السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هِجرةُ اليوميِّ المألوفِ مع الشاعرة ربى سابا حبيب

أدال الحوراني
هِجرةُ اليوميِّ المألوفِ مع الشاعرة ربى سابا حبيب
هِجرةُ اليوميِّ المألوفِ مع الشاعرة ربى سابا حبيب
A+ A-

تكادُ سلطةُ التِّكنولوجيا تُعمي قلوبَنا، وتَنهشُ مخيِّلاتِنا، وتُحوِّلُنا إلى كائناتٍ باردة، وَيكادُ الْخارجُ السِّياسيُّ، والاقتصاديُّ والأَمنيُّ يُفرغ أَعماقَنا مِنَ الأَحلامِ، وَيُيْبِسُ عروقَنا، وَهْوَ التَّنافسُ على المادَّةِ، والتَّكالُبُ على الرَّفاهيَّةِ، يُحَوِّلانِنا إلى أَرقامٍ، لا عِشقَ، ولا وَلَه، ولا غناء!

لكنَّ ثمَّةَ بَعدُ، مَجانينَ، لا يَرضَونَ بَديلًا مِنَ الْفَنِّ، ولَحنِ الْجمالِ، وحَرارةِ الشِّعر، وحُريَّةِ الْحياة! أَنتمُ طليعةُ مَنْ أَدركَ أنّ صَخبَ الْحضارةِ، وَتكديسَ الْمالِ، إلى زوال، ووحْدَهُ الْخَلْقُ الإبداعيُّ يَخْلُقُنا ، ويَمنحُ الْمعنى لوجودِنا! وحْدَها هِجرةُ الْيوميِّ الْمألوفِ، والْخارج المُغطَّى بالنِّفاقِ، واللُّهاثِ وراءَ الْفانيات، يُوقِظُنا، ويُنقذُ دورَنا الْجميلَ، تحت الشَّمس!

وأنتِ سيِّدتي الدّكتوره، الشّاعره، عَرفْتِ سرَّ هذا الصِّراعِ الْقاتل، فحَميتِ مواهِبَكِ، ولم تَكُفِّي عنِ الْغناء، وعَنِ الْحبِّ والرّجاء، مِن ليون 2، إلى كليّة الآداب، عِندَنا، ومِنَ الْمركز الثّقافي اللّيوني، إلى بيوتنا الثّقافيّة، والرّوحية، هُنا، غَنّيتِ الشّرقَ وصُوفيّتَهُ، والزَّيتونَ وظلَّهُ الْحنون، والْبلمندَ وأناشيدَهُ، والْحنين، ولم تَخلَعي عنكِ طربَ الرُّوح، ولم تُبالي كثيرًا، بفوضى الْحداثةِ، وبِصَخَبِ الْعولمةِ، فَحصَّنتِ ذاتَكِ والْكلماتِ بنعمةِ الطُّفولة، وبنعمةِ الشّوقِ إلى الْجذور، والنّور، وانتصرتِ على قلقِ الْعصر، وعلى غُموضِ الْعبارة، وعلى النَّزفِ الْعميقِ في التّجربةِ الشّعريَّةِ الْحديثة، فَأبقيتِ الشّعرَ على صفاءٍ، ونقاءٍ، ورقيٍّ، وفَرادةٍ، ولوَّنتِ الصُّورَ والألحانَ بريشةِ الإيمان، وبأريجِ الزَّهرِ والْحنان، فوُلِدْتِ من جديد والنَّاسُ في الْخارج يموتون، ونَسجتِ صداقةً مع الأبدِ، في ظلِّ تَعَسِ الأيّام، والأنام، وأَيقظتِ الرُّوحَ فيما الْجسدُ أُرهِقَ، خلالَ رحلةِ الصّراع، وَعُدْتِ إلى أرضِكِ، وقيمِكِ، وفضائكِ، لتستريحي في حديقة الشّعر، الشّعرِ الذي يُدْفِىءُ عُمرَنا، وَسَطَ الصَّقيعِ والْدموع! يُدفئُها كما الرَّحمُ الأُولى التي أَخرجتْنا من الْعدمِ إلى الْقِمَمِ!

نَحنُ معكِ، نِستعيدُ هُويَّتَنا، وذَواتِنا، وسعادتَنا، ومعنى حياتِنا.

*تحية تقدير للشاعرة ربى سابا حبيب، أُلقيت خلال الأمسية الشعرية التي أحيتها الرابطة الثقافية رعية مار مارون مساء الأربعاء 8/5/2019 تكريما للشاعرة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم