السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الصحة النفسيّة.. هكذا نتجنب الانتحار

محمد شهابي
محمد شهابي
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
A+ A-

توتر، إرهاق، تعب وعدم قدرة على النوم، أو مشكلة في التنفس، وغيرها الكثير من الأزمات، هي أمور ترمز إلى اضطراب نفسي لدى فرد في المجتمع. أما حلّها فبسيط، ويكمن في زيارة ومتابعة صحتنا النفسية مع طبيب أو معالج نفسي.

إلا أنّ الأمر في ذلك لدى بعض المجتمعات، قد يكون له حساسية معينة، خاصة أنّ فئات كثيرة قد تربط الأمر بجنون الفرد، "فمن غير المجنون يتابع صحته عند الطبيب النفسي"، تقول تلك الفئات من المجتمع.
لكن الأمر غير صحيح، فزيارة المعالج النفسي لا تدلّ على الجنون، إنّما هي أمر طبيعي، ترمز لدرجة كبيرة من الوعي والاهتمام بصحتنا النفسية والعقلية.


الاختصاصي في العلاج النفسي للأطفال والمراهقين، محمد النعماني، قال في حديثه لـ النهار، "لا علاقة لصحتنا النفسية بوجود اضطرابات نفسيّة لدى الفرد، وهذا الظنّ غير صحيح، إنّما الأمر مرتبط بالصحة العامة للشخص".

وأضاف النعماني، أنّه "خلال جلسات العلاج، يتعرف الشخص على قدراته ويستكشفها. أمر يمكّنه من التأقلم مع الصعوبات اليومية التي قد يمرّ بها، ما يسهل عليه أن يعمل بشكل منتج، وأن يقدم نفسه للمجتمع".

متى يصاب الشخص باضطراب نفسي؟

يشير النعماني، إلى أنّ ذلك "يحصل عند وجود خلل في أمور مثل تغير المزاج أو الأفكار والسلوكيات، والتي تؤثر بشكل مباشر على انتاجية الشخص في حياته اليومية، وعلى قدرته في تنفيذ مهاراته، كالذهاب إلى العمل أو المدرسة. بمعنى آخر؛ أن الإنسان يفقد قدرته في تأدية دوره المنوط به كالمعتاد".

هل من وقاية لذلك؟

أجاب النعماني: "بالطبع هناك خدمات عديدة، إذ لمن الضروري زيارة معالج نفسي، كي يستكشف الشخص نفسه، وإن كان لديه أي اضطراب، فهو بذلك سيساعد نفسه في حمايتها من العوارض التي قد تنتج عنها".

وتابع، "كما هنالك عدّة برامج يمكن أن يلجأ إليها الشخص، كتلك التي تقام في المدارس والجامعات بعض منها موجود في لبنان. كبرامج الوقاية لحماية الصحة النفسية للأشخاص. هذه البرامج يقدم فيها إرشادات لتجنب العوارض السلبية الناتجة عن الاضطرابات النفسية".

ما الأمور التي من الممكن أن تسبب اضطرابات نفسية؟

أوضح النعماني، أنّ "الأمور قد تكون أسبابًا جينية وراثية، أمر يساهم في وقوع خطر حصول نمو اضطراب نفسي للشخص، فيما من الممكن أن تكون الأسباب كذلك اجتماعية ونفسية شخصية، قد تتراكم جميعها لتسبب اضطرابًا نفسيًا".

ما تأثير الأزمات السياسية على الصحة النفسية؟

تؤثر الأزمات السياسية والاقتصادية على الإنسان بشكل مباشر، وفي وقت يمرّ لبنان بأزمات متعددة، "فإنّ مردّ ذلك على صحتنا النفسية كبير للغاية، سبب ذلك غياب الأفق والنظام وعدم معرفتنا بالمدّة التي سيبقى الوضع على ما هو عليه، وإن ما كان سعر الدولار سيرتفع أم سينخفض".

وأردف النعماني، أنّ "غياب الدولة المنظمة، يؤدي إلى تزايد الاضطرابات. كما أنّ دراسات أشارت إلى أنّ غياب التنظيم وارتفاع الريبة والحذر والشعور بالإحباط والقلق، أمور تؤدي إلى ارتفاع نسب الانتحار في لبنان، وسط غياب في الوعي لدى المجتمع عن أمور الانتحار وكيفية تجنبه، فيما يتمّ التعامل معه على أنه "تابو" أو أمر معيب، فيلجؤون إلى إخفائه، فتظل بهذه الطريقة الأرقام الرسمية غير دقيقة".

ما الفرق بين الطبيب النفسي والمعالج؟

وقال النعماني، إنّ الطبيب هو شخص حاصل على شهادة طبية تسمح له بتقديم وصفات وعقاقير لمرضاه كي يعالجهم من العوارض المتعلقة بالاضطرابات النفسية، كذلك يمكن للطبيب أن يقدم جلسات علاجية، إلا أنّ الأطباء النفسيين يمتنعون عن ذلك. بينما المعالج النفسي فهو حاصل على ماجستير أو دكتوراه في العلاج النفسي، وهو مختص في تقديم جلسات علاجية حسب الحالة المشخصة أمامه".

متى يجب على المريض أن يزور طبيبًا أو معالجًا؟

بيّن النعماني، أنّ "ذلك يعود للحالة النفسية للمريض، فبعض الاضطرابات لا تحتاج أدوية لعلاجها، فيما لو تمّ تشخيص مرضADHD  للشخص فإنّ العلاج الأول له، يكون من خلال الدواء وذلك بهدف تحسين التركيز لديه".

ولكن إذا ما واجه الشخص عوارض كالكآبة والمزاج السيئ إلا أنّه ما زال يستطيع تأدية أمور حياته اليومية بشكلها المعتاد، فإنّ جلسة أو بضع جلسات مع المعالج النفسي قد تكفي لعلاجه، بينما إن زادت تلك العوارض فإنّ المعالج النفسي سينصحه بزيارة الطبيب، وعليه يتم تحديد الفترة العلاجية ونوعية الدواء، وفق ما يقول النعماني.

ما أهمية اعتنائنا بصحتنا النفسية؟

يؤكد الاختصاصي في العلاج النفسي، أنّ ذلك "مهم جدًا، فالصحة النفسية مرتبطة بالصحة العامة للشخص، فإن لم تعتنِ بصحتك النفسية فهي قد تؤثر على حياتك اليومية كالذهاب للعمل والنوم والأكل".

وقدّم النعماني، بضع نصائح، حول العوارض المرتبطة بالصحة النفسية السيئة: وهي: "المزاج السيئ، عدم التركيز، الخوف الزائد، تغيرات بالمزاج والمشاعر، العزلة، التعب الشديد، انخفاض الطاقة والاندفاع، عدم القدرة على النوم؛ لذلك عند ملاحظة هذه الأمور، من المهم جدًا استشارة طبيب أو اختصائي نفسي، فأولًا هذا الشخص سيشخص الحالة العامة وسيوجهه إلى الطريق الصحيح. وقد يتطلب الأمر جلسة واحدة وقد يحتاج علاجًا طويلًا أو الاستعانة بدواء".

فيما لو تحولت الاضطرابات لأفكار سوداء أو تفكير بالانتحار.. ما العلاج الأنسب؟

هنالك خط ساخن تقدمه جمعية Embrace Lebanon وهو 1564 وهي جمعية تعنى بأمور الانتحار ومساعدة الشخص على تخطي أزماته النفسية. لذلك من المهم على من يشعر أنّ لديه أفكارًا سوداء الاتصال على هذا الرقم، أو التواصل مع اختصاصي أو شخص لديه الأهلية على التعامل مع مثل هكذا حالات.

كذلك يمكن لمن لديه هكذا اضطرابات ممارسة Breathing Techniques - طرق للتنفس بشكل سليم وهادئ، أو التخفيف من الأفكار أو العواطف المؤلمة التي يشعرون بها.
وفي حال أنّ هذه الأفكار لا تزال حاضرة في أذهانهم، فمن المهم حيازة ذاك الشخص لأرقام مقربين منه على دراية بوضعه وبمشاكله، كي يتواصل معهم في حال حدوث أزمة معينة معه بهدف مساعدته وإنقاذ حياته.


وكذلك من الضروري على الشخص وفي حال شعوره برغبة في الانتحار أن يذهب إلى أقرب مستشفى أو عيادة خاصة بهكذا حالات، وأن يطلعهم على حالته، لتقديم كافة المساعدات اللازمة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم