الأحد - 19 أيار 2024

إعلان

مباراة المغرب- فرنسا... صراع الهويات ينفجر

المصدر: "النهار"
.مشجع المغرب يلوح بالعلم الوطني في باريس (6 ك1 2022- أ ف ب)
.مشجع المغرب يلوح بالعلم الوطني في باريس (6 ك1 2022- أ ف ب)
A+ A-
"ما يُحدّد كياني، ليس كيان شخص آخر، هو أنني أقف على مفترق بين بلدين ولغتين ومجموعة من التقاليد الثقافيّة، وهذا بالضبط ما يحدّد هويتي، فهل أكون أكثر أصالةً لو استأصلت جزءاً من كياني؟".
 
في مقدّمة كتابه "الهويات القاتلة"، طرح الكاتب أمين معلوف إشكالّية تنقل واقع معظم المغتربين المنتشرين في العالم، فهل يجب التمسّك بهويّة البلد الأمّ في بلدٍ حَضَنه؟ هذا السؤال يطرحه المغترب المغربي في فرنسا أو الفرنسي ذو الأصول المغربيّة، والذي يحمل في داخله انتماءين، ومن المفترض أن يكون قادراً على الاضطلاع بهما على السّواء، لكنّ - بحسب معلوف - مكوّنات شخصيّته أكثر تعقيداً من ذلك.فمع حلول نهاية كأس العالم، يتهافت المشجّعون لرفع علم بلدهم في الأعلى والشعور بفخر الهويّة، خاصةً مع فوز المغرب، الذي أصبح أول فريق عربيّ وأفريقيّ يصل إلى النهائيّات، وفي العواصم الأوروبيّة ملأ المشجّعون الشوارع للاحتفال بنجاح "أسود الأطلس".
 
الهوية
 
يعود التجذّر الفرنسي في الثقافة المغربيّة إلى بداية القرن الماضي، حين قامت القوات الاستعمارية الدولية في العام 1906 بالاتفاق حول طريقة تقاسم المصالح والامتيازات ومناطق النفوذ في داخل المغرب.
 
وقبل انعقاد مؤتمر تقاسم النفوذ، كان الأوروبيون قد أبرموا مجموعة من الصّفقات الثنائيّة تمهيداً لاحتلال المغرب، تقضي بتنازل فرنسا التام عن مطالبها في ليبيا لصالح إيطاليا في مقابل اعترافها بأحقيّة فرنسا باحتلال المغرب.فحُوصر المغرب من قبل الفرنسيّين، وانتشرت "الفرنكوفونيّة" وسط الرباط، التي أصبحت اليدّ الفرنسية القابضة على العنق الثقافيّ والتعليميّ في البلاد العربيّة، وتمكنت فرنسا من السيطرة على الوعي الثقافي.وتعتبر اليوم فرنسا البلد الذي يحضن أكبر عدد من المغتربين المغاربة والفرنسيين المتحدّرين من أصول مغربيّة، مع أكثر من مليون و349 ألف فرد مغربيّ على الأراضي الفرنسيّة.
 
من ناحية الأبعاد السياسيّة، تعتبر الدكتورة في سياسيات الشرق الأوسط مونيكا ماركس، في حديث لجريدة "واشنطن بوست"، أن الفريق المغربي "يخوض حرباً رمزية" بالنسبة إلى كثير من الأشخاص في الشرق الأوسط، ويريد التغلّب على "الإحساس الدائم بالإهانة"، "وهو جرحٌ كامنٌ في تاريخهم.فما موقف الفرنسيّين من هذا الأمر؟هاجمت العديد من الصحف الفرنسيّة التشجيع المغربي، الذي ملأ شوارع باريس بعد الفوز في مبارايات عدّة، ومن أبرزها جريدة "لو فيغارو" اليمينيّة، التي رأت أن نصف نهائي فرنسا-المغرب هو "حدث مليء بالرموز". وكتب الصحافي إيف ثيرارد أنّه "بين القوة الاستعمارية السابقة حيث يعيش مئات الآلاف من مزدوجي الجنسيّة يهتزّ تاريخ مشترك"، مضيفاً "شاهد واستمع إلى الحشود الهائلة لترى أن شيئًا آخر غير الفرح يتجلّى بينهم".فبعد فوز المغرب على بلجيكا، والذي أعقبته أعمال عنف في بروكسل، تصاعدت قوة السياسي الفرنسي اليميني إريك زمور للتنديد بـ"المستوطنين" المغاربة الذين "استبدلوا" العلم البلجيكي بعلم بلدهم الأصليّ، وطُرح السؤال: "كيف سيكون ردّ فعل المغاربة إذا احتفل آلاف الفرنسيين في مراكش بانتصار فرنسا؟ سيشعرون بأنهم محرومون من وطنهم".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم