الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

هل تعود أعمال الشغب في فرنسا بالفائدة على مارين لوبن واليمين المتطرّف؟

المصدر: "أ ف ب"
ملصقان للحملة الانتخابية لإيمانويل ماكرون ومارين لوبان في باريس (8 نيسان 2022 - أ ف ب).
ملصقان للحملة الانتخابية لإيمانويل ماكرون ومارين لوبان في باريس (8 نيسان 2022 - أ ف ب).
A+ A-
في أول خطاب لها في البرلمان، مع انحسار أعمال الشغب في فرنسا هذا الأسبوع، اتّهمت زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن الحكومة بتحويل البلاد "جحيماً" كانت قد توقّعته.
 
"الحقيقة أنّكم لم ترغبوا في سماع أيّ من التحذيرات"، قالت لوبن (54 عاماً)، "توقّعنا ما يحدث رغم الصعوبات الشديدة. للأسف كنّا على حقّ".
 
كثيراً ما تحدّثت لوبن ووالدها جان ماري عن زوال فرنسا، بل عن حرب أهلية، منذ أن ركّزت خطاباتهما المتشائمة في سبعينات القرن الفائت على وجود أجانب في فرنسا. ويشكّل نواب حزبها وعددهم 89 نائباً، أكبر حزب معارض في البرلمان منذ انتخابات العام الماضي.
 
وتابعت: "أولاً وقبل كلّ شيء، نحتاج إلى وقف الهجرة الفوضوية".
 
لا تزال تداعيات أعمال العنف الأسوأ في المدن الفرنسية منذ 2005، غير مؤكّدة، ما يثير تكهّنات في شأن الجهة المستفيدة من انهيار القانون والنظام الذي هزّ ملايين الفرنسيّين.
 
سعت لوبن وسواها من اليمين، لإلقاء اللوم في أعمال النهب الواسعة والاشتباكات على مجتمعات من أصول مهاجرة، معظمها من مستعمرات فرنسية سابقة في أفريقيا، استقرّت في ضواحي بلدات ومدن منذ الستينات.
 
رغم اشتعال أعمال الشغب على خلفية اتهامات بممارسة الشرطة القسوة والعنصرية إثر مقتل الشاب نائل (17 عاماً)، وهو من أصول جزائرية في باريس، يشعر عدد من المحلّلين بأنّ وعد اليمين المتطرف بقمع حازم للجريمة والهجرة، يمكن أن يجذب مزيداً من الأشخاص.
 
في الإطار، قال أوليفييه بابو، المؤسّس المشارك لمعهد "سابينز" للدراسات، والذي يميل إلى اليمين، لوكالة "فرانس برس": "أعتقد أنّنا سنرى زيادة بنقاط عدّة لحزب التجمّع الوطني في امتداد للمكاسب اللافتة التي حقّقها في السنوات القليلة الماضية". وأضاف: "من دون أن يفعلوا أو يقولوا أيّ شيء، تساعدهم الأحداث في إقناع جزء من الشعب".
 
سجّلت لوبن أفضل نتيجة لها في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، ونالت 41,5 في المئة في الدورة الثانية، ثمّ احتفلت بنتائج انتخابات برلمانية قياسية بعد شهرين.
 
يوافق جان إيف كامو، الباحث في شؤون اليمين المتطرف لدى "صندوق جان جور"، على أنّ لوبن - بل حتى السياسي الأكثر تطرّفاً والمعادي للإسلام إريك زمور - يبدوان الأكثر احتمالاً لتحقيق مكاسب من أعمال الشغب.
 
وقال لـ"فرانس برس": "هناك خطر أن يستفيد إريك زمور ومارين لوبن من الوضع، وخصوصاً خلال الانتخابات الأوروبية المرتقبة العام المقبل".
 
 
ردّ الحكومة
سعت الحكومة للردّ على الخطاب الذي يدفع به اليمين المتطرف وحزب الجمهوريين، والقائل إنّ المهاجرين هم المسؤولون عن الاضطرابات التي تضرّر فيها 273 مبنى تعود إلى قوات الأمن و168 مدرسة. وقد صرّح وزير الداخلية جيرار دارمانان أنّ 90 في المئة من قرابة 3000 شخص أوقفوا في خمس ليالٍ من أعمال الشغب الأعنف، هم فرنسيّون.
 
وقال دارمانان ذو الجذور الفرنسية: "نعم، هناك البعض الذين قد يكونون من خلفيات مهاجرة"، في إشارة إلى سجلّات أسماء الموقوفين التي اطّلع عليها خلال جولته على مراكز الشرطة، "لكن هناك أيضاً العديد من (أسماء) كيفن وماتيو أيضاً"، على ما قال أمام مجلس الشيوخ الأربعاء.
 
وأضاف: "هذا التحليل القائم على الهوية يبدو خاطئاً بالنسبة إليّ"، معترفاً في الوقت نفسه بأنّ المسألة المتعلقة بأفضل طريقة لدمج المهاجرين "مثيرة للاهتمام".
 
يعتقد كامو أنّ بعض الناخبين يمكن أن يعطوا الفضل للحكومة لسيطرتها على الاضطرابات في أقلّ من أسبوع، مع نشر ما يصل إلى 45 ألف عنصر من قوات الأمن.
 
وقال كامو لـ"فرانس برس": "من دون الاضطرار للجوء إلى حالة طوارئ ومع استراتيجية الردّ التدريجي، أظهرت الحكومة أنّها قادرة على احتواء التحرك".
 
 
انقسامات في اليسار
اعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون أنّ مقتل الشاب "لا يمكن تفسيره... وغير مبرّر"، إثر اندلاع أعمال الشغب عقب إطلاق شرطي النار من مسافة قريبة على الشاب نائل الذي كان يقود سيارة مرسيدس من دون رخصة في حي بغرب باريس.
 
ووعد رئيس الدولة الوسطي بردٍّ، لكنّ إصلاحاً كبيراً للشرطة دعا إليه اليسار، لا يزال خارج النقاش.
 
ركّز ماكرون حتى الآن على كيفية محاسبة الأهالي الذين يرتكب أبناؤهم جرائم، على وقع الصدمة من أعمار العديد من مثيري الشغب الفتيان.
 
والتحالف اليساري على خلاف أيضاً مع زعيم حزب "فرنسا الأبيّة" المتطرّف جان لوك ميلانشون، ما تسبّب أيضاً بانقسامات مع حلفائه الاشتراكيين والشيوعيين لعدم دعوته بشكل قاطع إلى الهدوء.
 
وكان قد اعتبر أنّ أعمال الشغب تعكس "فقراء يتمرّدون".
 
وانتقدته صحيفة "لوموند" التي تميل إلى اليسار في مقالة قالت فيها إنّه "على خلاف مع مطلب قويّ جدّاً بإرساء النظام تزداد شعبيته في الرأي العام".
 
وكتبت الخميس: "في بلد هزّته خمسة أيام من أعمال العنف في مدن، اليسار لا يطمئن".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم