نَحْنُ... وهُمْ...

"لا صالحَ إلاّ الله وحدَه" (مرقس 18:10)الإنسان كائنٌ عاقلٌ اجتماعيّ. وقد تطوّرتْ المجتمعات، فانتقلتْ من عصر القبائل إلى عصر الأوطان. لكنّ الإنسانَ بقي هو هو: في زمن القبائل كانت كلُّ قبيلةٍ ترى في القبيلة الأخرى عدوًّا لها، وتسمح لنفسها بغزو القبيلة الأُخرى. وفي زمن الأوطان أصبح كلُّ حزبٍ يرى في الحزب الآخر عدوًّا له. فإذا بالمواطنين يفرِّقون بين "نَحْنُ" و"هُمْ". فيقول كلُّ فريق: نحن الصالحون وهم الأشرار. وفي هذا الصراع بين "نَحْنُ" و"هُمْ" الذي تسود فيه سياسة التخوين المتبادَل تضيع مصلحة الوطن، وبدل أن يكونَ همُّ الجميع ازدهارَ الوطن يصير همُّ كلِّ فريقٍ السيطرةَ على الفريق الآخر، والوصولَ إلى السلطة للانتفاع من مكاسبها. وبدل الوحدة الوطنيّة يسود جوٌّ من التشرذم والبلبلة.إنّ بولس الرسول، في كلامه على الكنيسة، استقى من مفهوم المدينة عند فلاسفة الإغريق تشبيهَ الكنيسة بالجسد. فكان فلاسفة الإغريق يُشبِّهون المدينةَ بالجسد الواحد الذي يساند فيه الأعضاءُ بعضُهم بعضًا. فكتب بولس: "أنتم جسد المسيح، وأعضاءٌ كلٌّ بمقدار". ثم أضاف: لا ينبغي "أن يكونَ شقاقٌ في الجسد، بل يجب أن يكونَ للأعضاء اهتمامٌ بعضُها ببعض. فإنْ تألَّم عضوٌ تألَّم معه سائرُ الأعضاء، وإنْ...