الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

في بعلبك... السيول من نعمة إلى نقمة

المصدر: "النهار"
بعلبك - وسام اسماعيل
في بعلبك... السيول من نعمة إلى نقمة
في بعلبك... السيول من نعمة إلى نقمة
A+ A-


لم تشهد محافظة بعلبك - الهرمل عمليات تطوير للبنى التحتية مما زاد من التعديات خصوصاً عند مجاري السيل في المنطقة حتى فاقمت التعديات وقلصت مجرى السيول وأصبحت المجاري الان مصدر قلق للجميع حيث ساد الاعتقاد لدى الاهالي ان السيل لن يجري مع انخفاض المتساقطات طوال العقود غير انه خلال العام الحالي فوجئوا بالسيول الجارفة التي اجتاحت بعض القرى نتيجة لهطول امطار غزيرة وحبات البرد على اسطح منحدرات قرى البقاع الشمالي والجرود المحيطة بتلك البلدات في السلسلة الشرقية والتي هي ضعيفة الامتصاص لكونها سواء صخرية او جافة لتسجل اعلى نسبة من الاضرار التي خلفتها الطبيعة في الممتلكات من منازل ومحال تجارية واراضٍ زراعية حتى طالت السيارات والطرقات العامة كذلك طالت الاضرار شبكات الكهرباء والبنى التحتية بمختلف انواعها.

تحولت السيول من هبة من السماء ونعمة الى نقمة، وتكررت الحال بفترات متفاوتة وتنقلت السيول بين منطقة واخرى لتطال معظم تلك البلدات البقاعية وحصدها ارواحا من بلدة راس بعلبك جارفة معها حياة ابنة البلدة شهيرة بلعيس وقضت على كل ما كان في طريقها اثر خروج السيول عن مسارها جراء التعديات على مجرى السيول لتطال المنازل والمحال المجاورة له.

الطبيعة عبرت عن غضبها في منطقة بعلبك - الهرمل وتشكلت السيول نظراً لطبيعتها الجغرافية ومع عدم احترام الاهالي والبلديات المجرى الذي رسمه السيل لنفسه عبر الزمن من اودية واقنية طبيعية الى اماكن سكنية تعلوها مبان عشوائية لا تلحظ منشآت وقائية للسيول الجارفة خصوصاً ان معظم هذه الابنية حاصلة على رخص بناء من البلديات المعنية فكيف لا يتعجب السيل ولا يغضب حين يأتي ولا يجد له مكانا؟ إن كان في مدينة بعلبك او راس بعلبك، الهرمل واللبوة ونحلة وغيرها الكثير من البلدات التي لا تعد وتحصى؟

في مدينة بعلبك وادٍ يطلق عليه "وادي السيل" بدأ من جرود بعلبك الشرقية مروراً بعدد من احياء المدينة ليخترق سوقها التجاري وصولاً الى قلعة بعلبك ومن ثم بساتينها، ونظرا للمنشآت والمباني العشوائية المرخصة باتت معالم الوادي غير مرئية وتوجد الاماكن الاكثر قعرا ومساحة في محلة العسيرة طريق اللجوج الذي بات وادياً سكنياً بامتياز ويذكر احد قاطنيه ويدعى ح. ج ان لجوءه الى السكن في وادي السيل نظراً لانخفاض اسعار العقارات فيه فيما ترتفع خارج وادي السيل.

السيول التي ضربت المدينة أخيراً لم تكن بحجم السيول الكبيرة التي ضربت المنطقة في الثمانينات والتسعينيات حيث لم تسلك السيول طريقها باتجاه وادي السيل المذكور اعلاه نظرا إلى أن الامطار وتساقط حبات البرد لم يطل كل الجرود واقتصر على مساحة صغيرة منه والجزء المعني في الجبال لتشكل السيول المؤدية الى وادي السيل وشهدت المنطقة سيولاً في عدد من المجاري المحدودة المؤدية الى وادي السيل لتدخل المدينة ضاربة بعرض الحائط كل ما يعيق طريقها مخلفة اضراراً جسيمة في الممتلكات وخسائر مادية كبيرة من دون ان يتم التعويض عليها حتى الساعة، غير ان ما جرى كأن الطبيعة ارادت ان تنذر الاهالي والبلديات والمعنيين باعادة حساباتها قبل فوات الاوان فالطبيعة "تمهل ولا تهمل" هنا تقع المسؤولية على الجميع ومن واجب المحافظ والوزرات المعنية رفع التعديات عن وادي السيل والاسراع في انشاء منشآت وقائية للسيل فما يخبئه الزمان غير مدرك مما يحذر من وقوع كارثة بشرية .

بالرغم من أن السيول ظاهرة مناخية هيدرولوجية تتكرر بحسب المكان أو المنطقة التي تنزل فيها، غير ان انتشار ظاهرة التعديات على مجاري السيل اتت مع استهتار البلديات المنصرمة وازدياد النمو الديموغرافي للمنطقة في ظل فساد اداري وتجاهل الحكومات المتعاقبة لاستكمال اعمال الضم والفرز غير المستكملة وتجاهل تام للمواطن.

من المؤكد ان السيول ظاهرة تحكمها مجموعة من العوامل الطبيعية التي لا يستطيع الإنسان التدخل فيها، غير انه يمكن ان يحولها من نقمة الى نعمة والتدخل بالطريقة الصحيحة لتلافي سلبيات هذه السيول وتحويلها الى ايجابيات والتحكم في هذه المياه والسيطرة على طاقتها كالسدود لتشكل مصدراً من مصادر الانماء للمنطقة التي تتعرض للتصحر.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم