السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أزمة النقل تتفاعل مع ارتفاع سعر البنزين... ما الحلّ؟

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
فوضى الطوابير ("النهار").
فوضى الطوابير ("النهار").
A+ A-
في موضوع المواصلات والنقل العام، لبنان بانتظار المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة، لا فرق. وقد طرح وزير الأشغال العامة والنقل مع السفيرة الفرنسية في لبنان موضوع المساعدات في قطاع النقل، أثناء زيارة قامت بها إلى مبنى الوزارة. فإذا حصل لبنان على هبة من الباصات، وفق طموح وزارة الأشغال، نصبح في مرحلة إعادة هيكلة القطاع "المستباح"، حيث تشتدّ حاجة المواطن، خصوصاً العامل، إلى نقل يخفّف عنه أعباء النفقات المالية. فالعامل اللبناني بمختلف فئاته سيعجز في المستقبل المنظور عن تأمين تكلفة النقل، وثمن بنزين سيّارته؛ وما تحتاجه وزارة الأشغال لتأمين النقل على كامل الأراضي اللبنانية باصات فرنسية ملائمة.
يأتي تمنّي وزارة الأشغال من ضمن "الهجمة" اللبنانية الشاملة استجابةً لتحدّي رفع الدعم عن المحروقات، إذ تأهّبت أطراف العملية الإنتاجية ومن ورائهم الدولة للمواءمة بين رواتب الموظّفين وتكاليف النقل، لأنّ رواتب الموظفين لم تعد تؤمّن لهم الوصول إلى أماكن عملهم، وتكاد تكاليف النقل تغلب عائدات العمل الشهرية.

جميع الخطوات الحالية التي تحاول الحكومة الجديدة القيام بها معلّقة على شروط؛ فالبحث في لجنة المؤشر حول كيفية تصحيح الأجور مرتبط بالتوصّل إلى حلّ لضبط سعر صرف الليرة اللبنانية. ومن جهة ثانية، العمل على إيجاد حلّ لأزمة النقل العام ربطته وزارة الأشغال بهبات خارجيّة. والمعروف أنّ تثبيت سعر الصرف والحصول على هبات مرتبطان بكيفية التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
 


وردّاً على سؤال "النهار" حول كيفية تمويل مشروع النقل العام في لبنان، أطلعنا وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية على بحثه مع "السفيرة الفرنسية في إمكانية إعطاء هبة تتيح للبنان تأمين باصات تغطي جميع المناطق"، وأعرب عن أمله في "أن يحصل تعاون إيجابيّ في هذا الشأن"، من دون الوقوف عند عينية الهبة أو ماليّتها، فما يهمّ الوزير حميّة "أن تسير باصات النقل على كامل الأراضي اللبنانية". بالنسبة للوزير جميع القطاعات العامة والخاصّة والعسكرية أمام ظرف حرج، ويجب تأمين وصول الموظّفين إلى أماكن عملهم.

على أرض الواقع، مشهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود بات اعتيادياً، لكن الجديد هو ارتفاع أعداد العناصر الأمنية التي تنتظر الباصات العسكرية للوصل إلى نقاط خدمتهم. يمكن للجميع أن يلاحظوا هذا الأمر صباح كلّ يوم في مواقع توقّف هذه الباصات. صحيح أنّها موجودة منذ مدّة طويلة، لكن مشهد انتظارها اختلف.

وإن كان الجميع يعاني من الوقوف أمام المحطات أو من عدم الحصول على البنزين، فإنّ الوضع المستجد يتمثّل بأنّ الراتب لن يكفي العامل إلّا مدّة أيّام في العشريّة الأولى من الشهر لتعبئة البنزين والوصول إلى العمل.

أمام هذا الواقع، أوضح رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير لـ"النهار" أنّهم "منفتحون على جميع الخيارات. فالهيئات تريد أن يكون هناك استقرار اجتماعيّ في البلد". لكنّ شقير يؤكّد أنّ الاتجاه نحو أيّ حلّ من دون معالجة أزمة سعر الصرف وتثبيت الليرة سيكون من دون جدوى، وذلك بعد أن أعلن المكتب الإعلامي لوزير العمل مصطفى بيرم أنّه سيُطلق قريباً عمل لجنة المؤشّر للنّظر في معالجة رواتب وأجور العاملين في القطاع الخاص، والتي كانت قد توقّفت عن اجتماعاتها منذ العام 2014. وستضمّ هذه اللجنة أطراف الإنتاج الثلاثة: الحكومة وأرباب العمل والعمال. وتقوم هذه اللجنة بدراسة التّضخم والأوضاع ومؤشّرات "ماكرو" اقتصادية في البلد لتحديد الحدّ الأدنى للأجور العادل، والذي يضمن استمرارية جميع الأطراف. بالنسبة إلى شقير، أمر غير سليم أن "يكون الحدّ الأدنى للأجور في القطاع العام مختلف عن القطاع الخاص".

وشدّد شقير على أنّ "أغلب المؤسسات والشركات الخاصّة رفعت أجور موظفيها"، لافتاً إلى أنّ "هذا الارتفاع في الرواتب غير كافٍ". أمّا بالنسبة إلى بدل النقل، فبعد رفع الدعم عن المحروقات واتضاح الصورة "بات بالإمكان تحديد بدل النقل العادل للموظفين، فلا يمكن تصوّر أن يدفع الموظف أكثر من راتبه للوصول إلى مكان عمله".

وسط كل الأزمات والويلات التي يعيشونها، يأمل العمّال من اتحادهم العام المزيدَ بعد. فالبيانات لا تنفع، والاستنكار أيضاً. لا شيء سوى اجتماعات ووعود، والسير في الطريق المرسوم مسبقاً. تحرّكه الأخير طرح علامات استفهام عدّة في توقيته، ولكنه أثار الاستغراب أكثر بعد توقّفه. يتذرّع المسؤلون في الاتحاد العمالي العام بأنّ الإضراب استمرّ في القطاع العام، لكنّ العاملين في هذا القطاع استفادوا من الانقطاع عن أماكن عملهم في ظلّ أزمة البنزين وارتفاع سعر المادّة، واستفادوا أيضاً من برنامج العمل الجديد الذي يسمح لهم بالمداورة على حساب المماطلة بمعاملات العاملين في القطاع الخاص الذين استمرّوا في عملهم بشكل اعتياديّ.
 


بالنسبة إلى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر "لا بدّ من معالجة ملحقات الأجر التي يجب أن تكون متحرّكة وتواكب الزيادة على المحروقات بشكل دوري"، وأشار لـ"النهار" إلى أنّ "تكلفة التنقّل داخل العاصمة بالنسبة إلى الموظف أصبحت نحو 50 ألف ليرة لبنانية يومياً".

وقال الأسمر إنّ "المنح المدرسية يجب إعادة النظر بها لأنها غير كافية"، لافتاً إلى أنّ "الاتحاد باشر جولة مفاوضات مع وزارة العمل، وأصحاب العمل. وهذه مرحلة تضحيات من قبل الجميع، لكن يجب إنصاف الموظفين والبحث في أصل الأجر والملحقات. وبرأي الاتحاد، الحدّ الأدنى العادل للأجور هو 7 ملايين ليرة لبنانية". وأضاف الأسمر أنّ "الأرقام قابلة للنقاش، ومن الممكن أن يكون أقلّ في حال كان هناك خدمات أخرى مثل الطبابة المجانيّة، والنقل العام المؤمّن وغيرهما".

يكون لبنان بذلك أمام ضرورة وضع خطة نقل عام تغني الموظفين عن الاستعانة بسيّاراتهم الخاصة، بعد أن أصبحت تكلفة صيانتها وتزوديها بمادّة البنزين أكثر من قدرة المواطن. لذلك طلب حمية "تقريراً عن الآليّات القديمة حتى يطّلع على حالتها وكيفية الاستفادة منها".

خلال ولايته، وفي فترة تصريف الأعمال، قال الوزير السابق للطاقة والمياه ريمون غجر إنّه يتوجب على المواطنين إيجاد بدائل أقلّ تكلفة للتنقل. لكن حكومة غجر نفسها هي التي كرّست قرض البنك الدولي بقيمة 295 مليون دولار (الذي كان لتمويل تطبيق خطة نقل في بيروت) للبطاقة التمويليّة التي أعلنت الحكومة السّابقة إطلاقها والتسجيل فيها، لكنها لم تعلن عن تاريخ بدء الدفع ووضعها حيّز التنفيذ.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم