الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نوال السعداوي... اللاحدود والتطرُّف في اتّجاه الحقّ

المصدر: "النهار"
سليمان بختي
نوال السعداوي (أ ف ب).
نوال السعداوي (أ ف ب).
A+ A-
اختارتها مجلة "تايم" الأميركية عام 1981 واحدةً من بين 100 شخصية نسائيّة هي الأشدّ تأثيراً في العالم. منذ كتابها الأول (المرأة والجنس) 1972 قبل 50 سنة تقريباً، ونوال السعداوي تقف في قلب شجاعتها تواجه الجميع، وخصوصاً جماعة التقليد والتكفير والقمع. كانت تريد أن تنحاز إلى الإنسان امرأةً ورجلاً في المجتمع. وكانت تنحاز إلى النقد؛ نقد المجتمع المعاصر الذي لا يمكن أن يتقدم إذا لم يتغير، ولا يمكن أن يتغير إذا لم يغيّر ما في نفسه من عادات وتقاليد بعيدة عن العقل والمنطق والتفكير السليم.
 
جاءت نوال السعداوي لتكتشف من خلال عملها طبيبةً ونفسانية، حجم الممارسات العنيفة التي تقمع المرأة، وتفضح مدى قساوة المجتمع الأبوي. واكتشفت أنّ وظيفة هذا المجتمع التاريخية هي قمع المرأة، وأدركت أنّ التحرير الحقيقي يبدأ من تحرير المرأة.
 
لم تضع أمامها حدوداً وتطرّفت في اتجاه الحقّ والصواب، لمّا رأت الإمعان في العداء وقمع المرأة على كلّ الصعد. ورأت أن شرف الإنسان يكمن في "الصدق"، صدق التفكير وصدق الإحساس وصدق الأفعال. ذهبت عميقاً لتميط اللثام عن الازدواجية التي يعيشها الإنسان العربي: في التفكير وفي الممارسة، في السرّ وفي العلن، وفي ما يطبّقه على نفسه وعلى الآخرين.
 
كانت نوال السعداوي، صاحبة كتاب (المرأة عند نقطة الصفر) الذي تُرجم إلى أربعين لغة، مع الاختلاف الذي يظهر الحقيقة. لم يقبلها الآخرون لأنهم شعروا بأنّ السلطة تهتزّ بين أيديهم وفي وجدانهم. كانت مع الحرّية التي لا تتجزّأ لا في الإنسان ولا في المواقع ولا في الأديان. كسرت نوال السعداوي هذه الحلقة من التخلّف التي تعيد إنتاج نفسها، وتعيد ولادة المصائر المتشابهة والمكرَّرة في الزمن والتاريخ والحضارة. وقفت مع الجهة المظلومة في المجتمع، مع المرأة والشعب ومع الناس المقموعين. وقفت ضدّ استبداد السلطة، وجابهت الموقف الأصولي وقالت في كتابها (وجه المرأة العاري) (1977)، "التراث أداة توظّفه جميع القوى السياسية حسب مصالحها ورؤيتها. ويفقد التراث معناه التاريخي والإنساني إذا لم يعبّر عن المجتمع كلّه. ولا يزال نصف المجتمع أي المرأة غائباً ومغيّباً عن المعركة الدائرة في بلادنا حول التراث والمعاصرة".
 
رأى المفكّر هشام شرابي أنّ نوال السعداوي (المرأة والجيش)، وفاطمة المرنيسي (الحريم السياسي)، وخالدة سعيد (حركية الإبداع)، بين أهمّ ثلاث مفكّرات عربيات تناولن موضوع المرأة بجدّ ورصانة. و"أنها أشارت بجرأة إلى القمع الجنسي الذي يمارسه الرجل ضد المرأة. ورأت أنّ التحرّر الحقيقي لا يحققه البعث الديني ولا الحرية الجنسية، بل يقوم على الانعتاق السياسي والاقتصادي، فتحرير المرأة جزء من تحرير المجتمع كلّه".
 
ولم تتردّد نوال السعداوي لحظة في انتقاد اليسار، لعدم تفّهمه مشكلة المرأة وعجزه عن اتخاذ موقف جديد في هذا الصدد. وشدّدت على ضرورة التوصّل إلى الوعي الاجتماعي من خلال الوعي الذاتي. ورأت أنّ التحديات التي تواجه المرأة في القرن العشرين تبدأ من التحرّر الذاتي، ومن خلال التضامن والتنظيم السياسي والاجتماعي للنساء، بما يساعد المرأة على التحرّر ذاتياً واكتساب الثقة بنفسها لمواجهة مشاكلها والتعليق عليها.
 
انتصرت نوال السعداوي، لأنها كانت دائماً إلى جانب الحرية والمعنى والحياة، وإلى جانب الإنسان امرأةً ورجلاً، في سعيه الشقيّ نحو حياة أفضل وأكثر عدالة وأكثر قوّةً في مجابهة تحديات هذا العالم.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم