السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

راهبة لبنانيّة وملحّنة وقائدة... مارانا سعد صائغة "الموسيقى من أجل تمجيد الله"

المصدر: النهار
هالة حمصي
هالة حمصي
راهبة لبنانيّة وملحّنة وقائدة... مارانا سعد صائغة "الموسيقى من أجل تمجيد الله"
راهبة لبنانيّة وملحّنة وقائدة... مارانا سعد صائغة "الموسيقى من أجل تمجيد الله"
A+ A-

في #دير_مار_يوسف_جربتا لـ#الراهبات_اللبنانيات_المارونيات، حيث عاشت #القديسة_رفقا اعواما طويلة، تسهر الاخت سعد على "مشروع موسيقي" كبير بات رسالة بكل معنى الكلمة، وقادها ورفاقها الى اماكن بعيدة، منها الفاتيكان (2016)، لاحياء عيد مار مارون هناك. وكان لقاء سريع مع البابا فرنسيس. معهد القديسة رفقا، جوقة معهد القديسة رفقا... والايام تعد بالكثير. "الفن هو لتمجيد الله، وعيش الفن بانسانيتنا في رسالة خاصة"، تقول الاخت سعد.      


20 عاما في الحياة الرهبانية، والرسالة موسيقية، داخل الدير وخارجه. الموسيقى حب قديم، "منذ الطفولة". تعلمت الاخت سعد العزف على الـ"فلوت ترافيرسيير". من ذكريات تلك الايام، تستعيد صورة العائلة مجتمعة الى المائدة ايام الآحاد، والوالد صاحب الصوت الجميل والمحب للطرب "يحمل الاكورديون ليعزف، وكنا نغني"، على ما تتذكر. حب الموسيقى ورثته منه، نقله اليها بالدم.  

  (الاخت سعد وجوقة معهد القديسة رفقا مع البابا فرنسيس في الفاتيكان)

"الفن للفرح والسلام والحب" 

لم تكن نيتها ان تبشر من خلال الموسيقى. عندما دخلت الرهبانية، كانت رغبتها الوحيدة ان "أصبح راهبة فقط"، على قولها. قبل اي شيء، تخصصت اولا باللاهوت. "اولويتي الحياة الرهبانية. وجاءت الموسيقى الى جانب اللاهوت. وخلال تخصصي به، كان لدي الوقت لاستفيد موسيقيا، من الناحية الاكاديمية والروحية". ونمّت اكثر موهبتها الموسيقية، وتخصصت في روما بإدارة الجوقات. وبعد عودتها الى بيروت، و"لان القديسة رفقا كان صوتها جميلا وعلمت الاولاد الترتيل، كانت الفكرة اعادة تأسيس جوقة القديسة رفقا للكبار والصغار، ضمن روحانيتها".


وهذا ما حصل. وانطلق "هذا المشروع المسيحي الفني" العام 2010. ويحمل اسم جوقة معهد القديسة رفقا للكبار (95 فردا) والصغار (90). في العام نفسه، اسست في جوار الدير "معهد القديسة رفقا" لتعليم الموسيقى. والعائلة تكبر. "نحو 250-300 شخص" يشكلون نواة المعهد والجوقة، في طليعتهم "الاخت مارانا"، على ما ينادونها. 

و"الصبغة" هي القديسة رفقا. "نشتغل كلنا، كمعهد وجوقة، لان تكون روحانيتنا من روحانية هذا الدير والقديسة رفقا". وتتدارك: "الفن هو لتمجيد الله، وعيش الفن بانسانيتنا في رسالة خاصة. الفن للفرح والسلام والحب، وليس للتكبر او الغيرة او الظهور. واسهر على هذه التربية في الجوقة".  

 (خلال تمرين للجوقة استعدادا لأمسية موسيقية)

"الاستمرار في هذه الروحانية والمثابرة عليها" من مسلمات الامور عند الاخت سعد. "الموسيقى وسيلة لدي، وليست الهدف. الهدف ان نكون للمسيح، وهذا يعني ان اعيش كامل انسانيتي بكل معنى الكلمة تمجيدا للرب، وعيش مُثل الانسانية في هذا العالم، لنترك عطرا طيبا". السهر اولا على الذات والآخرين جوهري، وان "نذكر انفسنا دائما"، على قولها، "بان ما نقوم به ليس هدفه سوى ان نكون عائلة حقيقية مسيحية، ونبشر بذلك في الخارج، من خلال الفن، حتى لو كنا نغني، ولم نكن نرتل".     


بالانسانية 

تؤمن الاخت سعد بان "الاغنية قد تصل الى جمهور لا يعرفنا من خلال الدين، انما بالانسانية". يروق لها هذا الامر، وتعتبر ان الطريقة التي تطل بها الجوقة، تنظيما ووقوفا وابتسامة على الوجوه، "هو صلاة". "ما اعتبره مكافأة ان التربية التي نحاول ايصالها الى هؤلاء الشباب والاولاد، جيدة ومشبعة بروح رفقا".


تربية تتجسد ايضا في "لحمة" بين اعضاء الجوقة، وعلاقة اخوية و"شفافة" "تجعل غناءهم يدخل القلوب". مكافأة اخرى للاخت سعد. "الدخول الى قلوب الناس"، من خلال الغناء، عزيز على القلب. من فوائد الغناء ايضا، في رأيها، "التعلق بالوطن والكنيسة والارض، لان الاغنية تعلّم، وتجعلنا نتعلق بتراث بلادنا".  

(الاخت سعد مع الفنان مرسيل خليفة) 

"ممتنة" الاخت سعد للحياة التي "رسمها الله" لها. "كما انشأني اهلي وعلموني، كذلك قدمت اليّ الرهبانية الكثير، كي انمو روحيا وعلميا ولاهوتيا وموسيقيا". هذه الثقة التي تمنحها اياها الرهبانية خلقت لديها "مسؤولية"، على قولها. و"المسؤولية هي ايضا ان افكر في ما يمكن ان اقدمه في المقابل الى الرهبانية، وما يمكن ان اخدم به الدير".  


دير "يربي"، يصقل المواهب، يشجع على الموسيقى، يحييها في رحابه. وقد اصبح بيت الجوقة، كبارا وصغارا، و"هذا ما يشعر به اعضاؤها"، تقول. ورش عمل، تمارين اسبوعية، مناهج دراسية، دروس على مدار الاسبوع، امسيات موسيقية، مهرجانات، مسرحيات، برامج تلفزيونية، نشاطات موسيقية... والحان تخرج من رحم الدير. في رصيد الاخت سعد نحو 7 البومات، عشرات التراتيل والالحان من تأليفها. في الموسيقى، تبحر من اجل "التواصل مع الآخرين"، وتجد "تنوعا" تؤمن به.  


ولادة المناجاة 

الدكتورة مارانا تحمل دكتوراه في لاهوت الحياة الرهبانية (جامعة سان انسيلم-روما-2009) والموسيقى المقدسة. استاذة في كلية اللاهوت في جامعة الروح القدس- الكسليك. كاتبة هي ايضا، وتستعد لجديدها عن "صيرورة الانسان". القلم رفيقها الدائم. وتفكر في الكلمة لتعجن اللحن المناسب لها. ولكن يبقى الالهام عفويا في اوقات التأليف. "احيانا تخرج الالحان هكذا، بعفوية"، تقول. ترتيلة "الله يراني" من تأليفها... وتسترسل في غناء لحنها الذي ارادت ان يكون "تأمليا".  

(اجتماع في المعهد. وبدا الملحن وعازف العود شربل روحانا)  

في الموسيقى المقدسة، "اللحن مبني على الكلمة"، تشرح. الكلمة اولا، والموسيقى في خدمتها. تعرف جيدا اسرار التأليف، كيف "تولد المناجاة". "الموسيقى بذاتها تلمس كل احاسيس الانسان، بعقله وروحه، وذبذباتها "تسير" في جسمه. دورها مهم جدا. والناس يعرفون ان يتذوقوا اللحن الجميل". في رأيها، اللحن الذي يخرج من القلب يصل مباشرة الى القلوب.  


مشاريع للجوقة على الطاولة، وتنهمك فيها الاخت سعد. امسيتان في تشرين الاول وتشرين الثاني المقبلين، الاولى موشحات مع جوقة الاولاد من توزيع واعداد المؤلف الموسيقي وعازف العود شربل روحانا. والاخرى لجوقة الكبار مع الفنان مرسيل خليفة... غيض من فيض، وكل نشاط ذكرى يسطر لمواعيد موسيقية جديدة.  


"سعيدة" الاخت مارانا بتلك الرسالة، و"أجد نفسي فيها". ويبقى ديرها "راحتها"، "المكان الذي انتمي اليه". طموحها؟ "لا اهداف مستقبلية لدي. ما اعيشه سعيدة به. وانا سعيدة، واعيش بمحبة وسلام. ولا اطمح الى شيء آخر". المعهد والجوقة في الصلب. وما تريده لهما "ان نكون عائلة حقيقية، وتكون الموسيقى لرقي الانسان، وتطويرنا روحيا وعمليا. اذا وصلنا الى العالمية ولم تتطور الجوقة روحيا واجتماعيا، نكون خسرنا كل شيء". تعرف جيدا من اين تؤكل الكتف. "المجد الباطل لا نريده". 

[email protected]



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم