ابي راشد، السبع والعياش: جمعتهم الساحات فهل يحضنهم البرلمان؟
"صفحة جديدة للبنان". إسم اللائحة. عناوين المشروع الانتخابي ثلاثة: التنمية المستدامة، العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد. "انطلقنا كنواة، ولن نكتفي بثلاثة مقاعد فقط. والأهم تشكيل لائحة قوية، اذ لسنا مرشّحين شكليين. كثيرون عبّروا عن رغبة في الترشح معنا، ونحن في صدد التفاوض لانتقاء أفضل الخيارات. فيما أولويتنا التحالف مع المجتمع المدني، على أن نتابع تطوّر مسار الأمور"، وفق أبي راشد في حديثه الى "النهار". وفي رأيه، ان "ترشيح مستقلين في الضاحية او المتن او بعبدا ليس عقدةً، ومن يحب الأحزاب التقليدية ويرى انها تقدم له الانجازات فلينتخبها". أبي راشد متفائل وماضٍ في عزمه. لم يترشّح اسمياً، بل فعياً. "فئة واسعة من اللبنانيين لم تكن تتوجه الى صناديق الاقتراع، لكونها لا تجد من يمثّلها. نحن سنكون خيار هؤلاء في الحدّ الأدنى من منطلق ان لكلّ انسان كامل الحق في ان يتمثل في البرلمان. قضيتنا لها وجودها، والناس تفكّر بمنظورنا. الحزبيون الملتزمون أقلية. لكن المشكلة تكمن، وفق أبي راشد، في افتعال أزمات طائفية كلّما اقتربت فترة الانتخابات. وهي خديعة نجح السياسيون في استخدامها حتى الساعة".

وعن تمويل الحملة الانتخابية، يؤكد أبي راشد ان "أحداً لم يتقدّم بالتمويل وما من مال". بضيف ان "لا حاجة أصلاً الى التمويل، ولا يهمّنا هذا الشق رغم لجوء البعض الى تأمين المال من هنا وهناك. إذا شعر الناس بصدق مسعانا فليست أعجوبة، وتأمين الأصوات يأتي في النهاية من الناس". وبصيغةٍ أخرى، لا ينفي أبي راشد ان "تفعيل المدونات على مواقع التواصل يحتاج الى قليلٍ من النقود". والحاجة الى الأموال في هذا الإطار لا تعني في رأيه "الموافقة على الظهور في صورة المرشّح المدفوع الى خوض غمار الاستحقاق الانتخابي من جهة خارجية". يأتي ذلك من منطلق أن "الانتخابات امتحان للناخب لا للمرشح، واذا لم يعِ الانسان مصلحته ولم يعلم من يختار، فهنا تكمن العقدة".
وما بعد الوصول الى البرلمان ليس كما قبله، كما تعد اللائحة. "سيليه نهج عمل مختلف عن السائد حالياً"، على ما يقول العياش. ويؤكّد لـ"النهار" أنه "سيعيد للنائب وظيفته، غير المتمثلة في تزفيت الطرق، بل سَن القوانين وتطويرها ومراقبة العمل الحكومي، وهذا ما ينقص البلد. سنتحول الى معارضة حقيقية للفساد، ونسعى الى اقامة سلطة القانون والمؤسسات لحفظ حق المواطن". ويقتدي العياش بقول مأثور ويخيطه على الواقع اللبناني، ليقول: "بدل ان أطعم المواطن سمكة مقلية سأجلب له صنارة وأعلّمه كيف يصطاد".
وعن الأسباب التي دفعت العيّاش الى الترشّح، يقول انه "في غياب القرار تستحيل القدرة على تحقيق المبتغى. يمكن ان نناضل بيئياً قدر ما نشاء، ولكن اذا لم نصل الى مركز قرار فهذا يعني ان شيئاً لم ينفّذ. من هنا كان الواجب ان أترشح للندوة النيابية". وبعبارة أخرى يقول: "ترشحي ناجم عن تبديل النواب الحاليين مفهوم الوظيفة النيابية. وظيفة النائب هي التشريع وسن القوانين وتطويرها ومراقبة عمل الحكومة، لكنها لم تطبٌّق مطلقاً. بدّل النواب واجباتهم الحقيقية بتزفيت الطرق واقامة الولائم وإجراء السمسرات وعقد الصفقات. لهذا السبب قرّرت ان أترشح".

آمال الفوز حاضرة بقوّة لدى العيّاش: "أعي ان أكثرية الشعب اللبناني، خصوصاً الشباب بين 21 و35 سنة يمثّلون اكثرية صامتة اليوم. اختبرت حقبة تجار الدين وزعماء الأحزاب وأعرفهم. من هنا أعترف بأكثرية صامتة هي بمثابة مارد المجتمع المدني الذي سينفض الرماد عنه ويظهر الجمر الذي تحته. أنا أعتمد على هذا المارد".
ألفت السبع، متفائلة أيضاً. جاهزة للاستحقاق. رسالتها من نوعٍ آخر. "قصّتها قصّة". حكاية بدأت أحداثها يوم قرر والدها تزويجها في سن السادسة عشرة. غادرت المدرسة مع بداية المرحلة الثانوية وأنجبت 3 أطفال في مقتبل العمر. "كان والدي يخال ان قراره صائب"، تقول السبع لـ"النهار". وتسرد أنها عادت وتسجلت في المدرسة بعد مضي 10 سنوات على الزواج، فأكملت تحصيلها العلمي مع أولادها "على ضوء الشمعة". وحازت أكثر من شهادة بعد دراستها أكثر من اختصاص في الجامعة الأميركية في بيروت وفي جامعة الحكمة. وها هي اليوم استاذة في جامعتين. وكانت ترشحت للانتخابات النيابية عامي 2014 و2015 الى جانب نساء عدّة، قبل التمديد لمجلس النواب. وخاضت غمار الاستحقاق البلدي الأخير ونالت 3000 صوت.
أما ترشحها اليوم الى جانب أبي راشد والعياش، فيأتي بعد "اختيارهما لي الى جانبهما، ولي الشرف في ذلك"، على قولها. وعن الأسباب التي دفعتها الى الترشح، تجيب: "أرفض واقع البلد المرير في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وانتشار الفساد وغياب ضمان الشيخوخة. وأنا ضد زواج القاصرات، نتيجة تجربتي الشخصية، وأريد اعلاء الصوت. فاذا لم تتمتع المرأة بالاهلية القانونية لتنتخب ممثلين في البرلمان قبل سنّ الـ21؟ كيف لها ان تختار شريك حياتها قبل سنّ الـ18 سنة؟". وعن احتمالات الفوز والخسارة، تقول: "النجاح يتمثل في خوض المعركة والوقوف في وجه مارد السلطة، على رغم ان ذلك لا ينفي المواقف السياسية الخاصة بكل شخص".
دقّت الساعة. ابي راشد والسبع والعياش بدأوا خوض غمار الاستحقاق الانتخابي. قضايا كثيرة تحلّقوا حولها. فهل يجمعهم البرلمان بعدما جمعهم الشارع؟
نبض