السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حرب الخليج العربي القادمة

المصدر: "النهار"
سعد بن عمر- مركز القرن للدراسات
حرب الخليج العربي القادمة
حرب الخليج العربي القادمة
A+ A-

يذهب محللون سياسيون عدة في حديثهم عن منطقة الخليج العربي وعن العلاقات السعودية - الإيرانية إلى أن ثمة حرباً مقبلة بين المملكة العربية السعودية وإيران.

ولعل هذه التوقعات تبدو للبعض أمنيات لا أكثر؛ إذ إن أي محلل سياسي يعتمد على خلفية عسكرية لا يستطيع ان يتحدث بمثل هذا الكلام الكبير..! والذي يتعلق بمصير أمم، ودول كبيرة وشعوب مثل الشعب الإيراني، والشعب العربي السعودي، وإذا علمنا ان منطقة الخليج العربي كانت على غناء موانئها البترولية وحساسيتها للعالم المستهلك للبترول واهميتها كانت مسرحاً لحروب عدة اعتباراً من العام 1960 حتى هذه اللحظة.

وبعض هذه الحروب تقابلت إيران والمملكة العربية السعودية فيها من طريق وكلائهما والبعض خاضتها كل دولة على حدة، وآخر تلك الحروب بالنسبة إلى إيران هي الحرب الإيرانية-العراقية التي استغرقت 8 سنوات، وما زال الإيرانيون يرون المعوّقين والمعدومي الأطراف في شوارع طهران، وقم، وتبريز، كشاهد وكذكرى لمن قد ينسى هذه الحرب.

وفي الجهة المقابلة تقود المملكة حرباً شرسة في جنوب بلادها تمتد على مسافة 400 كيلومتر إضافة الى عدة ألوية تخوض الحروب داخل اليمن وتحفظ الأمن في عدن والمهرة وصعدة والحديدة وحرض. ولا ريب أن بين الدولتين الكبيرتين في منطقة الشرق الأوسط صراعاً رهيباً على كل المستويات: الثقافية، والسياسية، والاستراتيجية، والاقتصادية، وحتى الاجتماعية. وهناك أيضاً حرب تخوضها الدولتان ولكنها حرب صامتة، وحرب بالوكالة تخوضها الدولتان في اليمن، ويقوم بغالبيتها وكلاؤهما الرسميون في اليمن.

هناك سياسات لا يستطيع أحد أن يحكم عليها الا انها سياسات تحصل من دول العالم الثالث في ايران كمحاولة تصدير الثورة والتدخل السافر في البلاد العربية وهو تدخل غير مرغوب به محليا، ففي العراق انتفض الشعب العراقي على التدخلات الإيرانية، وسيرحل يوماً ما سواء طال الوقت أم قصر. وكذلك في عدة أماكن من العالم العربي تعيد بذلك سياسة الاتحاد السوفياتي في الستينات والسبعينات في البلاد المتحالفة معه، الا ان الدولة الإيرانية بمسؤوليها وأنظمتها التشريعية لن تخاطر بإيران بإعلان حرب مع المملكة العربية السعودية لأسباب عدة:

أول هذه الأسباب أنه لا يوجد ما يوجب أن تقوم من شأنه هذه الحرب، اذ ان جميع الاختلافات بين الدولتين هناك أدوات مواجهة لها على الأرض في جميع المواقف، فلا داعي لاستخدام الصاروخ والمدفع في تحقيق الأهداف.

ثانيها يوجد مواجهات ولكن من الوكلاء المحليين سواء من طريق "حزب الله" أو من طريق الحوثيين، فلا داعي لشن حرب قد تخسرها ايران لذلك لن تقوم ايران بحرب ضد المملكة العربية السعودية لسبب رئيسي اخر هو انه ليس هناك أي حدود برية بين المملكة العربية السعودية وإيران فأي اشتباك مقبل محتمل أن يقع هو اشتباك بحري، وهذا الاشتباك البحري عبارة عن قوارب تدخل المياه الدولية أو المياه الداخلية للدولتين وسرعان ما يحكم العقل فيها لبعد العمق البحري للدولتين عن بعض. والجدير ذكره أن أي حرب بحرية قد تقع بين الدولتين سيتفوق فيها السعوديون، فصحيح أن الإيرانيين لديهم في حدود 60 غواصة لكن هذي الغواصات ليست محمية من الهجوم الجوي الذي يتفوق فيه السعوديون تفوقاً كاسحاً ويعدون له جيداً.

بقي لنا أن القوات البرية الإيرانية الذي قد يصل مستوى تعدادها الى مليون لا يوجد لها أي فرصة للاشتباك مع السعوديين الا عبر اختراق الحدود العراقية والكويتية ثم السعودية وهذا مستحيل، لان السعودية في حال اتخاذ مثل هذا القرار الخاطئ وغير المسؤول تستطيع قواتها السعودية أن تدمر كل هذي القوات قبل وصولها ارض الكويت او الحدود السعودية مع العراق، ولن يخاطر الإيرانيون بمثل هذه الخطوة التي قد نعدها في خانة اللامتوقع.

وبالنسبة إلى القوات الجوية والصاروخية الايرانية فإن السعودية تتفوق فيها على إيران تفوقاً بيّناً، وليس لدي السعودية ادنى احتمال بمغامرة ان تستخدم قواتها الجوية ضد ايران مستقبلاً، لان كل الأمور التي تختلف مع الإيرانيين فيها أدوات الاشتباك فيها متوافرة سواء على الأرض بالوكلاء او سياسياً او اقتصادياً.

بقي أن نتحدث عن القوة الصاروخية التي تمتلكها ايران فعندما تمتلك ايران قوة صاروخية بهذا الحجم وعلى جميع المستويات الصاروخية والأبعاد من متوسطة الى طويلة الى قصيرة فإن المملكة العربية السعودية تستطيع بقواتها الدفاعية أن تحطم تلك القوات المهاجمة بل تستطيع ان تهاجم مواقع إطلاقها وتدمرها.

وما زلنا نعول على الحكمة عند القيادات الإيرانية والسعودية في انه لن يكون هناك في المنظور القريب أي مغامرة في نشوب حرب مستقبلة بين الدولتين.

ولكن نسمع من آن لآخر بعض المحللين وكأنهم يتمنون تلك المواجهات بين السعودية وإيران لأشياء في أنفسهم وحتى أولئك الذين يميلون من الكتاب والأخوة العرب الى ايران يرون انه لو قامت مثل هذي المواجهة ستخسر ايران ما لديها من مخزون صاروخي في صحارى المملكة العربية السعودية وهذا امر مستحيل الحدوث، وتجربة الصواريخ البالستية التي اطلقت من اليمن ومعظمها ايرانية الصنع عبارة عن براميل بارود طائرة اصطادتها الدفاعات السعودية جميعها ولم ينجح أحد منها في الوصول الى الهدف.

لكن قد يكون هناك مواجهة بين ايران وإسرائيل، وهذي المواجهات تستطيع ايران الرد على الإسرائيليين صاروخيا دون ان تحاول جر المزيد من الدول في مواجهة معها كمثل من يتوقع ان تقصف المواقع البترولية في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، فايران، لو حدث اشتباك مع الإسرائيليين، لن تحاول أن توشع مدى المهاجمين سواء الأميركان او القواعد الأجنبية في البحرين وقطر والامارات والكويت في استخدام ما لديهم من مخزون صاروخي او من البحر لتدمير ايران.

لذلك أي اشتباك مستقبلي بين الإسرائيليين والإيرانيين سيكون عبر الأجواء العراقية الأردنية الى فلسطين وسيكون العالم العربي والخليج العربي بعيدين من هذه الاشتباكات لان أي جر لإحدى دول الخليج العربي معنى ذلك ان القواعد الأجنبية الموجودة في قطر والامارات والكويت سترد على ايران، ناهيك بالهجوم المحتمل ان ينطلق من حاملات الطائرات الموجودة في الخليج العربي وخليج عمان وجزيرة قارسيا.

الخلاصة ان الحكمة التي تتمتع بها القيادة السعودية وحتى ذلك في القيادة العليا الإيرانية تمنع أن يكون هناك أي اشتباك مستقبلي بين الدولتين الكبيرتين وسيظلان يلعبان لعبتهما السياسية حتى تقتضي مصلحة كليهما بمد يده للسلام.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم