إنّ العلاقة بين الإنسان والله يختلف تصوّرها بحسب اختلاف الأديان. ففي العهد القديم كان الناس يعتقدون أنّ الله لا يمكن إرضاؤه إلاّ بتقديم ذبائح حيوانات على هيكله. فالخطايا التي يرتكبها الإنسان تُهين الله، وسفك الدم هو الوسيلة الوحيدة للتكفير عن الخطايا. ومع الوقت أدرك الأنبياء أنّ الخطيئة في جوهرها تقوم على تمسّك الإنسان بإرادته الخاصّة ورفض إرادة الله. فأكّدوا أن الطريقة الوحيدة للتكفير عن الخطايا لا تكمن في أن يقدّم الإنسان ذبائح حيوانات بل أن يقدّم ذاته ذبيحة، فيتخلّى عن إرادته الخاطئة ويعتنق إرادة الله. وهذا ما عبّر عنه المزمور الخمسون: "لأنكَ لو شئتَ ذبيحةً لقدّمتُ، لكنّكَ لا ترتضي بمحرقات، إنّما الذبيحة لله روحٌ منسحقٌ، لا يرذل الله قلبًا منسحقًا ومتواضعًا". فالله هو الحقيقة المطلَقة والخير المطلَق، والخطيئة هي ابتعادٌ عن هذه الحقيقة ورفضٌ لهذا الخير، وهذا الابتعاد هو أمرٌ تمتدّ جذوره إلى عمق قلب الإنسان، الذي منه تصدر كلّ قرارات الإنسان ونواياه الحسنة والرديئة. فالتكفير يقوم على اهتداء القلب إلى الله. بهذا الاهتداء...

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول