السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مذبحة نيوزيلندا تثبت أن الإرهاب لا دين له

فيصل ج. عباس- رئيس تحرير عرب نيوز
مذبحة نيوزيلندا تثبت أن الإرهاب لا دين له
مذبحة نيوزيلندا تثبت أن الإرهاب لا دين له
A+ A-

لقد كان بالفعل "أحد أحلك أيام نيوزيلندا"، على حد تعبير رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن، إذ أدّت الهجمات الإرهابية ضد مسجدين في كرايستشيرش إلى مقتل 50 بريئا، تاركةً العالم في حالة من الصدمة والغضب.

هجمات كرايستشيرش هي تذكير مؤلم بعدد من الأمور. 

أولاً، تذكير بأنّ لا مكان - ولا حتى نيوزيلندا المشهورة بالتسامح والسلام - محصّناً ضد أعمال الرجال والنساء المجانين الذين يختارون درب الإرهاب المظلم.

ثانياً، إن الإرهاب لا لون له ولا جنس ولا دين. وبعبارة أخرى، إن الأوسترالي غير المسلم الذي تم اعتقاله لتورّطه بهجمات مسجد نيوزيلندا هو إرهابي مثله مثل أسامة بن لاد نتمامًا. كما أنه إرهابي مثله مثل تيموثي ماكفي، الأميركي المسؤول عن تفجيرات أوكلاهوما عام 1995 التي أودت بحياة 168 شخصًا وأصابت نحو 700 آخرين من مختلف الأديان والخلفيات.

ثالثًا، لقد أثبت ما حدث – وبخاصّة للمشككين - بأن القتل باسم الدين أو العرق أو المعتقد أمر غير مقبول عالمياً وإدانته واجبة. فخلال  السنوات الأخيرة، علا صوت بعض النقّاد الذين  انتقدوا السياسيين وعدد من وسائل الإعلام الغربية لعدم وصفها أي هجوم بــ"عمل إرهابي" إذا كان الجاني غير مسلم، أو إذا كان الضحايا مسلمين. بناءً عليه، فإن إدانة آرديرن السريعة لما حدث في كرايستشيرش ووصفه بالإعتداء الإرهابي طمأن مواطنيها ومراقبيها في جميع أنحاء العالم.

كان من الإيجابي جداً كذلك سماع كلام مماثل من البابا فرانسيس والرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة مجلس الوزراء البريطاني تيريزا ماي وعدد من المسؤولين الآخرين. بطبيعةالحال، كانت الدول الإسلامية بقيادة المملكة العربية السعودية، سريعة في إدانة ما حصل أيضاً.

وبالطبع، سيكون هناك دائما بعض دعاة الكراهية مثل السيناتور الأوسترالي فريزر أنينغ الذي غرّد ملقياً اللّوم في هذا الحدث على السماح لنيوزيلندا بهجرة المسلمين. ولكن سرعان ما انتقدت آراءه شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء الأوسترالي سكوت موريسون ووزير الداخلية البريطاني ساجيد جافيد.

أخيرًا وليس آخرًا – وأخشى أنها النقطة الأكثر إثارة للقلق - لم يعد بإمكاننا إنكار خطر وسائل التواصل الاجتماعي الواضح والحاضر في حياتنا. فبمجرد التفكير بأن أجزاء من هذه الهجمات المروعة تم بثها مباشرةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي من رجل أكدت الشرطة أنه أصدر مسبقاً "مانيفستو" عنصري ضد المسلمين والمهاجرين مسبقًا، أمر يثير القلق بشكل رهيب.

بالطبع، حاولت مواقع التواصل الاجتماعي مثل Facebook و Twitter الاستجابة بشكل سريع. كما أنها ربما محقة في القول بأنه مع وجود عدد كبير من المستخدمين، يصعب عليها للغاية مراقبة كل مشاركة. ومع ذلك، فقد وقع الضرر وهو يتكرر كل يوم.

لقد آن الأوان لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي تماماً بقوانين مثل قوانين الحد من بيع السلاح في أميركا. بعبارة أخرى، لا ينبغي السماح للمتطرفين مثل إرهابي كرايستشيرش الحصول على منبر للدعوة إلى الكراهية أو توثيق الجرائم. ويمكن القيام بذلك من خلال عمليات التحقق من خلفية المنتسبين، الأمر الذي يمكن استخدامه مثلا لمنع المعتدين على الأطفال من الاستفادة من التكنولوجيا لارتكاب جرائمهم.

هذا الاقتراح قد يكون، أو لا يكون هو الحل، ولكن الحقيقة التي باتت جلية هي أن الوقت قد حان لتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم