الأربعاء - 15 أيار 2024

إعلان

أَرْوَع من أن يُصدّق...

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
الدكتورة جوسلين البستانيهناك لغة للديبلوماسية يصعب فكّ رموزها وفهمها بالكامل في لحظتها، انما المؤكد ان قواعدها النحوية تخضع لمفهوم المصلحة الوطنية وحده. ولأن صعوبة التواصل بهذه اللغة تنبع من كونها تشمل مفردات وعبارات وحتى اشارات عرضة للتفسيرات المُتعدّدة، لا بدّ من ان نأخذ في الاعتبار هذا التحدّي في محاولتنا مقاربة الاتفاق السعودي - الإيراني الذي رعته الصين. بالفعل، شكّل هذا الاتفاق حدثاً سياسياً واعلامياً مفاجئاً، ادّى الى تدفّق كمّ هائل من الآراء والتحاليل المُختلفة المُتعلّقة بوقعه على المنطقة والعالم. غير ان الأمر الوحيد الذي جمع بينها هو ما يُعرف بالانحياز التأكيدي confirmation bias. أي المَيل إلى تفسيرالمعلومات بطريقة تتوافق مع آراء وافتراضات ومعتقدات موجودة مسبقًا لدى أصحاب تلك الآراء والتحليلات. انه بشكل مُبسّط اكثر، تفضيل المعلومات التي تؤكد الافكارالمُسبقة، بغضّ النظر عن صحّتها. بالتالي، هناك من اعتبر أن هذا الاتفاق شكّل صفعة سعودية بوجه إدارة بايدن، وهناك آخرون اكّدوا انه مثّل ضربة ثُلاثية الأبعاد للبيت الأبيض ومؤسسة الحكم الأميركية وهو بالتالي يُهدّد النفوذ الأميركي في المنطقة. كما كثُر كلام البعض عن عالم جديد مُتعدّد الأقطاب (على رغم افتقاده الدقّة العلمية)، مُتناسين ان الولايات المتحدة هي من نأت بنفسها عن المنطقة يوم صاغت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في عهد أوباما مُصطلح "التمحور نحو الشرق". لكن مفهوم الانحياز التأكيدي تجلّى بأبهى حلله في مواقف الخبراء السياسيين الذين يحتلّون الشاشات اللبنانية، فمن جهة اكّد مناصرو الممانعة ان هذا الاتفاق جسّد انتصاراً لفريقهم، وبالتالي سيحصل التوافق على مُرشّحهم للرئاسة سليمان فرنجيه، بينما اعتبر الفريق السيادي من جهة أخرى ان فُرص الأخير باتت شبه معدومة وقد انتهى عصر الصفقات والتسويات. من الواضح انه مرّة اخرى غاب عن بال اللبنانيين ان وطنهم ليس مركز الكون، وازماتهم لا تؤرّق زعماء الدول الثلاث التي اجتمعت في بكين. والاهمّ ان الوضع لا يتعلّق بلعبة لا بد لها من كاسب وخاسر(zero-sum game) ، خصوصا بالنسبة الى توقيت هذا الاتفاق. فمن حقّ المملكة العربية السعودية ان تُعيد التفكير في سياستها الخارجية بعد سنوات صعبة مع الغرب، وإمكان نشوب صراع مُسلّح بين إيران وإسرائيل. اما التواصل مع الصين وروسيا فهو ليس بالأمر الحديث. وهنا لا بدّ من التذكير بان العلاقات مع الصين تعود إلى فترة عهد الملك عبد الله، حيث أولى رحلاته الخارجية كانت إلى الصين بهدف الوصول إلى سوق رئيسية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم