الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ثالث كتُب سلسلة الشِّعر الأميركي... "خريفٌ يقفُ خلفَ النَّافذة" لريتشارد رايت: رائحة الموت والأمل

المصدر: "النهار"
الكتاب.
الكتاب.
A+ A-
صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط -إيطاليا، مجموعة مختارات شعرية لأحد أبرزِ علامات تجارب الهايكو الأميركيِّ الشَّاعر ريتشارد رايت، حملت عنوان: "خريفٌ يقفُ خلفَ النَّافذة"، اختارها وترجمها سامر أبو هوّاش.
 
الكتاب يأتي ضمن سلسلة مختارات الشعر الأميركي، التي أطلقتها المتوسط بإشراف الشاعر والمترجم الفلسطيني المعروف سامر أبو هوَّاش، وقد صدر منها سابقاً: "شمسٌ تدخلُ من النافذةِ، وتُوقِظُ رجلاً يسكبُ القهوةَ على رأسِهِ" لرَاسِلْ إدْسُن، و"النوم بعين واحدة مفتوحة" لمارك ستراند. وهي سلسلةٌ تسعى أن تكون «بلكوناً أو تراساً»، يطلُّ على بانوراما واسعة، ترسمُ خارطةً لأهمِّ الاتجاهات والمدارس الشعرية التي ظهرت وعاشت في أميركا.

في خمسينيَّات القرن الماضي، في باريس، المَنفى الذي اختارَهُ الرِّوائيُّ والشَّاعرُ الأميركيُّ ريتشارد رايت، هَرَبَاً من الاضطهاد المُتزايد للشُّيُوعيِّيْن أو المُتَّهمين بالشُّيُوعيَّة؛ عاودَ رايت اكتشافَ الشِّعْر الذي مارسَهُ في بداية حياتِهِ الأدبيَّةِ في الثلاثينيَّات. لكنه، هذه المرَّة، لم يكن "شاعراً ثوريَّاً" مثلما كان يُوصَف الشُّعراء الاحتجاجيُّون على امتداد القرن الماضي، بل إنه اختار، عن قَصْد أو دون قَصْد، الشكلَ الشِّعْرِيَّ الأبعدَ عن السِّياسةِ والأيديولوجيا والحراكِ الاجتماعيِّ والغضبِ والثَّورة، وهو الهايكو، ذلك الشِّعْرُ الشديدُ التَّقشُّفِ القائمُ على البساطةِ القُصوى وتمثُّل الطَّبيعةِ أو البيئة المُحيطة، ووَصْف أدقِّ سَكَنَاتها، والمشغول بالفَرْد، أو على وجهِ الدِّقَّة بالذَّات الشَّاعرة، بوَصْفها جزءاً لا يُجتَزَأ من الطَّبيعة، عبرَ تجلِّي كلٍّ منهما مرآةً للأُخرى، ومَعبَرَاً منها وإليها.
 
 
وخلالَ إقامتِهِ في شُقَّة صغيرة على مقربة من فندقِ البيت Beat Hotel، الذي كان مركزَ لقاءِ بعض أبرزِ شُعراء حركة "البيت" من أمثال وليم بوروز وألن غينسبرغ وغريغوري كورسو، خلال أَوْجِ صُعُودِ تلك الحركة، التقى رايت الشَّاعرَ الجنوبَ أفريقيّ سينكلير بيلز (1930- 2000)، أحدَ الأسماءِ المُهمَلَة نسبيَّاً في تاريخ "حركة البيت"، ومن خلالِ نقاشاتِهِ مع بيلز تعرَّف رايت أكثرَ على شِعْر الهايكو، وفلسفةَ الزِّنْ (تلك التي تُعدُّ رافداً أساسيَّاً من روافدِ حركة البيت)، ولعلَّ تلك النِّقاشات أسهمَتْ في إعادةِ اكتشافِ رايت لشِعْر الهايكو انطلاقاً من اكتشافاتِهِ الأُخرى في ما يخصُّ الإِرْثَ الرُّوحانيَّ الأفريقيَّ.

وَجَدَ صاحبُ "أبناء العمِّ توم" و"الابن الأصلي" و"فتى أسود" و"اللَّا منتمي"، في فنِّ الهايكو ملاذاً له من إحباطاتِ الحياةِ المتراكمةِ وأعبائِها المتزايدة. ويضيف سامر أبو هواش في مقدمة الكتاب، أنّ ريتشارد رايت كتب قصائد هايكو بَلَغَ عددُها، خلال عام ونصف العام تقريباً، أربعة آلاف قصيدة، كان عليه، بعدئذٍ، أن يختزلَهَا إلى 817 قصيدة، شكَّلت مخطوطَ كتابه "ذلك العالَم الآخر" الذي لم يرَ النُّورَ كاملاً إلَّا عام 1998، أيْ بعد نحو أربعةِ عُقُودٍ من وفاةِ صاحبه المبكِّرةِ بأزمةٍ قلبيَّة عام 1960. لكن، يذهب بعض الدَّارسين لسيرة رايت إلى الإصرارِ على أنَّ موتَهُ بهذه الطريقة المفاجئة كان مُدبَّراً، لاسيَّما وأنه تلقَّى العديدَ من الاتِّصالاتِ الهاتفيَّةِ الغامضةِ قبلَ وفاته، كما أنه لم يكنْ يعاني من أيِّ مشكلاتٍ في القلب.

أخيراً جاء الكتابُ في 176 صفحة من القطع الوسط.

من الكتاب
 
مثلُ صِنَارَة،
الظِّلُّ الطَّويلُ لزهرةِ عبَّادِ الشَّمس
يرتعشُ على سطحِ البُحيرة.

الشَّاطئُ ينسلُّ هارباً
من السَّفينةِ الكئيبة
في ضَبَابٍ خريفيٍّ.

أوراقٌ صُفْرٌ مُتعفِّنة
تفوحُ منها رائحة
الموتِ والأملِ معاً.

عن الشاعر
 
ريتشارد ناثانيال رايت، شاعرٌ وروائيٌّ أميركيٌّ، ولد في المسيسيبي، في 4 أيلول 1908، لأبٍ مُزارعٍ وأُمٍّ مُدرِّسة، عاشَ في بدايةِ حياته فقيرًا مُعدمًا بعد وفاةِ أبيه وشلل أمّه في سنٍّ مبكّرة، أصدر كتباً عديدة في الشِّعر والرِّواية والرِّحلة والسِّيرة، ونقل طيلةَ مسيرته معاناة الأميركيين السود مع العنصرية. توفيَّ 28 تشرين الثاني 1960، بباريس.

عن المترجم
 
سامر أبو هواش، شاعر وكاتب وصحافي ومترجم فلسطيني، ولدَ في لبنان عام 1972، يعدُّ من أهمِّ المترجمين العرب الذين نقلوا إلى العربية أعمالاً إبداعية هامّة من الأدب الأميركي، في مجالات الشعر والقصة والرواية. عملَ طويلًا في الصحافة الثقافية وترأس تحرير ملاحق ثقافية عديدة، لهُ مجموعة كبيرة من المؤلفات تجاوزت 40 عنوانًا في كل من الرواية والشعر والتراجم، حصل على مجموعة من التكريمات وجوائز التقدير.


 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم