الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

أشرف مروان بطلاً قومياً على الشاشة ومصر رفضت التعاون

المصدر: هوفيك حبشيان- النهار
أشرف مروان بطلاً قومياً على الشاشة ومصر رفضت التعاون
أشرف مروان بطلاً قومياً على الشاشة ومصر رفضت التعاون
A+ A-

في الرابع عشر من أيلول المقبل، سيبدأ عرض “الملاك” للمخرج الإسرائيلي أرييل فرومن. يستعرض الفيلم الذي كلَّف ١٢ مليون دولار فصولاً من سيرة رجل الأعمال المصري أشرف مروان (١٩٤٤ - ٢٠٠٧) وضلوعه في تسريب معلومات عسكرية إلى إسرائيل عن ساعة الصفر في حرب ١٩٧٣، ودوره في خدمتها وانخراطه في واحدة من أخطر عمليات التجسس في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.


أشرف مروان هو صهر جمال عبد الناصر وقد اتُهم بالعمالة لمصلحة إسرائيل، في حين ان أجهزة استخباراتية هناك اعتبرته عميلاً مزدوجاً. مات في العام ٢٠٠٧، بعد سقوطه من شرفة منزله في لندن، الا ان غموضاً كبيراً يكتنف ظروف هذا الموت. القضاء البريطاني أغلق الملف مؤكداً ان موته يبقى بلا تفسير ولا أدلة تدعم نظرية الانتحار أو القتل. 


تم تصوير "الملاك" (الاسم الحركي لمروان) في الصيف الماضي، وفي الخريف كان المونتاج في مراحله النهائية. أرييل فرومن الذي يتولى الإخراج، عمل في أميركا حيث أنجز فيلماً من بطولة كافن كوستنر وغاري أولدمان عنوانه "مجرم"،وأيضاً "ذي أيسمان" مع مايكل شانون ووينونا رايدر. فرومن يعتبر ان أشرف مروان ضحّى بحياته من أجل إحقاق السلام بين مصر وإسرائيل. اعجابه به يأتي من هذا المنطلق.  


في دور أشرف مروان، نجد التونسي الهولندي مروان كنزاري، الذي يمثّل حالياً في "علاء الدين" إخراج غاي ريتشي، وهو يُعتبر من المواهب الصاعدة. الممثل الذي يضطلع بدور عبد الناصر هو وليد زويتر وشاهدناه في "عمر" لهاني أبو أسعد. أما منى عبد الناصر، زوجة مروان، فتجسّدها الفلسطينية ميساء عبد الهادي، في حين أن العراقي الإسرائيلي ساسون غاباي، أبا "زيارة الفرقة الموسيقية"، سيكون أنور السادات.   

 الفيلم مبادرة فرنسية وإنتاج بريطاني اشترت "نتفليكس"حقوقه وتكفّلت كلّ النفقات، مع مشاركة بسيطة من بريطانيا. جرى التصوير في بريطانيا وبلغاريا والمغرب. نحو ثلث الفيلم ناطق بالعربية، وهذه المرة الأولى يحدث ذلك في فيلم من إنتاج "نتفليكس"، التي لن تخرجه إلى الصالات بل ستعرضه على منصّتها الالكترونية. 


في باريس، قابلتُ أحد منتجي الفيلم، الفرنسي سيمون ايستولينان، وأخبرني بعض التفاصيل عن العمل المنتظر. هذا المنتج والممثّل البالغ من العمر ٣٤ عاماً، روى انه يعمل على المشروع منذ أربع سنوات. باهتمام شديد سألني: "أي صيت لأشرف مروان في العالم العربي؟"، فأوضحتُ انه يُقال عنه عميل، قبل ان يسعى إلى معرفة المزيد: "… وماذا يُقال عنه، لأي جهة كان يعمل؟" فقلت: "إسرائيل"! ردّ: "فوجئت عندما ناقشتُ مع أصدقاء مصريين ولبنانيين وفلسطينيين بأنهم يعتبرونه عميلاً. التقيتُ الكثير من الناس من محيطه، أهمّهم الأكاديمي والكاتب المقيم في لندن أهرون بريغمان المتخصص في الشأن العربي - الإسرائيلي، وهو الذي ذكر اسم أشرف في العام ٢٠٠٢ وكشف انه عميل للموساد. فتخيل ان أشرف اتصل به بعد ذلك وأصبحا صديقين. كان يخاف ان يغتاله أشرف. قابلته لجمع معلومات لكتابة السيناريو. صحيح ان بريغمان إسرائيلي، لكنه معادٍللصهيونية. لديه مواقف راديكالية جداً من المخابرات الإسرائيلية. وكذلك من الخطاب الرسمي لإسرائيل عن أشرف. أمضيتُ الكثير من الوقت معه، وهو يدرِّس في الـ"كينغز كوليدج" في لندن وقد بلور نظرية تدعم فكرة ان أشرف عميل مزدوج نصب فخّاً لإسرائيل، كونه مدّها بإنذارات خاطئة. غير مرة إتصّل بالإسرائيليين وأخبرهم بأن الحرب تندلع غداً، ولم يحصل ذلك. ضلّل القيادة الإسرائيلية علماً ان إسرائيل استنفرت وكلّفتها الانذارات الخاطئة الكثير من الجهد والمال. وجهة النظر هذه كانت تهمّنا منذ البداية، لأننا لم نكن نريد حكاية عميل، ليس هذا ما كنا نبحث عنه على المستوى السينمائي. لم نرد سيرة بالمفهوم التقليدي. كنّا مهتمين بلعبة التجسس وقصّة ان أحداً لم يعرف فعلاً لحساب مَن كان يعمل، وحتى عندما تطالع مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين، تجد أنهم يتجادلون بعضهم مع بعض لمعرفة مَن كان يشغّله. رئيس الموساد يدعّي انه كان يعمل لحسابه، ورئيس جهاز مخابراتي آخر يقول ان السادات أرسله. حتى في إسرائيل، لم يتفقوا على رواية واحدة. ونحن، كان يهمّنا هذا الجدل وهذا السجال حول أشرف. في فيلمنا، نقدّمه بطلاً قومياً مصرياً. رجل لا يخون زوجته البتّة. في بداية الفيلم، نرى ان علاقاته صعبة ومعقّدة جداً مع عبد الناصر الذي لم يكن يحبّه ويعتبره انتهازياً. ولكن، ما إن وصل السادات إلى السلطة، حتى أصبح مستشاره الخاص وفاوض القذافي، وكان سياسياً محنّكاً من الطراز الرفيع استدرج إسرائيل إلى فخّ في يوم الغفران".   


تم استخدام كلّ أرشيف بريغمان لكتابة السيناريو، وهو الأرشيف الذي اعتمد عليه لتأليف كتابه "الجاسوس الذي سقط من السماء: علاقتي مع العميل السري الذي هزّ الشرق الأوسط". طالع القائمون على الفيلم الكثير من الملفات، منها اتصالات هاتفية بين الرجلين ورسائل صوتية تركها أشرف لبريغمان. "الأرشيف في الـ"كينغز كوليدج" في لندن مفتوح للعامة"، يخبرني ايستولينان. "استشرنا بريغمان لأنه أمضى الكثير من الوقت مع أشرف. عشيّة موته في العام ٢٠٠٧، كان اتصّل به في روما وطلب رؤيته كي يحدّثه في أمر مهم. سمّعني الرسالة. ولكن، في اليوم التالي مات. يُقال انه اغتيال ولكن الأمر غير مؤكد. لا أحد يعرف".  


مرة جديدة، فضّلت الجهة المموّلة، إسناد كتابة السيناريو إلى أميركي، وهذا الأميركي ليس سوى ديفيد أراتا، الذي له في رصيده أفلام مهمة مثل "ابن الرجل" لألفونسو كوارون و"لعبة جاسوس" لطوني سكوت. تعاون أراتا مع بريغمان وعميل المخابرات الإسرائيلي المتقاعد يوري بار يوسف، صاحب كتاب "الملاك: المصري الذي أنقذ إسرائيل" الذي يثبت بالوثائق ان أشرف مروان أخلص لإسرائيل، الا ان الفيلم لا يستند إلى رواية بار يوسف بل كان دور الأخير استشارياً.  


مصر، كما كان متوقعاً، رفضت ان تتعاون. والرفض شمل الحديث عنه حتى. عبثاً حاول القائمون على الفيلم الاتيان بممثلين من مصر. لم يتم الاتصال بكتّاب سيناريو مصريين في طبيعة الحال، لأن "هوليوود تفضّل سيناريستاً أميركياًمعروفاً حتى اذا تعلّق الأمر بفيلم تجسس تدور أحداثه في الشرق الأوسط"، وفق ما يقوله ايستولينان. "الاقتراب من المصريين في هذا الخصوص كان الأصعب. حاولنا التحدث مع منى عبد الناصر مرات عدة، ولكن بلا نتيجة. لم تُرد التحدث خوفاً. قالت ان هذا يعود بالخطر عليها. قالت أيضاً انها لا تريد ان تعرف أي شيء عن الموضوع وان زوجها تسبب لها بالكثير من الأذى. الا ان ابنها جمال تواصل مع المخرج".  


لا يخشى أصحاب الفيلم الا إسرائيل. هي الوحيدة التي يمكن ان تقاضيهم. لأنهم يقولون انه تم التغرير بها والنيل من هيبتها كدولة. ولكن ماذا عن أرملة الراحل، منى عبد الناصر؟ بحسب وجهة نظر الصنّاع: "قد تتهمنا بالمساس بحياتها الشخصية والافتراء والتشهير. ولكن، لا يوجد قلق حول هذه المسألة، لأن دورها جيد في الفيلم".  


يحرص ايستولينان على الا تتكوّن فكرة مغلوطة عن الفيلم في العالم العربي، عبر الترويج لشائعات والقول بأنه رواية صهيونية عن عميل عربي. "الفيلم أكثر من هذا. انه على نسق "المرشّح المنشوري" أو "الراعي الصالح". ليس عملاً دعائياً. حتى لو انني متأكد من ان البعض سيقول بأننا جعلنا العميل بطلاً، فنحن نطرح شخصية تمتاز بالجمال، جاسوس وديبلوماسي كبير. رجل وطني. مهم جداً بالنسبة إلينا نقل هذه الرسالة. وجهة النظر التي نتبنّاها ليست إسرائيلية". 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم