الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

هنَّ!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
من اللوحات الفنيّة.
من اللوحات الفنيّة.
A+ A-
"كلّ واحد منّا عندو حكايات"، وانطلاقاً من هذا الإدراك الهادئ الذي يفيد بأن المرأة غالباً ما تعيش حياة تستريح على عدم المساواة والتحيّز، يطلّ معرض "هنَّ" الجماعي في فُسحة الفن (Art Space) التابعة لمجمّع ABC في فردان للحتفال بكل ما تُجسّده المرأة من تناقضات وجنون وحروب داخليّة، وأخرى تخوضها على نطاق العالم الخارجي في إطار سرد قصصي، يتجسّد بمختلف الوسائط الفنية. 44 فنانة و16 فناناً يجتمعون حتى 28 من أيار، في الطابق الثالث، وتحديداً في الفُسحة المديدة المُخصّصة لكل ما له علاقة بالفنون، ليَرْووا لنا عشرات الزوايا التي يُعالجونها، وفي بالهم المرأة وتاريخها المحفوف بالانكسارات والانتصارات ومواجهات ضارية مع المجتمع وسوء فهمه المُزمن لجموحها.
 
 
وفي حين تمّ افتتاحه في اليوم العالمي للمرأة في الثامن من الجاري، نستطيع زيارته حتى الـ28 من أيار لما يتضمّنه من مشاريع وأفكار وأعمال فنيّة تحتاج إلى الوقت لنتمكّن من الغور في حناياها ورسائلها المُستترة.
 
القيّمتان على المعرض آيا أبو هواش ورنين الحمصي تؤكّدان لنا أن أهميّة هذا المعرض الجماعي تكمن بالسرد القصصيّ والتواصل من خلال الفن (والمقصود هنا بطبيعة الحال تواصل المرأة مع المجتمع من خلال مختلف الوسائط الفنيّة)، وصولاً لضرورة إبراز القوّة الكامنة في الفن. وهذه القوّة، بحسب ما تؤكّد لنا آيا أبو هواش، التي تعرض أعمالها أيضاً في هذا الحدث الجماعي، "نحن بأمس الحاجة إليها كنساء".
 
 
 
 
من خلال عيون الفنانين المحليين الذين تعاملوا مع المرأة كموضوع محوريّ، يُمكن مُعالجته من عشرات الزوايا المُختلفة، يُمكن للزائر أن يمشي الهوينا وسط هذه الحقول الافتراضيّة، التي تحتفي بالإنجازات والانكسارات والتحدّيات من خلال المُخيّلة قبل فرشاة الرسم أو الأدوات الفنية الأخرى، التي كانت صلة الوصل ما بين العوالم الداخليّة وكلّ ما له علاقة بالخارج، بانشغاله بالقوانين وتلك القسوة التي تُلغي الحلم.
 
وبالنسبة لرئيسة مجلس إدارة الـ(ABC)، والمديرة التنفيذية في المجمّع ديانا فاضل، فإنّ النساء عبر القرون انشغلن في وهب الحياة وتربية الأجيال، "وهذه المسؤوليات منحتهن القوّة العظمى لتحويل الألم إلى حب والنضالات إلى أمل والندوب إلى ذكريات".
 
تتراوح أعمار المُشاركين بين الـ25 والـ75 عاماً، ممّا يزوّدنا بنطاق واسع من وجهات النّظر؛ وبما أن لكل واحد من المُشاركين أسلوبه والوسيط الذي يُحاكي رواق الخلق الذي يتبختر فيه، نقف وجهاً لوجه أمام السيراميك، البرونز، الطلاء، المادة الصمغيّة، الألوان الزيتيّة، الفن التلصيقي، التصوير، المنحوتات، الفيديو، والمُلصقات التي يتم وشمها على الجسد وغيرها من الوسائط.
 
 
الفنانون من أصول لبنانيّة، سوريّة، مصريّة، فلسطينيّة، أوروبيّة، وأميركيّة، وقد اتّحدوا لتقديم أكثر من 200 عمل في محاولة لفهم جوهر المرأة.
 
فلافيا قدسي - على سبيل المثال - تقدم لنا في المعرض – الحدث عملاً كبير الحجم، يستريح على الألوان الزيتيّة. وكانت الفنانة تُنجزه عندما طوّق المدينة هدير ذاك الانفجار بسورياليّته، التي ما زلنا ندفع ثمنها حتى الساعة. وكان من المُمكن أن تتحوّل الفنانة وعملها مجرد ذكرى لولا القدر. كلتاهما نجتا. نعود مع الفنانة إلى الحجر الصحّي؛ إلى الكمامة عندما كانت زينة الوجه التي تخنق النَفس لتحميه؛ وإلى ذاك المساء الذي يسكن الذكريات ويُزخرف الكوابيس.
 
آيا أبو هواش تعالج حالياً الحميميّة، والتاريخ الذي تُعيد الرقابة صوغه، أضف إليهما الذاكرة السياسية في الشرق الأوسط باضطراباته المتواصلة وهزّاته الارتداديّة الأشبه بزلزال يعود دائماً أكثر من مرّة. اكتشاف الذات مسألة تغويها، ولكنها تزوّدها طراطيش سياسيّة – اجتماعيّة وكيفيّة انسيابها في داخل إطار عربيّ يخضع للرّقابة المشدّدة.
 
دزوفيغ آرنيليان تتوسّل جسدها اليافع لتنقل لنا "تصريحاتها" غير التقليديّة، التي تُعبّر من خلالها عن جنسانية المرأة وحريّتها في التعبير عنها وسط مجتمع ذكوريّ.
 
إيما فيرن كورتيس تعيش في فالوغا حيث تعمل في الاستوديو الخاص بها في داخل منزلها. لا يهمّها أن تروي القصص من خلال لوحاتها بتعابيرها الشخصيّة. تسمح للزائر بأن يستخلص العبر، وأن يروي القصص التي تنبثق في اللحظة من مخيّلته.
 
ديانا عساكر مُنهمكة بالمسائل الشخصيّة التي تستكشف من خلالها ذكريات الطفولة المُسيّجة بطيف الحرب والطلقات الناريّة بإيقاعها الموسيقي، وبعدم الاستقرار السياسي، الذي يشلّ الروح قبل الجسد؛ من دون أن ننسى الخوف الذي يضيف الكثير من الرونق إلى الأعمال، لاسيما عندما ينصهر بالهشاشة.
 
 
منار علي حسن بمشروعها الجميل حتى الألم تغوص في يوميات 7 نساء (تشملها أيضاً) يتعاملن مع مرض مُزمن بدّل حيواتهن إلى الأبد. الفيبروميالجيا أو مُتلازمة الألم العضلي الليفي. من خلال صورها الفوتوغرافيّة، التي تندرج ضمن مشروع ضخم يطلّ بالأسود والأبيض لتروي بأسلوب فنيّ ماذا يحصل بعد ليلة كاملة من الألم المُسيّج بالأنين الصامت؟ ماذا يحصل للجسد؟ ماذا يحصل للروح؟
 
- الصور من توقيع فريق العمل في مجمّع (ABC)، والبعض منها مأخوذ من حسابات الفنّانين الشخصيّة عبر إنستغرام، والبعض الآخر تقدمة من آيا أبو هواش ورنين الحمصي.
 
- في موازاة المعرض يُقدّم برنامج ثقافيّ متنوّع ومحترفات فنية مع أكثر من فنان.
 
 
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم