الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

إبطال قانون الضرائب يعلّق السلسلة... "الإرث الثقيل" هل يولّد انفجاراً اجتماعياً؟

المصدر: "النهار"
ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
إبطال قانون الضرائب يعلّق السلسلة... "الإرث الثقيل" هل يولّد انفجاراً اجتماعياً؟
إبطال قانون الضرائب يعلّق السلسلة... "الإرث الثقيل" هل يولّد انفجاراً اجتماعياً؟
A+ A-

أبطل المجلس الدستوري قانون الضرائب الممولة للسلسلة رقم 45، وأربك معه الحكم، ووجه سهاماً الى طريقة التشريع. وطرح إبطال القانون أسئلة كبرى عن مصير قانون السلسلة ووضع الجميع أمام خيارات صعبة، خصوصاً موظفي القطاع العام والمعلمين والعسكريين الذين انتظروا طويلاً تحسين رواتبهم، فإذا بإبطاله يضع القانون الثاني 46 في مهب الريح، وإن كان بات مكتسباً لا يمكن التراجع عنه. 

لم يكن أحداً يتوقع أن يبطل المجلس الدستوري القانون 45، فكل الآراء كانت تشير الى أن المجلس سيبطل بعض مواده، ليتفاجأ الجميع أن الأمر سار على العكس. وإن كان القرار بالإبطال بإجماع أعضاء المجلس هو الأول من نوعه، إلا أنه لا يعني بالضرورة أنه خطوة إصلاحية على طريق استعادة المؤسسات لدورها، طالما أن القانون بذاته تعرّض قبيل تقديم الطعن به من الكتائب بتوقيع عشرة نواب، إلى الكثير من الحملات والضغوط، خصوصاً من الهيئات الاقتصادية والمالية، والتي لم تترك مناسبة إلا وشككت بالقانون داعية الى إلغائه أو تعديله إلى رفضها الضرائب التي تطال القطاعين المالي والمصرفي ومؤسساتهما، علماً أن الهيئات زارت رئيس الجمهورية أكثر من مرة، وهو الذي لم يرد القانون بل وقعه، مع دعوته الى إقرار قوانين أخرى تحصنه وتحميه من الثغرات.

ليس القانون في ذاته الذي أبطله المجلس يخالف الدستور. فالتشريع وفق مصادر سياسية يحتاج إلى إعادة نظر. فماذا عن قوانين أكثر مخالفة أقرت بمادة وحيدة وطعن فيها، لكن المجلس الدستوري لم يبطلها، بل دعا الى تعديل بعض موادها، كقانون الإيجارات مثلاً الذي لم يطبق الى اليوم. لذا يطرح إبطال القانون 45 تساؤلات وعلامات استفهام في لحظة سياسية دقيقة، فكيف يفتح الطريق على الإصلاح؟ وتسأل المصادر، ماذا لو عجزت الدولة عن سداد نفقات السلسلة في غياب الضرائب؟ وإذا تقرر فعلاً وقف العمل بالسلسلة، سيواجه البلد انتفاضة شارعية وقد يؤدي الى انفجار اجتماعي، خصوصاً وأن البيانات بدأت بالتحذير من عدم تحويل رواتب نهاية الشهر على الأساس الجديد، فيما دعت هيئة التنسيق النقابية الى عقد جمعيات عمومية استعداداً للإضراب والتصعيد في حال جمدت رواتب السلسلة الجديدة. وكأن البعض متفق على الخلاص من "الإرث الثقيل" الذي ترتبه السلسلة...

شكل القرار "مفاجأة دستورية"، وإذا كان ينطوي على الدفع باتجاه العمل على تأمين التمويل من خلال اجراءات لوقف الهدر ومكافحة الفساد، فإن ذلك برأي المصادر السياسية سيفتح على معركة كبرى في البلد، فمن سيسير بإصلاح المؤسسات وإعادة هيكلة السياسات المالية والاقتصادية ومحاسبة المرتكبين؟ خصوصاً وأن هكذا توجه يحتاج الى الكثير من الإجراءات والقوانين الجديدة والمحاسبة الجدية التي يمكن أن تطال كثيرين في السلطة وممثلي الطوائف. وقبل ذلك، كيف ستعالج الحكومة موضوع السلسلة في غياب تمويل محدد من الضرائب، وهو الأمر الذي سيضع الجميع أمام مأزق وأزمة، في وقت بدا التوجه الحكومي العام يميل الى وقف العمل بقانون السلسلة والبحث مجدداً عن تأمين موارد لتغطية نفقاتها وإيجاد البدائل اللازمة.

لا شك في أن الأمور ذاهبة الى مزيد من التعقيد. الإرباك طال الجميع ولن يمكن تجاوز الانعكاسات السلبية بسهولة. فمع البلبلة التي سادت أوساط الحكم، لا يمكن أن يكون الأمر، وفق المصادر، مجرد فوز لفئة وخسارة لأخرى من هناك. وإذا كان قرار الدستوري قد اعتبر في مطالعته أن القانون لم يراع الأصول الدستورية وعدم إقرار موازنة عامة سنوية للدولة وعدم وضع قطع حساب لكل سنة، بما يشكل إنتهاكاً فاضحا للدستور، لخرقه مبدأ المساواة، فإن معالجة هذه الاعتبارات التي رد على أساسها المجلس القانون وأبطله، سيفتح على إعادة النظر بقوانين أخرى أقرت بالطريقة ذاتها وبمادة وحيدة أيضاً، وهو أمر غير ممكن حالياً طالما أن المؤسسات تعمل وفق أجندات سياسية معروفة.

في المقابل، ترى المصادر أن "السلسلة والضرائب قانونان منفصلان"، ولذا على مجلس النواب أن يحسم في الأمر، فإما أن يقر قانون ضرائب جديدا، يأخذ بالاعتبار ما كان أثير حول القانون المبطل، وإما يصدر قانوناً يلغي قانون السلسلة 46، ما قد يفجر الوضع الاجتماعي في البلد باعتبار أن قانون السلسلة صار حقا مكتسباً للموظفين والمعلمين والعسكريين والمتقاعدين.

من المستفيد من إبطال قانون الضرائب؟ سؤال يطرح الكثير لكن الإجابة عنه جاهزة، طالما أن هناك من خاض معارك كبيرة لإلغائه من دون أن يمس بقانون السلسلة...

[email protected]

Twitter: @ihaidar62


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم