السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

إنجاز وإعجاز

المصدر: "النهار"
سناء الجاك- كاتبة صحافية
إنجاز وإعجاز
إنجاز وإعجاز
A+ A-

بادئ ذي بدء، لا جميل او منة للقابضين على مفاتيح السلطة في #لبنان التي تعيش على حساب المكلف في انها تمكنت من الوصول الى #قانون_انتخابي في اللحظة الأخيرة للمهل الدستورية، لأنها قامت بالحد الادنى من واجباتها.  

ولا لزوم لهذا التطبيل والتزمير لما يصرون على وصفه بـ"الانجاز التاريخي" و"التطور النوعي" ونسبه الى القوى التغييرية التي استفرست لتغيير كل من حولها شرط ان تكرس وجودها وتراكم المزيد من الحصص، حتى لو ارتمت في احضان خصومها القادرين على فتح طريق يقودها الى أهدافها.

الا اننا نقر ونعترف بمهارة هؤلاء القابضين على البلد في احتساب المنافع التي ضمنت لهم غلال المواسم الانتخابية الموعودة.

وهذه المهارة هي القابلة غير القانونية التي ساهمت بإنجاز تكمن فيه الغلبة لصيغة المقاولات على حساب التشريع.

من هنا نقرأ غياب وزارة الداخلية والمتخصصين بالشأن الانتخابي فيها عن مداولات القانون العتيد، لأن لا لزوم لهم ولا دور في تفصيل قياس هذه الدائرة وذاك القضاء وذلك الكرسي.

ومن هنا، يبدو ان الانجاز الحقيقي الذي أفرزه القانون الانتخابي الوليد هو الغاء الخصومة بين الخصوم مع تغييرٍ مرشحٍ ليتحول شاملاً وناسفاً للتحالفات السابقة لدى بعض الاطراف. فالمشاركون في التسوية التي بدأت بانتخاب رئيس الجمهورية وتتوالى فصولها لتكريس تقاطع مصالحهم، اقفلوا عليهم دائرة التفاهم بالتكافل والتضامن بمعزل عن التبني والتصريحات و"المغلي".

والفرسان الذين تولوا مسألة الأخذ والرد وتعاملوا مع الموضوع بصيغة المقاولات التي تتميز بمفعولها السحري نجحوا بقولبة الدستور والتشريع. وهنا الإعجاز الخاص بهذا البلد، اما الكلام عن الإنجاز فهو ما كان يجب ان يكون تحصيلا حاصلا لا اكثر ولا اقل.

فجماعة الخير تجاوزت شعاراتها وتناقضاتها وتحالفاتها جملة وتفصيلاً، ووضعت على الطاولة كل النقاط المشتركة نابذة كل ما يبعدها عن القبض على البلاد، وذلك باستنباط القياس اللازم
لأجسامها اللبيسة، والغاء كل خلاف سياسي يعرقل مواسم الحصاد المقبلة، ما ينذر باننا دخلنا مرحلة وئام سلطوي على حساب كل من يعترض طريقها او يأخذ من حصتها.   


والقانون جديد بهذا المعنى، فهو يترجم مدى حاجة الجماعة الى نقلة نوعية، بعدما تبين لها ان مرحلة التعطيل والتجييش الجماهيري والالتقاء على المبادئ المشتركة لم تعد تؤت ثمارها، لذا كان لا بد من الانتقال الى مرحلة جديدة عنوانها "خذ ودع غيرك يأخذ".  

الطرافة ان آباء القانون الوليد يرفضون انتقاده، ومن يصرح انه لم يفهم تفاصيله وبنوده وزواريبه وسراديبه اما عاجز او معرقل او صاحب طموح مغرض، وهو مدعو الى فهمه قبل الاعتراض عليه، ثم يقرون بأن فهم هذا القانون يحتاج الى وقت وتحليل وشرح وتشريح. وعندما نفهم التفاصيل المعقدة يحق لنا ان نعترض..

هنا ندخل في الاعجاز والتعجيز الذي لا يروي الديموقراطية ولا المصلحة الوطنية العليا في لبنان.

وكأن المطلوب هو ان لا نفهم، وان يُستخدم الغموض في كيفية تطبيق بنود القانون لأنه المرتجى اذا برز ما ليس في الحسبان.

لكن ان يوصف القانون بأنه انجاز وطني تاريخي، فالامر يترك الكثير من التعليقات والملاحظات.

ربما لأن التجارب السابقة لا تشجع، او لأن الوئام الفائض يثير الشك، او أن ما يدفعنا الى الوجل هو هذه الشراسة المستجدة في الغاء كل آخر سواء كان حليفاً سابقاً او خصماً تقليدياً. فالجهود التي بذلت في ربع ساعتهم الأخير لا بد ان تقودهم للوصول الى بيت القصيد.

وبيت القصيد ليس انتاج طبقة سياسية تتجدد كل اربع سنوات، وانما انتاج ديكتاتورية لها ديمومتها من خلال تفاهمات أولية وتحالفات متقدمة حيث تدعو الحاجة، ما يلغي أي منافسة فعلية ليصير تلزيم اللوائح بالتراضي وإعدام فرص كل من لا يستسلم لهذه الديكتاتورية، التي تعيد جماعة الخير الى مواقعها، بمعزل عن الاسماء الثانوية للنواب العتيدين المرشحين لعملية جوجلة للقضاء على الاقوياء داخل كل تشكيل سياسي، لأن المطلوب بقاء الاسماء الرئيسية ثابتة ثبات الارزة على العلم اللبناني.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم