في زحلة... حفر على صخر العلاقة "الكتائبية - القواتية"
Smaller Bigger

على رغم أن موعد الانتخابات النيابية لا يزال بعيداً، ووسط الضبابية التي تلف المشهد التحالفي بين الأحزاب السياسية، إلا أن زحلة كعادتها تستبق بحركيتها غيرها من الأقضية، وهذا ما بدا جليّاً من خلال الزيارات المتتالية التي قام بها الزعماء السياسيون من رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع يدل على ان المعركة الانتخابية انطلقت باكراً في هذا القضاء وهذا ليس جديداً على زحلة خصوصاً في الدورتين الاخيرتين اللتين كانت تتجه فيهما الانظار في كل لبنان إلى زحلة التي أعطت الاغلبية لتحالف قوى 14 آذار في 2009.

إلا أن المتابع للتطورات يستطيع رصد حركة غريبة غابت عن المشهد السياسي في باقي الاقضية، وهي التقارب القواتي- الكتائبي، وفي عز القطيعة الكبيرة بين الحزبين على مستوى لبنان التي بلغت أوجها بعدم دعوة رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الى قداس شهداء "المقاومة اللبنانية" وغياب حتى المشاركات المتبادلة في أي نشاط سواء السياسي أو الديني، ووصلت في بعض المناطق الى حدود المقاطعة الاجتماعية، كان النائب إيلي ماروني يستقبل وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي اثناء زيارته الى زحلة للدعوة إلى المشاركة في قداس "معراب"، ويصعد معه الى المكتب الرئيسي للحزب، ناهيك بأن الاستقبال الرسمي الاول الذي أجراه جعجع في زحلة كان مع ماروني، اضافة الى زيارة قام بها الأخير الى وزير الاعلام ملحم الرياشي في مكتبه في الوزارة، مما شكل اول التقاء على مستوى نيابي- وزاري بين الفريقين منذ تشكيل الحكومة الاخيرة، مع حضور النائب جوزف المعلوف الى منزل ماروني لاستقبال الرئيس الجميل، وكان آخرها ما اعلنه ماروني عن مائدة صباحية في منزله جمعت مسؤولي الكتائب والقوات والأحرار وتيار المستقبل والاتحاد السرياني ومستقلين وإعلاميين و"كانت فرصة للتشاور في أوضاع زحلة والبقاع وأهمية التلاقي الدائم في خدمة المنطقة، كما كانت مناسبة عادت فيها 14 آذار إلى صورتها المكتملة في زحلة".

في السياق، يؤكد ماروني في لقاءاته أن العلاقة مع "القوات" جيدة جداً، ودائماً لزحلة خصوصيتها ولا سيما بين "القوات" و"الكتائب" أولاد القضية الواحدة. ومهما مرت بمطبات فهي ستعود الى طبيعتها عاجلاً او اجلاً.

الانتخابات أولاً

لكن في المعطيات تؤكد أوساط زحلية أن ماروني يعلم اللعبة الانتخابية جيداً، وان منفذه الاساسي والانتخابي الاساسي هو مع "القوات"، بعد أن أبلغت بطريقة غير رسمية مرشحها المفترض عن المقعد الماروني ابرهيم الصقر بصعوبة تبنيه، إضافة الى الإصرار العوني على المقعد الماروني عبر المرشح سليم عون في مقابل صعوبة التحالف مع رئيسة "الكتلة الشعبية" ميريام سكاف بسبب الخلاف العائلي الكبير معها، ولإقفال الباب أمام أي محاولة حزبية للتحالف معها، خصوصاً في ظل ما بدأ يردده كتائبيون عن ضرورة التواصل مع سكاف وليس بالضرورة عبر ماروني بحيث ان "الكتائب" حزب كبير وعريق في زحلة ويملك ما يكفي من الشخصيات ومن جميع المذاهب لخوض المعارك الانتخابية اذا دعت المصلحة ذلك، ولا يغيب تلبية الرئيس أمين الجميل دعوة سكاف الى الغداء وإن بمناسبة اجتماعية عن هذا الموضوع بالذات".

وسعى ماروني في الفترة الاخيرة إلى اجتذاب عدد من الشباب القواتيين الملتزمين، ولكن لديهم اعتراضات على القيادة الزحلية للحزب لتعزيز موقعه، الذين بدورهم بدأوا يسوقون لاهمية التحالف مع الشخص الذي خاض بجانبهم معارك كثيرة اثناء الوجود السوري ووقف الى جانبهم ودافع عنهم، وان كان في "ورقة النوايا" اهمية استراتيجية لناحية عدم العودة الى الماضي، الّا ان هذا لا يعني تفضيل من "وشى بهم" وحاربهم طوال سنوات كثيرة على رفيق النضال.

القوات تعلّق

في المقابل، تؤكد مصادر قيادية زحلية في "القوات اللبنانية" أن "العلاقة مع "الكتائب" هي مثل كل لبنان ولا شيء مميزاً في زحلة، مما يعني أن هناك شرخاً كبيراً بين الحزبين، مشيرة الى ان اللقاءات التي تجري مع نائب الكتائب هي لقاءات اجتماعية، باعتبار ان زحلة هي قرية كبيرة وجميع الناس تعرف بعضها ويمكن ان تلتقي بأي مناسبة ولا خصومة أبداً بين قواتيي زحلة وشخص ماروني".

وتلفت الى أن "حتى اللقاءات الرسمية بين الفريقين كانت اجتماعية فقط، فحضور ماروني الى لقاء الوزير بوعاصي كان موضع شكر واحترام الا انه لم يتجاوز اللقاء العادي ولم يبحث اي تفصيل سياسي"، كاشفة انه "حتى اللقاء مع الحكيم لم يقدم جديداً لكن حمل عتباً ومناقشة غير ودّية لم تؤد الى اي اختراق بعكس ما اشيع من اجواء ايجابية عنه".

وعن اللقاء الجامع في منزله، تشير الى أن "مسؤول "القوات" في البقاع الاوسط ميشال تنوري تلقى دعوة الى الفطور من ماروني، لم يستطع تلبيتها فأرسل عضو الهيئة التنفيذية كميل الشدياق مكانه وحضر لفترة عشر دقائق اقتصرت على السلامات من دون التطرق الى اي موضوع سياسي او زحلي"، مشددة على انها ترحب بأي لقاء يكون ضمن روحية 14 آذار الّا ان "القوات في زحلة هي ليست منعزلة او في جزيرة اخرى انما تلتزم اوامر قيادتها وتعمل على اساسها".

ولئن زحلة ليست منعزلة فإن ما يصح اليوم يمكن ألا يصح غداً، وخصوصاً بعد الزيارة الاخيرة الذي يقوم بها الجميل وجعجع، والكلام على إحياء حلف 14 آذار قد يقلب المعطيات جميعها.

[email protected]

twitter:@alexkhachacho



الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.