اشترِك في نشرتنا الإخبارية
"الشارقة للكتاب" أطلق فاعلياته بمشاركة 112 دار نشر لبنانيّة... القاسمي: العربية أروع اللغات بياناً
03-11-2021 | 12:55
المصدر: "النهار"
الشارقة - شربل بكاسيني
فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ"، يُخبر الإنجيل، وأولى آيات القرآن الكريم بدأت بـ ﴿اقْرَأْ﴾؛ وما أصل تفسير "القرآن الكريم" سوى القراءة. هذا جوّ الدورة الأربعين لـ"معرض الشارقة الدوليّ للكتاب"، المرتع الخصيب بعيداً من الضحالة الفكريّة.
"هنا لك كتاب". راية ظلّلت فاعليات المعرض منذ لحظة الافتتاح مساء أمس، بحضور ألف و632 ناشراً و85 كاتباً وفناناً من مختلف بلدان العالم. وتستضيف الدورة الحالية من "معرض الشارقة" الفائزَين بجائزة نوبل للآداب والبوكر وصنّاع أشهر النصوص الدرامية في القرن العشرين ومجموعة مبدعين وفنّيين عالميين وإقليميين محاطين بـ 15 مليون كتاب.
.jpeg)
بلغنا الشارقة على إيقاع الأزمات. استقبال حارّ وسلام ودّيّ أجليا الكرب ورأبا الصدع. الاحتفاء بالأدب يردم كلّ هاوية. "يحقّ للشارقة أن تحتفي بالنموذج الحضاريّ الذي قدّمته للعالم"، يقول رئيس "هيئة الشارقة للكتاب" أحمد بن ركاض العامري. وفيما تصدّرت قائمة دور النشر المشاركة في الدورة جمهورية مصر العربية بـ 295 دار نشر، تلتها دولة الإمارات بـ250 داراً، فالمملكة المتّحدة مع 138 دار نشر، يُشارك لبنان عبر 112 داراً خرجت من بيروت، حيث باتت القراءة ترفاً.
"المعجم التاريخيّ": العربيّة أروع اللغات بياناً
قبل نحو سبعين عاماً، رهَن عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي خنجره الذهبيّ ليشتري كتباً. كان في الثانية عشرة من عمره يوم أدرك قيمة العلم والمعرفة. كانت "القاهرة تكتب آنذاك، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ"، وفق ما جاء عن عميد الأدب العربيّ طه حسين. هذا الشغف بلغة القرآن الكريم قاد القاسمي في رحلة مَخَرت عُباب "الضاد" سنوات، أثمرت مؤخّراً المجلّدات الـ17 الأولى من "المعجم التاريخيّ للّغة العربية"، المشروع اللغويّ الضخم الذي يؤرّخُ للمرة الأولى المفردات العربية وتحوّلات استخدامها عبر 17 قرناً منصرماً.
يؤمن القاسمي بأنّ اللغة العربيّة "أوسع اللغات مُعجَماً وأروعها بياناً"؛ ووفق هذه العقيدة، أطلق القاسمي مجلّدات المعجم الأولى التي تضمّ الأحرف الخمسة الأولى فقط، الهمزة، الباء، التاء، الثاء، والجيم، وتقدّم تاريخ المفردات في السياق، الذي وردت فيه منذ عصر ما قبل الإسلام على ألسنة الشعراء الجاهليين، ثم تسير مع المفردات في عصرها الإسلاميّ، وتتبّع اللّفظ في النصّ القرآني والحديث النّبويّ، مروراً بالشعر الأمويّ فالعباسي حتى العصر الحديث، وترصد حركة الألفاظ.
ويكشف المعجم تطوّر المصطلحات عبر العصور، ويرصدُ تاريخ دخول الكلمات الجديدة المستحدثة في اللغة المستعملة، والكلمات التي اندثرت وزالت من قاموس الاستعمال مع ذكر الأسباب المؤثّرة في ذلك. ويبحث "المعجم التاريخيّ" عن تاريخ الكلمة من حيث جذرها، كما يبحث عن الألفاظ المشتقّة منها وتقلّباتها الصوتيّة كافّة، متتبّعاً تاريخ الكلمة الواحدة وراصداً المتوسّل الأوّل لها منذ الجاهليّة إلى العصر الحديث، مركّزاً على الاستعمال الحيّ للّغة، فيختلف بذلك عن سائر المعاجم السابقة، إذ يستشهد بالنصوص الحيّة قرآناً وحديثاً وشعراً وخطباً ورسائل وغيرها.
يُدرك القاسمي ما له وللمعجم وما عليهما. "حَسْبُ المرْءِ أن يجتهد"، يقول، من دون تبرئة الإنجاز من النّقص أو تنزيهه عن الخطأ. "الخطأُ ظاهرةٌ إنسانيّة". بدأ المشروع عالماً "وُعورة الطّريق والعوائق الشديدة والمزالق الخطرة التي تعترض السّالكين"، وكان التوكّل على الحكمة والعقل؛ والحكمة من عند الله.
في الجانب الآخر، يجمع المعرض 85 كاتباً من 22 دولة، وينظّم أكثر من ألف ندوة وورشة إبداعية وعرضاً وأمسية وحواراً، منها 440 فاعلية ثقافية و355 فاعلية وعرضاً وورشة عمل تتناول مواضيع متنوّعة تخصّ الأطفال بمشاركة متخصّصين من 9 دول.
وينظّم المعرض خلال الدورة 80 عرضاً ما بين مسرحيّات وعروض راقصة وعروض متنقّلة وسيمفونيات غنائيّة، يقدّمها مشاركون من 9 دول. وسيشهد ركن الطهو تنظيم 30 نشاطاً، يتولّى تقديمها 11 طاهياً وخبراء من 10 دول، فيما يقدّم المشاركون في منصّة التواصل الاجتماعي أكثر من 12 ورشة عمل متخصّصة بمواقع التواصل الاجتماعيّ، تتناول مواضيع متنوّعة، تشمل توجّهات وتحديثات منصّات التواصل وكتابة المحتوى الإبداعي وغيرها.
وكرّم حاكم الشارقة شخصيّة العام الثقافية، الروائيّ والأديب الكويتي طالب الرفاعي، الذي اعتبر أنّ لقب "شخصية العام الثقافية في الشارقة تكريم كبير ومسؤولية كبيرة، وقطاف عمر طويل". هو قطاف حلم عَبَر به ذات مساء بعيد، يوم همس في أذنه أحدُهُم قائلاً: "يمكن أن تكون كاتباً".
[email protected]
Twitter: @Charbecassini
Twitter: @Charbecassini
