروتوكولات ما بين وزارة البيئة اللبنانية ووزارة البيئة الألمانية ويتطلب التوقيع على مستندات معيّنة، وقد تم تقديم ثلاثة ملفات كبرى لوزارة البيئة، مشكورة جداً لتعاونها بسرعة عالية، وستُرسل إلى ألمانيا ريثما تصل الباخرة لشحن الموادّ". 
 
وعن وجود كميات أخرى من الموادّ المخزَّنة، يقول القيسي بأنّ "هذا الكلام غير دقيق، فمرفأ بيروت كما جميع مرافئ العالم، يستورد بشكل دائم حاويات من الموادّ الـ hazardous، كموادّ التينر وصبغة الشعر والأسيد الذي يُستخدم في مصانع الأدوية وغيرها، لكن يجب ألا تبقى هذه الموادّ لمدة طويلة في المرفأ. تمّت معالجة 52 حاوية اليوم، والجيش يكشف باستمرار على المرفأ". 
 
وفي السؤال عن سبب بقاء هذه الموادّ لسنين في المرفأ، أجاب القيسي بأنّ "هذا ما كشفتُه للمرة الأولى على الإعلام بعد تسلّمي مهامّي بنحو أربعة أيام وفور اكتشافي وجود هذه الموادّ، لرفع المسؤولية عنّي في حال وقوع أيّ انفجار آخر. فأنا كشفت عن 49 حاوية، وبعد التدقيق تبيّن أنّ هناك حاويات بموادّ كالفحم وتُعدّ ضمن الموادّ الـhazardous لكن يمكن معالجتها محلياً"، مضيفاً: "اتخذتُ خطوات جريئة واستطعنا التخلّص من هذه الموادّ خلال شهرين، فيما هي مخزَّنة منذ 13 عاماً، وحميت اللبنانيين بقدرة الله".
 
وفيما من المستغرب وجود محتويات كهذه في المرفأ لمدة سنوات، يفيد تقرير الشركة الألمانية الموكَلة معالجتها، عمّا وجدته في المرفأ، بأنّه لا بيانات عن هذه الموادّ ولا مستندات عن مالكيها. وهذا ما يؤكّده أيضاً القيسي، "فهي موجودة في المرفأ منذ 2009، ولدى تسلّمي مهامي في منتصف آب، وفور اكتشافنا وجودها، حاولنا البحث عن أصحابها، واستطعنا معرفة البعض منهم. لكن السؤال الذي يُسأل، لماذا لم يتم إخراجها وتخليصها من المرفأ؟ لا يمكن معرفة السبب، لكن وجود هذه الموادّ من 2009 حتى اليوم لا مبرِّر له، ومَن يدفع ثمن هذا الإهمال هو المواطن وإدارة المرفأ التي كانت تجلس على قنبلة موقوتة". 
 
ومنعاً لتكرار أمور كهذه، يشرح القيسي بأنّه وضع الآن تعميماً وشروطاً جديدة تقضي بوجوب إخراج وتخليص جميع الموادّ الـ hazardous من المرفأ خلال 30 يوماً من وصولها إليه، كما يجب على المستورِد تعبئة استمارة بيانات عن سلامة وأمن الموادّ، وعليه تقديم شهادة بالتركيبة الكيمياوية لهذه الموادّ. 
 
لكن بما أنّ المرفأ يستقبل موادّ كيمياوية خَطِرٌ تخزينها، ألا يُفترض وجود شروط السلامة هذه في المرفأ كضرورة منذ وقت طويل؟ 
يجيب القيسي بأنّ "إجراءات السلامة موجودة لكن السؤال هو لماذا لا تُطبَّق؟ وقد تفتقر هذه الشروط إلى الدقة التي وضعتها في التعميم الجديد. فمثلاً، يفرض قانون الجمارك كحدٍّ أقصى 90 يوماً لوجود موادّ كهذه، أو تُباع في المزاد العلني أو تُتلف، بالإضافة إلى أنّه ليس لدى مختلف الجهات كفاءات لتلف أنواع معيّنة من الأسيد".
 
وفي إطار التدابير المتخذة لتأهيل موظّفي المرفأ بشأن السلامة العامّة، والتعامل مع الموادّ الشديدة الانفجار، يوضح القيسي بأنّه "درّبنا موظفين في المرفأ وفي الجيش وفي الأمن العام بالتعاون مع "فلينسيا بورت"، ومع شركة أتت من مصر لتدريبهم وفق قوانين الـ IMO والـ IMDG العالمية".
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم