السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

احتفال ضخم في رأس بيروت ومسرح المدينة: سيّدة المسرح و"البولدوزر" يداً بيد لزرع القليل من الفرح!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
برنامج الاحتفال.
برنامج الاحتفال.
A+ A-
الساعة الخامسة صباحاً، "إلّا كم دقيقة"!
 
تصلني منها رسالة صوتيّة مُرفقة بمُلصق الأمسيات التي ستُعيد لشرايين الروح نبضها الغارق في الأسى.

الأمسيات التي نحتاج إليها لنخرج من "يالّلي نحن فيه".
 
والذي نحن فيه، "مش قصّة سهلة!".
 
أبتسم وأنا نصف نائمة، وأجيبها، "ستّ نضال، يللا، وقت يُطلع الضوّ بجاوبك".
 
 
في تمام السادسة، "بتحوص"، وتُرسل بصوتها العميق الشهير المُزخرف بالبحّة، وهي تضحك من قلبها، "ههه، هنادي! بدّي كون فيّقتك من قبل الضوّ. أنا مش منتبهة أدّيش الساعة. هههه. يا حرام إنتِ!".
 
سيّدة المسرح، نضال الأشقر تستيقظ "قبل الضوّ"، منذ صغرها.
تُنهي كلّ أعمالها وقراءاتها وكتاباتها باكراً، عندما يكون الصمت الرفيق الذي يُخفّف من حدّة الظلمة.
 
"يللا، بشرب بعد قهوة، وبنطر ليفيق فؤاد (زوجها الفنان الكبير فؤاد نعيم)، بعملّلو قهوة ومنحكي. هيدا الحدث كبير كتير. هيدا الحدث بيردّ الروح لمسرح المدينة ومعه راس بيروت".

وبعد أكثر من ساعتين، تتّصل بي ضاحكة مجدّداً، "ولك نسيتك. غرقت بالشغل للمسرح. يللا نحكي".
 
مُبادرة حسن الجوار في الجامعة الأميركية في بيروت ومسرح المدينة، يجتمعان لتقديم (الجار للجار)، وهي عبارة عن أمسيات موسيقى وغناء، "لتروحن رأس بيروت"، بحسب السيدة التي "بعدها مش سايعتها الدني". فمن 11 كانون الأول ديسمبر وحتى 29 منه سيكون للميلاد السريع الزوال قليلاً، رونقه. جماليّته. سحره.
 
 
برنامج مُشوّق يستريح على المتعة والفرح والثقافة والفنّ لإعادة إحياء رأس بيروت في هذا الموسم الذي ننتظر هداياه في زمن يطمس الأمل.
 
ستُعيد الأشقر وإلى جانبها مديرة مبادرة حسن الجوار في الجامعة الأميركيّة، الرائعة منى الحلّاق، للمسرح الذي تُعانق الأشقر نزواته منذ أكثر من 26 عاماً، وللشارع الذي يحتضنه، ويحتضن معه قصص العمالقة الذين يبقون وإن فرضت عليهم الحياة الرحيل، الخيط السلس الذي يفصل بين اليأس ومُصافحة المُستقبل وعناقه.
 
قيد سلس.
 
"تعرفين جيّداً، أنّنا نناضل من أجل مسرح المدينة منذ 26 عاماً. وقد اعتدنا أن نُقدّم احتفاليّات خاصّة بعيد الميلاد ورأس السنة. حتى أنّنا، في إحدى السنوات، أقمنا حفلة رأس السنة داخل المسرح".
 
 
واليوم، الأشقر مُصرّة على الاحتفال مجدّداً بالمسرح وبرأس بيروت الراقية والحاضنة لحكايات العائلات البيروتيّة العريقة.
 
كان من المفترض أن تُقام في المسرح حفلة للفنّان خالد العبدالله ونجله. "شوي، حضرت مباردة حسن الجوار مُمثلة بمنى الحلّاق الرائعة، الجدعة، وحبوا يعملوا شغلة كبيرة ليساعدوا المسرح".

فإذا بفريق العمل يتّحد ويقوم بتحسينات للمسرح، "واتّصلت منى بكلّ الفنانين، وصار في 9 حفلات".
 

وبما أنّ البرنامج يتضمّن عرض "مش من زمان" التي كتبتها الأشقر وقامت بإخراجها، وفيها تروي قصة حياتها، "اتّصل بي وزير الثقافة محمّد المرتضى، ليحضر التمارين في المسرح. هذا الرجل مميّز ويريد أن يساعد المسرح. وحفلة (مش من زمان) هي لدعم مسرح المدينة ليقف مجدّداً على رجليه.

ومع انضمام "المبادرة" في الجامعة الأميركيّة، "إزداد عدد الحفلات ليصل إلى 9، وصار الحدث كبيراً. وفجأة انتقلنا إلى التصليحات التي يحتاج إليها مسرح المدينة، والتنظيفات والدهان إلخ".

نضال الأشقر تُلقي التحيّة لمنى الحلّاق، "المُتميّزة. هالمرا بتحطّ كلّ قوتها وخبرتها بكلّ شي عم تعملو. ونحن أيضاً في المسرح، فريق عمل متميّز صرلنا 26 سنة معاً".
 

بالنسبة إلى الأشقر، "ستكون احتفاليّة رائعة، والله بوعدك بهالشي. الجامعة الأميركيّة، ورأس بيروت ومسرح المدينة معاً". تُعلّق قائلة، "يجب أن نشجّع جميعاً المسرح. وبالرغم من أنّ الرغيف باهظ الثمن. لا نستطيع جميعنا أن نضعه على مائدتنا. يجب أن يكون للمدينة روحها. إذا فقدت بيروت روحها لا يبقى أيّ شيء".

تُباع البطاقات في مكتبة أنطوان (باللبناني!)، باستثناء البطاقات الخاصة بحفلة "مش من زمان" التي تُباع في المسرح ليعود ريع الحفلة كاملة لهذه الفسحة الثقافية التي تُعاملها "الستّ نضال" وكأنّها ولدها الثالث. وسيتمكّن 200 شخص فقط من مُشاهدة كلّ حفلة: "فنحن سنلتزم كليّاً بالحماية الكاملة من وباء الكوفيد. ومن هذا المنطلق سيتمّ استعمال 50 % فقط من مساحة المسرح. الأقنعة الواقية إلزاميّة في الصالة وشركة (Rentokil – Boecker) قدّمت خدماتها لتطهير المسرح قبل كلّ حفلة. كما سيتمّ وضع نفق التعقيم عند المدخل".
 

"هنادي، لازم نقول تتروحن راس بيروت، مسرح المدينة ومبادرة حسن الجوار عم يحتفلوا بالسنة الجديدة ويودعوا هالسنة البغيضة، الحزينة".

الاتصال الثاني مع من تصف نفسها بالـ"بولدوزير". الرائعة منى الحلاق التي تمكّنت خلال يوم واحد من أن تخلق البرنامج الذي سعيش لحظاته كاملاً، والذي ينتعرّف من خلاله، إلى أشخاص، " من راس بيروت. يعني كل حياتن فيها. وناس من برّات هالمنطقة".

الحديث مع منى، يختلف عن الحديث مع "الستّ نضال". منى بالفعل "بولدوزر إبداعيّ". تتحدث بسرعة لأن لا وقت لديها لتُضيعه. هي تُشرف على كل شاردة وواردة في البرنامج – الحدث. أضحك مراراً طالبة منها، "بليز، حكي شوي على مهل".
 

في آذار المُنصرم، عندما اجتاح العالم الوباء القاتل الذي يُهددنا يومياً، و"كردّ للأزمة الاقتصاديّة، والحجر الصحّي، قررت مبادرة حسن الجوار أن تُطلق حملة – الجار للجار – لدعم العائلات المحتاجة في رأس بيروت بمساعدة الأساتذة والعاملين في الجامعة الأميركية". وهكذا ولدت التسمية التي تطل من خلالها الأمسيات الـ9 التي سيكون لنا معها وقفات عدّة. ومن أجل هذه الأمسيات التي ستتروحن من خلالها رأس بيروت، كان همّ منى أن تنتعش رأس بيروت. وبالنسبة إليها، فإنّ مسرح المدينة "كتير مهم يضل منتعش". بالنسبة إلى هذه المرأة فإنّ مسرح المدينة "يهمّني كثيراً. نرجع نضخ فيه دماً. حبيبتي نضال". وصحيح أن المسرح لن يستقبل أكثر من 200 شخص داخل الصالة، بيد أن شاشة كبيرة ستُعلّق خارجاً ليتمكّن روّاد الشارع العريق من أن يُتابعوا الحفلات، كما ستُبثّ جميعها مُباشرةً عبر قناة يوتيوب التابعة للجامعة الأميركيّة، ليشعر المغترب بأنّه في رأس بيروت. يعيش معنا اللحظات والانفعالات".

وفي حين أنّ حملة (الجار للجار) تدعم العائلات المحتاجة، بيد أنّ امتدادها بحسب منى "أن يشعر الناس بالقليل من الفرح. يا في المسرح، يا من خلال الشاشات الكبيرة، يا عبر اليوتيوب. الجامعة الأميركية جارة رأس بيروت. والتنان بيفيدوا بعض أو بيضرّوا بعض". والحملة تدخل المنازل المنسيّة، التي يعيش فيها إجمالاً الكبار في السنّ الذين ليس لديهم أحد ليهتمّ بهم. "ندفع لهم شهرياً ما تيسّر ونؤمّن لهم الأدوية. بدأنا بـ20 عائلة واليوم تخطينا الـ200. بيوت مستورة، ما حدن بيجي لعندن".
 

العرض الافتتاحي يوم السبت، يبدأ مع مسيرة الميلاد وعروض موسيقية في شارع الحمراء في تمام الرابعة ويستمر حتى السادسة والنصف. العاملات الأجنبيات يؤدّين الترانيم الميلادية. "5 عاملات من أثيوبيا و5 من سريلنكا". وقفات موسيقية على درج تقلا الشهير ودرج مبنى عساف. موسيقيون من المخيمات الفلسطينية واللاجئين السوريين. وننتقل بعدها إلى حفل الافتتاح في المسرح مع فرقة برنامج زكي ناصيف للموسيقى العربية (التابعة للجامعة الأميركية)، في تمام السادسة والنصف.

تُكمل منى، رأس بيروت، طوال حياتها، ميزتها أنّها جامِعة للعالم والطوائف. استقبلت كلّ الناس. ودفعت ضريبة هذا الانفتاح. ونحن نساعد اللاجئين، وأردنا في البرنامج أن نُظهر الوجه الحضاري لهؤلاء الذين يُساء فهمهم لأنّهم غرباء".

لتنهي منى "البولدوزر الرائعة":"وفي العرض الميلادي في الشارع سنغنّي مع الأطفال من مدارس رأس بيروت الخاصة والعامة تتخلله ثلاثة عروض لموسيقيين صغار من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، بالإضافة إلى مجموعة من العاملات الأجنبيات. وسبع حفلات موسيقية لفرق ومغنين وممثلين محليين رائعين، بدءاً من الوجوه الراسخة إلى الوجوه الشابة الواعدة".

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم