شوارع من بيروت تخلع عن كاهلها مخالفات شوّهت صورتها

مشهد غريب عن أحياء و "زواريب" بعض مناطق بيروت، مع ازالة المخالفات من اكواخ واعمدة ومواقف سيارات، اضافة الى المركبات التي هجرها مالكوها هنا وهناك، وغيرها من التعديات على الملك العام... "الورشة" التي بدأت منذ زمن لا سيما مع اصدار محافظ بيروت القاضي زياد شبيب بلاغاً بتاريخ 8 تموز 2017 عن حملة تكليف بالرسم والغرامة لكل إشغال للأملاك العامة غير المرخص لها بحسب الاصول، ومن اي نوع كان (عوائق مختلفة، كراس وطاولات، احواض زهور، براميل، احجار باطون، سيارات مهملة...)، استكملت منذ الاثنين الماضي في شوارع عدة من العاصمة.

سعادة وحماسة

اليوم استيقظ سكان شارع "غانا" صباحاً على ضجيج وقرقعة، ليعلموا على الفور ان البلدية تستكمل خطوتها في ازالة المخالفات، "الطريق اصبح اوسع، بات بإمكان سيارتين ان تسيرا جنبا الى جنب من دون ان تقع مشاكل يومية على افضلية المرور"، قالت ام سمير التي كانت في طريقها لشراء حاجياتها من السوق. "شوّهت التعديات المنطقة، لذلك نأمل ان تصبح من الماضي كي يتحسن المشهد العام، فقد ضقنا ذرعاً من (سلبطة) بعض المدعومين باستغلال كل مساحة من املاك الدولة، سواء بناء كوخ وتحويله الى دكان، او وضع اعمدة لحجز موقف للسيارات، ولو كان بامكانهم ان يستثمروا ما تبقى من طريق لفعلوا ذلك على السريع".

"كفى"

على بعد امتار نزولاً الى شارع صبرا عبّر ابو أحمد الحصري وهو واقف امام مدخل المبنى الذي يقطنه عن رأيه "بالخطوة المنتظرة منذ زمن"، لافتاً الى أنه "اسكن في المنطقة منذ خمسين سنة، لا وجود للدولة هنا، فوضى بلا حدود، مجارٍ وروائح كريهة، كل شارع له غطاء سياسي، والزعران لهم مرجعياتهم... كفى بنا خروجاً عن القانون، لماذا علينا دفع ثمن تعديات غيرنا على الشارع؟ زحمة و قبح في كل زاوية". واضاف "على الرغم من انني أؤيد وبقوة الحملة الا انني اعتقد انها لا تخدم لاكثر من ايام قليلة".

بين الخوف واليقين

يقف امام الملعب البلدي في الطريق الجديدة محدّقاً بكل تفصيل، تحدث محمود عن المشهد المستجد على الشارع قائلاً: "لا يعتقدن أحد اننا ضد ازالة المخالفات، فنحن نعيش هنا، ونتمنى ان يصبح شارعنا كشارع الحمراء، وقد انتظرنا كثيراً وآن أوان التغيير، لكن ما اخشاه ان لا تطال الحملة سوى من ليس لهم ظهر يحميهم، في حين يغض النظر عن مخالفات المدعومين"، يقاطعه صديقه منير "لا اعتقد ذلك، اذ تبدو جديّة، فقد بدا واضحاً ان لا احد على رأسه خيمة، وهذا مطلبنا فقد وصل الامر حتى الى اعتقاد المخالفين انهم يملكون الارض المتعدين عليها، ومع الوقت يزيدون من رقعتها، ولا يتجرأ احد من السكان على التفوه بكلمة اعتراض، لذلك نحن سعيدون جداً بخطوة المحافظ، ونطالبه بارسال دوريات بين الحين والاخر لردع كل من ستسول له نفسه من جديد التعدي على الملك العام".

حملة قديمة متجددة

الحملة التي اخذت ضجة اعلامية يوم الاثنين الماضي بعد الاشكال الذي حصل في الطريق الجديدة ما هي الا استكمال لخطوة سابقة، تعود كما شرح فادي بغدادي من مكتب محافظ  بيروت "الى سنوات ماضية بناء على قرارات عدة اصدرها محافظ بيروت آخرها التبليغ الصادر السنة الماضية، وما هي الا استجابة لمطالب السكان الذين ضاقوا ذرعاً من احتلال الاماكن العامة، فالشكاوى تصل يوميا على مبنى البلدية وصفحة بلدية بيروت على "فايسبوك". واضاف في حديث لـ"النهار": "منذ الاثنين الماضي ازيلت بعض التعديات في شارع "غانا" المتفرع من المدينة المدينة الرياضية واليوم استكملنا المهمة هناك، اضافة الى ازالة التعديات من المناطق المشتركة بين بلديتي بيروت والغبيري، وشارع دار العجزة، ارض جلول، قسم من صبرا، سوق الخضر وحائط الملعب البلدي، مع العلم ان الاكسبرس الذي حصل بسببه الاشكال يوم الاثنين الماضي ازيل في اليوم التالي لكون الرخصة التي بحوذته موقتة وصاردة سنة 1992 اي انها لسنة واحدة فقط" قال بغدادي.

الجميع تحت القانون

"كل المخالفات مؤرشفة وستزال تباعاً حتى تعود بيروت كما كانت مدينة حضارية خالية من التعديات" بحسب بغدادي، الذي اكد ان "الجولات ستكون مداورة وفجائية، نقوم بها بمؤازرة عناصر من قوى الامن الداخلي وعناصر مكافحة الشغب وفوج حرس بيروت" لافتاً إلى أن "الجميع تحت القانون، نعم هناك مخالفون يحاولون مقاومة القوى الامنية التي تقوم مشكورة بجهود كبيرة على الارض، ومن جانبنا نفضّل ان يزيلوا مخالفتهم قبل ان يسطر محضر ضبط في حقهم".

ويتابع "التبليغ واضح بمطالبته المباشرة بازالة العوائق غير المرخصة عن الاملاك العامة من مختلف طرقات وشوارع العاصمة وارصفة مدينة بيروت على نفقة اصحابها، مع اعتبار الاعلان بمثابة تبليغ عام وشخصي لكل صاحب علاقة ومؤسسة وشركة تشغل املاكاً عامة من دون ترخيص، اما المعدل الوسطي لرسم وغرامة اشغال المتر المربع الواحد من الاملاك العامة هو بحدود الـ 700 الف ليرة او 3 ملايين وخمسمئة الف ليرة بحسب نوع الاشغال".

خلعت شوارع من بيروت ثوباً رثّاً أجبرت على ارتدائه، وما زالت بقية الشوارع تنتظر أن يحين دورها وتخلع عن كاهلها مخالفات شوّهت صورتها...