السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

قراءة في كتاب "فلندفن الحقد والثأر" لغسان تويني... لم يهزمه الموت، هو ذهب إليه عند انتهاء الوقت

المصدر: "النهار"
جان هاشم
قراءة في كتاب "فلندفن الحقد والثأر" لغسان تويني... لم يهزمه الموت، هو ذهب إليه عند انتهاء الوقت
قراءة في كتاب "فلندفن الحقد والثأر" لغسان تويني... لم يهزمه الموت، هو ذهب إليه عند انتهاء الوقت
A+ A-

ليس من السهل الخوض في هذا البحر من الكلام والدمع ولا أعني بحر الكلام والدمع الذي رافق ولا يزال يرافق وفاة غسّان تويني، بل ذاك الذي غمر حياته العملية على مدى ثلاثة أرباع القرن. لا أضيف جديداً إذا قلت إنّ أقلاماً كثيرة ستجفّ قبل أن تفي ذاك الكلام حقّه من الدراسة والتحليل، وقبل أن تتحسَّس حرارة الدمع الذي تفجَّر نبعه ذات ليلة من العام 1947 في نفس الرجل ولم ينضب حتى يوم وفاته. وأظنّه نبعاً كاوياً بقدر ما هو صامت، لأنّ صاحبه الذي نذر حياته للعمل العام، ما بين صحافة وسياسة وديبلوماسية، لم يكن يسمح لنفسه بأن يعلن جراحاته على الجمهور، هو الذي شغلته هموم الناس والوطن فكيف يحمِّل الناس همَّه؟ لنتصوَّر هنا كم يصبح الصمت كاوياً!

لست لأكرِّر ما قيل ويقال عن غسان تويني الذي فرض احترامه على أجيالنا من على صفحات "النهار"، وفي خلال ممارسته العمل السياسي والديبلوماسي. وقد أصبحت له تلك الهيبة يفرضها في كلّ مناسبة مِن على المنابر وكراسي المؤتمرات. احترام وهيبة ما كان بالإمكان إنكارهما حتى عندما اعتقدنا أنّه لا يمثّل تطلعاتنا السياسية والوطنية، فكيف بالأحرى حين صار صوته وقلمه صرخة المواطن اللبناني (والعربي) التائق إلى الحرّية والعدالة والديموقراطية؟

لقد أتيح لي أن أُكلَّف نقل كتابه الأخير، "فلندفن الحقد والثأر"، إلى اللغة العربية، وكان هذا شرفاً لي ومتعة، كونه سمح لي بأن أرافقه في أعمق حالات الوجدان التي كتبها وهو يروي جزءاً من سيرته، أو بالأحرى يروي قصته مع الحياة والموت. ذاك أن غسّان تويني الذي شغلته هموم الناس والسياسة لم يجد ربما الوقت والجرأة، وباعترافه، لكي ينظم الشعر أو يكتب الأدب، ولا يخفى علينا ما في هذه النزعة من رغبة في البوح بمكنونات النفس وخفاياها، وأيضاً ليتعاطى الفكر الفلسفي مع ما فيه من سعي إلى فهم أسرار الحياة وصروفها. فهو رجل السياسة الذي قام بمساءلة معاصريه أو جنونهم، كان يتهيَّب تشغيل مفاتيح نفسه فيقول في كلمة الشكر في نهاية الكتاب: "وقد بدا لي هاجس رواية "ذاتي" وكأنه نابع من تلك الرغبة في كشف نفسي بما هي عليه أمام الذين تابعوا مساري، عِلماً أنّ البوح بالمكنونات يرعبني بطريقة ما"(ص 137). الكلّ يعرف ما عاشه غسان تويني من مآسٍ، لكن أن تواكب الرجل في تعبيره عمّا يعتمل في نفسه في تلك الحالات أو بعدها، وفي مساءلته الأحداث والقدر، وفي سعيه إلى فهم الحياة والوجود، فهذا يفتح لك المجال واسعاً للدخول إلى عالمه الخاص وينزلك منزلة المحلِّل المتعاطف ربما، بعيداً من القراءة العادية أو من تفاصيل حرفة الترجمة ودقائقها.

بالموت تبدأ حياة غسان تويني العمليّة، أو بالأحرى تحدث الانعطافة الكبرى في حياته، فيسلك درباً ظلّ الموت فيه رفيقاً له حتى وفاته، كأنما مساره كان صراعاً فعليّاً بين الحياة والموت، بين السعادة والحزن، بين اليقين والشكّ. فهو إذ كان يدرُس الفلسفة في جامعة هارفرد، تحقيقاً لطموحه الخاص، فجع بموت والده مما اضطّره إلى العودة إلى الوطن ليتولّى إدارة جريدة "النهار" التي كان يملكها وينخرط في السياسة المحلية على كلّ الصعد. وإذ حقّق سعادته بزواجه من ناديا حماده، مُني بوفاة ابنته البكر نايلة بمرض السرطان. وإذ عمل على احتمال المصاب وتأمين العزاء له ولزوجته، فاجأه المرض نفسه بإصابة زوجته ناديا، وبموتها لاحقاً. في تلك الأثناء تعرّض ابنه الشاب مكرم لحادث سير في باريس وقضى فيه، ثم كانت الطامة الكبرى في اغتيال ابنه جبران، الصحافي والسياسي، في العام 2005، وهي المناسبة التي أعطت هذا الكتاب عنوانه. ناهيك عن أعزّاء كثيرين عرفهم في حياته وسرقهم منه الموت، ففي العام 1966 خسر أحد أهم أصدقائه، الصحافي كامل مروّه، فنسمعه يقول وهو يروي مقتل ابنه جبران: "وليست المرة الأولى التي يتهدّدني فيها هذا الموت الفظيع، الذي لا يمكن وصفه، ليضيِّق عليّ دائرته حتى أصابني في لحمي ودمي. فقد سبق أن فقدت في العام 1966 أحد أعزّ أصدقائي، كامل مروّه، وهو الأول في سلسلة طويلة من المعاونين والأصدقاء والشركاء، وحتى المعارضين لي، الذين شهدت سقوطهم في ظروف مماثلة، حتى جاء حاليّاً دور ابني"(ص 20). وليس سمير قصير "أحد أقرب معاونيّ في الجريدة" وجورج حاوي الأمين العام السابق للحزب الشيوعي إلا حلقتين في هذه السلسلة الطويلة... ففي القدس، العام 1948 أصيب صديق له هو مراسل صحيفة "دايلي مايل" برصاصة مباشرة في رأسه وهو جالس بجانبه على سطح المستشفى الأميركي حيث كانا مع غيرهما يغطيان وقائع الحرب، ولفظ أنفاسه بين يديه، فحضر للمرة الأولى وفاة أحدهم وعرف الموت عن كثب. وفي الخمسينات شهد مصرع أحد محازبيه في انفجار عبوة وضعت له هو في الأساس تحت المنصّة التي كان من المفترض أن يقف عليها متكلّماً في اثناء الحملة الانتخابية. وهؤلاء الناس، الأحبّة، الذين انتُزعوا منه بطريقة بربرية أحياناً، أحاط بهم نفسه عبر صورهم التي اكتسبت عنده تأثير الأيقونات فنراه يقول: "هؤلاء الأشخاص الساكنون الصور على مكتبي في بيت مري أو في جريدة "النهار" هم هنا لكي يذكّروني بالتسليم ببداهة وجودهم ما بعد الموت. وهذه الصور تغمرني بالسكون وتمنحني سلاماً داخليّاً عامراً. وعلى غرار الأيقونات التي ذكرت تأثيرها عليّ، فإنّ صور الناس التي تواكبني في حياتي تتمتّع بشيء من قوّة الفنّ"(ص 12).

ربما هذا هو ما جعله يخصّص الفصل الثاني من الكتاب، بعد تناوله موضوع وفاة الجبرانين، والده وابنه، للكلام على الإيمان، إيمانه، كيف تعلّمه وكيف مارسه وكيف نقله مع زوجته ناديا إلى أولادهما. الأهم من ذلك كله كيف وجد عزاءه وقدرة التحمّل في اعتماده على هذا الإيمان: "ما احتفظت به من تلك السنوات التي عشت فيها، جسداً وروحاً، الكثير من المآسي هو هذا الإحساس بحضورٍ ما. فقد مارست إيماني عبر حوار مع يسوع ومع القدّيسين"(ص 29). بهذا الإيمان كان غسان تويني يتقوّى، لأنّ الإنسان فيه كان يقاوم الألم حيناً ويضعف أحياناً بينه وبين نفسه. لكن منتهى الألم كان يعيشه ما قبل لحظة الموت، ثمّ ما بعده، لذلك نرى أنه لم يصف قطّ بالتفصيل حالات الاحتضار والنزاع الأخير مع أنه كان قريباً منها. ففي كلامه على الأيام الأخيرة لابنته البكر نايلة، يروي كيف أنّ الآمال في نجاتها كانت تراودهم أحياناً، لكنها لا تلبث أن تندثر حتى صار "المعيار الوحيد بالنسبة إليّ لتقدير وضع الفتاة، بعد مرورها بأطوار في منتهى القساوة، تبلغ أقصى درجات الوجع والاضطراب، كان صراخها. صراخها المهول. وبِمَ كانت تصرخ؟ "لا أريد أن أموت!"(ص 49).

في الفصل نفسه يخبر قصّة زوجته ناديا مع المرض نفسه، ومواكبته لها في أطواره، وصولاً إلى وفاتها. نجده هنا يجد العزاء لها وله في ما حاول أن يحقّقه لها من رغبة، حين كشفت له عن أشعار كتبتها منذ صباها، فشجّعها على المضي في ذلك، وأسس كرمى لها "دار النهار للنشر"، ثم ربما وجد العزاء الأخير بعد وفاتها، حين حوّل بيتهما في بيت مري "مؤسسة تحمل اسم "بيت الشاعر". وذاك تحقيقاً لرغبتها ورغبتي أيضاً"(ص51).

في روايته الحادث الذي تعرّض له ابنه الثاني مكرم في فرنسا، ومرحلة الانتظار في المستشفى وصولاً إلى وفاته تتسرب لنا حالة من التبرّم من دون تخلٍّ عن الإيمان، فحين كان الأهل يلومونه إذا ما علل النفس بشفاء مكرم، إذ كان الأمل في نجاته مفقوداً، نسمعه يطلب منهم أن يدعوه بسلامٍ مع هذه الأوهام. وفي النهاية يجد نفسه ملتفتاً إلى الله يسأله: "ما الذي جنيته لكي أستحقّ ذلك؟"(ص 90). ثم وإن وجد بعض العزاء في اكتشافهم مكرم شاعراً، رأى نفسه فيه، يعتب مرّة أخرى على القدر: "لقد أهدى إلينا مكرم أشعاره، لكن القدر سلبنا مكرم لتكون الكارثة الثالثة في حياتي"(ص 92). وهي المرة الأولى التي يستعمل فيها كلمة كارثة.

أخيراً قتَُل جبران، وإذا كان من فقدهم قد ذهبوا بفعل مرضٍ أو قضاء وقدر، فإن مقتل ابنه البكر أضاف عنصراً جديداً إلى الجراحات، وهي اليد التي اغتالت متقصِّدة الأذى، عبر معاقبة جبران على مواقفه، وربما معاقبته هو، وجريدته، على تاريخٍ سياسيّ معاكِسٍ لأطروحات مَنْ تحوم حولهم الشبهات في مقتل ابنه وسائر الشهداء. هنا يصل الموقف بغسان تويني إلى قمّة الانسانية، في المعاناة، وكم قليلة هذه الكلمة في حالة رجل وصل به المطاف إلى خسارة آخر أفراد أسرته، ومن كان يعوِّل عليه ليواصل مسيرة "النهار"، وفي تعاليه على الجرح العميق يوم وقف في تأبين ابنه داعياً إلى نبذ الحقد والثأر. فرغم هول المصيبة نراه ينتقل إلى مكاتب الجريدة ليشارك في اختيار المانشيت لليوم التالي، ويروي اختياره العنوان: "جبران لم يمُت والنهار مستمرّة"، كما روى في مكان آخر موقفه حين دُعِي في الكنيسة إلى إلقاء كلمة في وداع جبران، وهو لم يكن يعرف بما سيتفوّه، "فقلت بصوتٍ منخفض جدّاً، وبعكس كلّ التوقّعات، إنني لا أدعو إلى الثأر، وهو ثأر لا قدرة لي عليه أساساً، كما أنني لا أؤمن به. وبطبيعة الحال طالبت بالعدالة كما أوصيت بالصفح: "فلندفن الحقد والثأر" (...) وددْتُ أن أصرخ: "كفانا دماً!" لكن لا أظنّ أنني قلتها، أما الجمهور في الخارج فإنه، من جهته، تبلّغها بشكلٍ جليّ"(ص 18). قمّة التماسك وقمة التضحية، احتفظ غسان تويني بألمه لنفسه، ودعا إلى خلاص وطنٍ.

إنها سيرة صراع بين الحياة الموت، بين السعادة والفاجعة، ففي كلّ مرة توسّم غسان تويني الخير في خطوة أقدم عليها، فاجأه القدر بمخبَّآته، الدراسة الجامعية وتحقيق الطموح، تقطعه وفاة الوالد المفاجئة. الزواج في غمرة الحبّ الجارف، والشروع في بناء الأسرة السعيدة، يعصف به مرض البنت البكر نايلة وموتها، ثمّ مرض الزوجة ناديا ووفاتها، فيما هما ماضيان في بناء الأسرة. مكرم ودراساته في الخارج والآمال المعقودة كما على كلّ ولد، يذهب حادث سيارة بها أدراج الرياح، التقاعد والانصراف إلى التأمل والفلسفة والفنّ والأدب تلبية لما تاقت إليه نفسه على الدوام، يقطعه مقتل جيران الذي يعيده إلى الحياة السياسية من حيث لم يُرِد. في كلّ هذا يبدو غسان تويني مثل سيزيف في الملحمة الإغريقية، ينفّذ ما حكمت به عليه الآلهة فلا يكاد يصل إلى القمة حتى ينهار أمام عبء صخرة الحياة، وهو أصرَّ على حمل صخرتين، حياته الشخصية ومسيرته الحافلة بالفواجع، ومسيرة الوطن الذي واكب بناءه مرحلة بمرحلة، وعايش نكباته ولم يفقد الأمل في أن يبلغ به الخلاص المنشود، هو الوطن الذي "يبقى في نظر العالم مفارقة في منتهى الفرادة"(ص131) و"علينا كلّنا معاً واجب الدفاع عن وجود هذه الواحة اللبنانية وعن فوائد الحوار الذي رفعته إلى أعلى المستويات" (ص 132). وها هو(الوطن) اليوم بعد وفاته لا يزال يصارع من أجل ديمومته وازدهاره.

في نهاية هذه السيرة المقتضبة، هذه المواجهة المكشوفة مع القدر والموت، يعود غسان تويني إلى ما أحبّت نفسه على الدوام، إلى الفلسفة والأدب، فيناقش في الفصول الأخيرة مسألة القدر والسببية والدين والإيمان والثأر، وفي حين نظنّه انفتح على هذه المواضيع الكونية الإنسانية الشاملة نراه يعود إلى وضعه الخاص مشبِّهاً نفسه "بالبطل الإغريقي ينقاد لمصيره المأسوي على يدٍ قوى لا يتحكّم بها"(ص 128). وفي المكان نفسه يتساءل عن سبب قسوة القدر عليه بهذا الشكل. ويختم بالكلام على "ذاته الأخرى"، تلك الذات التي لم تساعده الظروف على البوح بمكنوناتها او الكشف عنها أمام الذين طالما سبر أغوارهم في كتاباته، رغم أنه يرتعب من البوح بالمكنونات كما ذكرنا. لذلك يكرّر حسرته لأنه لم ينصرف إلى الأدب والفن لكي يتجرَّأ على هذا البوح: "وربما كان عليّ أن أسلك طريق الأدب أو الشعر لكي أبوح بما لم أستطع البوح به عبر جريدتي، وربما كان يجدر بي الالتفات صوب المسرح"(ص 133)، أو "يحدث لي أحياناً أن أحلم ليلاً بكلّ ما كان بإمكاني أن أعبِّر عنه في روايةٍ، وحتى في كتاب خواطر فلسفية أو ديوان شعر"(ص 134). وربما هو هذا الابتعاد القسري، لا عن عجز ولا عن عدم كفاءة، هو الذي جعله يعجب ببيت من "مغناة فرمان" لزوجته ناديا ويقول إنه يوحي له بالكثير: "هل أنا ولدت من كذبة في بلدٍ لا وجود له؟"(ص 134).

لم يفشل غسان تويني ليكون كذبة، ما ابتعد عنه مكرهاً أتى شيئاً منه في كتاباته السياسية، وخصوصاً في افتتاحياته التي تنضح بروح أدبية فنّية، مضموناً وأسلوباً، لا بدّ أن تحظى يوماً ما، مع غيرها من نتاجه، بدراسة نقدية أدبية علمية وافية. ومَن يقف، مثله، دارساً وناقداً أمام الحياة والأعمال الفنية والأدبية، هو في عمق أعماقه أديب وفنان سامي الذوق. أذكر في توقيع كتاب سمير قصير، "تأملات في شقاء العرب"، بالترجمة العربية، الذي كان لي أيضاً شرف نقله إلى العربية، أنه لفت وعن حقِّ إلى ضرورة دراسة سمير قصير في نتاجه كأديب مبدع وليس ككاتبٍ صحافي وحسب. أظنّ الأمر نفسه ينطبق على نتاج غسان تويني.

كأنّ غسّان تويني، في كتابه الأخير هذا، أراد أن يستلحق ما فاته، طوال حياته، في غمرة مشاغله ومصائبه، فانصرف إلى الذات يسائلها ويبوح بشيء من مكنوناتها، وإلى الفكر يستنطقه مستفهماً متبصِّراً، ساعياً إلى اليقين بعد منزلقات الشكّ. أراد أن يعلّمنا الصفح والتسامح من دون التخلّي عن العدالة، وأن يثبِّتنا في الإيمان من دون الإغراق في الشكّ، وأن يدعونا إلى الصمود، في الحياة والوطن، لأنّ الحياة ثمينة رغم قساوة العيش أحياناً، ولأنّ الوطن هو المكان الذي تترجم فيه هذه الحياة ذاتها.

كتابه، "فلندفن الحقد والثأر"، حكاية مواجهة شرسة مع الموت يتفوَّق فيها البطل على ذاته وينتصر.

غسان تويني لم يهزمه الموت ولن... هو ذهب إليه عند انتهاء الوقت!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم