السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

التغيّر المناخي يؤجّج حرائق الأحراج في سيبيريا

المصدر: أ ف ب
صورة جوية تظهر غابة محترقة في منطقة غورني أولوس غرب ياكوتسك بجمهورية ساخا في سيبيريا (27 تموز 2021، أ ف ب).
صورة جوية تظهر غابة محترقة في منطقة غورني أولوس غرب ياكوتسك بجمهورية ساخا في سيبيريا (27 تموز 2021، أ ف ب).
A+ A-
يلقي ألكسندر فيودوروف نظرة خاطفة من نافذة مكتبه على الغابة الشاسعة في جمهورية ياقوتيا في سيبيريا، في أحد الأيام النادرة التي لا يلفّ فيها الضباب الدخاني مدينته بسبب الحرائق.

اشتدّت حدّة الحرائق التي تلتهم كلّ صيف التايغا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهي ظاهرة ينسبها خبراء، مثل فيودوروف، إلى التغير المناخي.

في ياكوتسك في شمال شرق روسيا، حيث لا تزال المعتقدات الروحانية واسعة الانتشار، كثيرون هم الذين يعتقدون أن الطبيعة روح حيّة ستبقى دوما على انسجام مع البشر.

لكن بالنسبة إلى ألكسندر فيودوروف، المدير المعاون في معهد ميلنيكوف في ياكوتسك لدرس التربة الصقيعية، إن تداعيات الحرائق تظهر أن هذه المعتقدات خاطئة.

ويقول إن "الطبيعة تذكّرنا، أكان هذه السنة أم السنة الماضية، بأنه لا يمكننا أن نعلّق كل آمالنا عليها"، مشيرا إلى أنه "لا بدّ من الاستعداد" لتداعيات الأزمة المناخية.

وقد تصبح ياقوتيا، وهي أرض شاسعة لا كثافة سكانية كبيرة فيها، من كبرى ضحايا احترار المناخ، على قول فيودوروف.

فقد ارتفع متوسّط الحرارة السنوي في هذه المنطقة التي تعدّ من الأبرد في العالم بواقع 3 درجات مئوية، في حين أن حرارة الكوكب برمّته ازدادت درجة واحدة. وقد شهد هذا الصيف أياما  عدّة بلغت فيها الحرارة مستويات قياسية بحدود 39 درجة مئوية.

ومن الصعب نسب كلّ حريق إلى تداعيات التغير المناخي. غير أن ارتفاع الحرارة وازدياد موجات الجفاف يجعلان الحرائق أكثر تواترا وشدّة، بحسب الخبراء.

- نقص في التمويل -
وقد قضت النيران على 1,5 مليون هكتار في الغابة هذا الصيف الذي يعدّ الأكثر جفافا في ياقوتيا منذ 150 عاما، بحسب السلطات المحلية.

ويقول ألكسندر إيساييف، الخبير المعني بشؤون ياقوتيا في الأكاديمية الروسية للعلوم، إن "الحرائق الحالية تحطّم أرقاما قياسيا على أكثر من صعيد".

وفي سيبيريا، اضطرت السلطات إلى الاستعانة بخبراء في الجيش لاستمطار الغيوم.

أما في ياقوتيا التي يقطنها أقلّ من مليون نسمة، فهذه المهام بجزئها الأكبر ملقاة على عاتق عناصر إطفاء منهكين ومتطوّعين غير مزوّدين بكلّ ما يلزم.

ويكشف نيكيتا أندرييف الذي يترأس الوحدة المخصصة لياقوتيا، أنه يتقاضى مبلغا زهيدا جدّا يوازي 6 روبلات (0,82 دولار) من الميزانية الفدرالية لكلّ هكتار من الأرض.

من ثمّ، لا يتمّ إخماد عشرات الحرائق التي تندلع في مواقع بعيدة عن المناطق المأهولة.

ويقول أندرييف: "ليس لدينا ما يكفي من القوى العاملة أو المعدّات اللازمة لإخماد الحرائق. ومن الضروري تخصيص مزيد من التمويل" لهذا الغرض.

وبحسب وكالة الغابات الروسية، أتت الحرائق على أكثر من 11,5 مليون هكتار منذ مطلع العام، في مقابل 8,9 ملايين كمعدّل سنوي مسجّل منذ مطلع الألفية الثالثة.

- قنبلة موقوتة -
من سيبيريا إلى الأورال، مرورا بكاريليا، يواجه البلد "حرائق غير عادية"، على قول غريغوري كوكسين من الفرع الروسي لمنظمة "غرينبيس" الذي لا تخفى عليه "تداعيات التغير المناخي الجلّية".

وهذه الأزمة هي التي دفعت تورغون بوبوف (50 عاما) إلى إقناع ناديه لألعاب القوى في ياقوتيا بمساعدة عناصر الإطفاء.

ويصرّح: "لا بدّ لنا من الإقرار بأن الحفاظ على الطبيعة هو الحفاظ على مستقبلنا ومستقبل أطفالنا".

فالحرائق تؤدّي إلى انبعاث كمّيات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّي وتقضي على الشجر الذي يمتصّه عادة. وهي كلّها عوامل تفاقم من التغير المناخي.

وعلى المدى الطويل، قد يؤدّي الأمر إلى ذوبان التربة الصقيعية التي تحوي غازات مسببة لمفعول الدفيئة هي أعلى بمرّتين من تلك المحبوسة في الغلاف الجوي. والوضع أشبه بقنبلة موقوتة.

ويقول ألكسندر فيودوروف "إنه لأمر خطير للعالم برمته".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم