الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هذا الكوفيد الأخلاقيّ الرقم 1

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
الكوفيد الأخلاقيّ (منصور الهبر).
الكوفيد الأخلاقيّ (منصور الهبر).
A+ A-
أكرّر: المسألة مسألة أخلاق، أوّلًا وثانيًا وثالثًا وإلى آخره.
الكوفيد اللبنانيّ الذي لا شفاء منه هو الكوفيد الأخلاقيّ، الذي يحتلّ المرتبة الأولى بين أنواع الكوفيد التي تضرب لبنان.
 
بسبب الكوفيد 19 مات ألف. عشرة آلاف. سيموت مئة ألف. وقد يموت مئتا ألف، ولِمَ لا ثلاثمئة ألف، وربّما أكثر، قبل أنْ يتحصّن الناس ضدّه، بما يتوافر من لقاحات ومضادّات و... حظوظ.
في النهاية، سيُعثَر على طريقة لوقف انتشار هذا الوباء، قبل إفناء اللبنانيّات واللبنانيّين.
لكنّ المأساة المأساة المأساة، هي الكوفيد الأخلاقيّ الذي يجعل الجسم الللبنانيّ في حالٍ من الاهتراء ميؤوسٍ منها.
 
هذا الكوفيد الأخلاقيّ لا تقف حدود انتشاره عند أهل الطبقة السياسيّة، بل يتعدّاهم إلى كلّ مَن يمتّ إلى هؤلاء بصلةٍ من الصلات، أقريبةً كانت أم بعيدةً أم متباعدةً للغاية... أم فقط موضوعيّة.
 
عدّوا معي: هذا الكوفيد لا بدّ من أنّه يشمل برعايته الحميدة مجمل اللواتي والذين انتخبوا الطبقة السياسيّة المالكة سعيدًا.
عدّوا معي: المقترعون بلغوا نحوًا من 42 إلى 45 في المئة على وجه التقريب. أكثر قليلًا، أقلّ بقليل. لا فرق كبيرًا.
عدّوا معي: الباقون إمّا موتى، إمّا مهاجرون، إمّا مغتربون، وإمّا مستنكفون عن سابق تصوّر وتصميم.
 
لن أحاسب الموتى، ولا المهاجرين، ولا المغتربين. بل فقط المقترعين والمستنكفين. وهؤلاء الأخيرون يمثّلون نحوًا من ثلاثين في المئة. أكثر قليلًا، أقلّ بقليل. لا فرق جوهريًّا.
أصل إلى غايتي الكوفيديّة ذات الطابع الأخلاقيّ. هناك 72 إلى 75 في المئة (حصيلة نسبيّة للمقترعين والمستنكفين) من اللبنانيّات واللبنانيّين – على وجه التقريب – يتحمّلون مسؤوليّة الكوفيد الأخلاقيّ الذي بلغ شأوًا سورياليًّا يفوق كلّ الاحتمالات والافتراضات.
هؤلاء الـ 72 – 75 في المئة، هم إمّا والغون مباشرةً في الكوفيد الأخلاقيّ، وإمّا مشاركون فيه بطرقٍ غير مباشرة، وإمّا ساكتون عنه، وإما غافلون. وإمّا إلى آخره.
هؤلاء الـ 72 – 75 في المئة، هم جنود الكوفيد الأخلاقيّ رقم 1، وهم ناقلوه، وناشروه، ومرسِّخوه في لبنان.
 
وأنا منهم.
أكرّر: أنا منهم.
إنّي أتّهم نفسي أوّلًا، مثلما أتّهم غيري. لأنّنا نسمح – بإحدى الطرق المذكورة أعلاه – باستتباب هذا الكوفيد الأخلاقيّ وبلوغه الشأو الأشدّ خطورةً ورعبًا.
هل يجب أنْ أقول إنّ الحدّ الذي بلغه الكوفيد الأخلاقيّ، لا خلاص منه إلّا بإحدى طرق "الإبادة"؟!
كوفيد الطبقة السياسيّة الحاكمة، وطواقمها، ومريديها، والمستفيدين منها، والراكبين قطارها، نحن نتحمّل مسؤوليّته. لأنّنا "نحميه"، و"نرعاه"، و"نغذّيه"، ونتابع أعماله المجيدة، وتراكماته، وتجلّياته، وأرقامه القياسيّة التي تتخطّى ذاتها، كلّ يوم، بل كلّ لحظة، في حين أنّنا لا نستطيع أنْ نضع خطّة – لا للقضاء عليه – بل فقط لوقف استشرائه.
 
يرعبني الكوفيد 19. لكنّي مختبئٌ منه كصرصور.
أمّا الكوفيد الأعظم، فهو هذا الكوفيد الأخلاقيّ الرقم واحد، المقيم بيننا، بل المقيم فينا.
هل يجب أنْ أعدّد الطرق والوسائل والأساليب والخطط - المفجعة حقًّا والمضحكة حقًّا والمثيرة للهستيريا حقًّا - التي "نواجه" بها هذا الكوفيد الأعظم؟
أعذروا لهجتي الغاضبة.
 
لا يجوز التعميم قطعًا.
أكرّر بالثلاث: لا يجوز التعميم.
والتعميم لا يجوز خصوصًا أمام هؤلاء الأبطال الذين يواجهون عزّلًا هذا الكوفيد الأخلاقيّ العارم.
شو ناطرين؟!
 

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم