الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كلمة السرّ: خذوا سمير قصير باعتباره خريطة طريق

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
الشهيد سمير قصير حاملاً نسخة من ملحق "النهار" في ساحة الاستقلال الثاني.
الشهيد سمير قصير حاملاً نسخة من ملحق "النهار" في ساحة الاستقلال الثاني.
A+ A-
هو من الذين واللواتي أحبُّهم، وسأظلّ أحبُّهم إلى آخر نَفَسٍ في حياتي. ليس لي أيّ فضلٍ – الآن وأمس وغدًا – في أنْ أقول شيئًا كهذا. وليس مهمًّا أنْ أجاهرَ بهذا الحبّ، ولا أنْ أتبارى فيه. هي مسألةٌ قلبيّةٌ وعقليّةٌ فحسب (بل قَدَريّة!)، ومن الصعب، ومن المستحيل أنْ يشوبها عندي أيُّ تعديل، أو يعتريها أيُّ نقصان.

إنّي أحببتُ سمير قصير هذا الحبَّ القلبيّ الصافي، وأيقنتُ هذا اليقينَ العقليّ الصافي، مذ تعرّفتُ عليه. وقد زادتني التجارب والأيّام حبًّا وبرهانًا ويقينًا. وليس لي أيُّ فضلٍ في ذلك البتّة.
إنّي إناءٌ قلبيٌّ وعقليّ، وسمير قصير موجودٌ في صحن هذا الإناء، في وجدانه، في ضميره، في رحمه، وفي سدّته. وليس لي أيُّ فضلٍ البتّة.

إنّما يعنيني أنْ أنوّه تنويهًا شخصيًّا راهنًا – وواعيًا – بأهميّة سمير قصير، الآن وهنا، ليس كصديقٍ ولا كحبيب، بل كقضيّة. كالتزامٍ تاريخيّ. كمعنى. وكضرورة.

مَن يفهم جيّدًا وعميقًا هذه الجملة الأخيرة، ويدرك مغزاها الجوهريّ، ودلالتها السياسيّة – الوطنيّة الراهنة، وما يترتّب عليها من – أعباء ومسؤوليّات - ينبغي له أنْ يتلقّفها بجموع عقله، وأنْ يبادر إلى العمل بموجباتها عقليًّا وتخطيطيًّا ومنهجيًّا وعملانيًّا و"على الأرض"، بوعيٍّ تاريخيٍّ غير مسبوق، وبتواضعٍ وزهدٍ وتنوّعٍ ورحابة، وبإرادةٍ صلبةٍ لا تساورها أيُّ هشاشةٍ مرتعشة.

وإنّي أتوجّه إلى الأفراد والمجموعات والكيانات الذين يشغلهم ما آل إليه لبنان تحت أقدام الطغاة، حكّامًا أكان هؤلاء الطغاة أم سوى ذلك من مسؤولين ومتورّطين ومرتكبين وفاسدين ومأجورين ومرتزقة وملتحقين وقتلة وساكتين ولامبالين وغافلين، داعيًا إيّاهم إلى لزوم احتضان الرمز الجوهريّ الماثل في ذكرى اغتيال سمير قصير، قبل ستّة عشر عامًا، في الثاني من حزيران 2005، لا الاكتفاء بالتعبير عن مشاعر الحبّ والحزن والرثاء والغضب والمرارة أو... الإحباط.

وقف سمير قصير في ساحة البرج، ساحة الشهداء، التي سمّيناها ساحة الاستقلال الثاني في "ملحق النهار"، حاملًا في يده نسخةً من ذلك "الملحق"، ومخاطبًا الجموع، في عشيّةٍ من عشايا 2005 (قبل 2 حزيران المشؤوم)، داعيًا إيّاهم إلى تلقّف خريطة الطريق.

إذا كنتم تحبّونه حقًّا، وتريدون أنْ يبقى فعلُهُ حاضرًا فينا، وفي بلادنا المدعوسة تحت أقدام الطغاة، فخذوا خريطة طريقه، واعملوا بموجبها.

خريطة الطريق هي هي، لم يطرأ عليها أيُّ تعديلٍ من شأنه أنْ يمسّ مضمونها وجوهرها. لمَن يعنيه أمر خريطة الطريق هذه، ليس عليه سوى أنْ يضمّ إليها كلّ المجازر والكوارث والجرائم التي ارتُكِبت في حقّ لبنان واللبنانيّين، منذ اغتيال سمير قصير إلى اليوم.

لا تبحثوا عن جنس الملائكة في هذه القضيّة. تريدون كلمة السرّ؟ خذوا سمير قصير – إذًا – باعتباره خريطة طريق.

[email protected]
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم