الجمعة - 17 أيار 2024

إعلان

بوكافو في شرق الكونغو الديموقراطية... مدينة عشوائية على وشك الانهيار

المصدر: "النهار"
مباني في المدينة على وشك الانهيار (أ ف ب).
مباني في المدينة على وشك الانهيار (أ ف ب).
A+ A-
على تلال مدينة بوكافو الكبيرة في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، تتداخل المنازل المبنية بألواح خشبية في تراكم هش موروث من الحروب ومعرّض اليوم لسيول الأمطار الناجمة عن تغير المناخ.

وتقول كريستين نزيجيري (37 عاما) وهي من سكان نياكاليبا في منطقة كادوتو في عاصمة اقليم جنوب كيفو لوكالة فرانس برس، "عندما تهطل الأمطار بغزارة نلجأ إلى الجيران".
 
 
حتى آذار الماضي، كان هناك مستأجرون في الطابق الأول من منزلها الخشبي. لكنهم غادروا المكان مذعورين عندما جرفت سيول موحلة جزءاً من الدرج الأسمنتي الكبير الذي يعبر الحي الواقع على منحدر، بالقرب من منزلها.

منذ ذلك الحين، يلتف السكان حول الحفرة بممر متعرج وزلق.

أما جارتها إيزابيل (38 عامًا) التي يبدو منزلها أكثر ثباتا، فتستقبل عائلتين أو ثلاث عائلات عندما تسوء الأحوال الجوية. وازدادت المخاوف من السيول منذ أن أدت أمطار غزيرة إلى مصرع أكثر من 400 شخص في بداية أيار الجاري في إقليم كاليهي بشمال بوكافو.
 
 
وتقول إيزابيل وهي في الأصل من إقليم والونغو (جنوب غرب) "أعيش هنا منذ 25 عامًا"، مضيفة "حدثت حرب في منطقتنا".

وعلى غرار آلاف العائلات الأخرى، فرت من قريتها هربًا من عنف المجموعات المسلحة التي اجتاحت شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية منذ النزاعات الإقليمية في تسعينات القرن الماضي.

وعندما وصلوا إلى بوكافو سعى هؤلاء النازحون الذين لا يملكون أي مورد إلى العثور على سكن في أرخص الأحياء، على قطع أرض صغيرة. واستمر النزوح من الريف ما تسبب في زيادة التوسع العشوائي.

منذ حوالى عشرين عاما، نشأ حي جديد في جزء من المقبرة الكبيرة للمدينة فوق نهر روزيزي الذي يمثل الحدود مع رواندا.

وفي هذا الحي اشترى إريك زالوكي الأب لطفلين بيتًا صغيرًا من الحديد المموج بجوار قبر ما زال يعلوه صليب حديدي وتحيط به قضبان. ويقول الشاب: "ليست مشكلة، نعيش بسلام". وفي مكان قريب تنمو الفاصوليا والكسافا بين القبور.

يوضح المقرر في المجتمع المدني المحلي، إلفيس موبيندا أن بوكافو تأسست في بداية القرن العشرين على الشاطئ الجنوبي لبحيرة كيفو من المستوطنين البلجيكيين. وصممت المدينة التي كان اسمها كوسترمانسفيل في الماضي، لتتسع لحوالى مئة الف نسمة.

لكن يبدو أن عدد السكان بلغ اليوم نحو مليوني نسمة وهو رقم يصعب تأكيده في غياب تعداد سكاني.

ويتذكر جان دي ديو سيكونزا ماروي (54 عامًا) المسؤول عن الاتصالات في قسم "تخطيط المدن والإسكان" في المنطقة، في طفولته مدينة تفوح فيها "روائح عطرة" وطرق تصطف على جانبيها الأشجار المزهرة والفيلات ذات الأسطح الملونة. وقال: "كان العيش فيها جيدا" لكن "بوكافو مدينة عشوائية" اليوم.

اختفت كل الأشجار تقريبًا وبات وسط المدينة مزدحما بسبب الاختناقات المرورية.

ويقول الناشط البيئي في المجتمع المدني لاديسلاس ويتانيني، "نبني على المزاريب وعلى ضفاف الأنهر بل إننا ندفع مياه البحيرة لإنشاء قطع أراض جديدة".

ويضيف "تخيلوا متى ستستعيد المياه مساحاتها!"، مندداً بالفساد والامتيازات التي تجعل من الممكن الالتفاف على القواعد الأساسية للتوسع العمراني.
 
 
يوضح ويتانيني أن الخطر يتفاقم بسبب تغير المناخ. ويضيف أنه منذ عشر سنوات "حتى في موسم الجفاف يمكن أن تتساقط أمطار غزيرة"، داعيا السلطات إلى اتخاذ "إجراءات وقائية".

ويشير الموظف الحكومي روبرت بانيويسيزي (45 عاما) إلى جدار دعم انهار في الجزء الخلفي من منزله. كما انهار نصف أرضية غرفة معيشته التي رصفها بالحجارة الكبيرة. لم يبق شيء سليم لديه.

ويقول الرجل الأب لطفلين "هذا الموسم هطلت أمطار غزيرة ولم يعد هناك أشجار كافية لدعم الأرض". ويتابع، "قيل لنا إن علينا أن نغادر لكن بدون تعويض ماذا نفعل؟".
 
 
وعلى بعد خطوات يميل منزل خشبي من طابق واحد في شكل خطير. ويعيش في هذا المنزل زوجان شابان مع طفل يبلغ 16 شهرًا. وفي مواجهة الخطر غادر المالك وهو الأخ الأكبر للزوج.
لكن جاستن (32 عاما) وسارة (24 عاما) بقيا في المكان. ويؤكدان أنه "ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه"، بينما كان جاستن يكسر الأرضية الأسمنتية بمطرقة على أمل التخفيف من وطأة المبنى وتأخير انهياره.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم