"Light Up A Village"... مبادرة شبابية لإضاءة قرية

مرة جديدة يؤكد الشباب اللبناني اهتمامه بأبناء بلده الضعفاء وغير الميسورين، فلا يقف متفرجاً أمام تقاعس الدولة في توفير خدمات أساسية لهم، ولا يبقى ساكتاً! ثمة شباب من الجيل الجديد لم ييأس من لبنانه، ويؤمن بقدرته على التغيير الإيجابي وإحداث خرق في مكان ما في مجتمعه. هنا، نموذج من الطلاب المندفع الذي يبرهن في كل مرة غيرته على المناطق المهمّشة والقرى المنسية، وبخاصة المحرومة من الإنارة وغيرها... ماذا عن التفاصيل؟
نادي "طلاب الطاقة المستدامة للجميع"، هو نادٍ فريدٍ من نوعه في لبنان، استحدثته مجموعة من طلاب الجامعة الأميركية في بيروت AUB قبل نحو ثلاثة أعوام. يرتكز عمل هذا النادي على تنفيذ مشاريع بيئية معروفة عالمياً، وقد رغب أعضاؤه في أن تنسحب تقنيات هذه المشاريع على مواقع في بلدهم، مثل إعادة استخدام الطاقة المستدامة السليمة، وتعريف المجتمع اللبناني إلى طرق استبدال الطاقة الملوّثة للبيئة بالطاقة النظيفة.
يشرح الطالب ابرهيم الأسعد من عكار، سنة ثالثة في قسم برمجة الكومبيوتر، في الـAUB: "ثمة 20 طالباً وطالبة في الجامعة من مختلف الإختصاصات، منتسبون إلى هذا النادي، يدركون أن أزمة التيار الكهربائي هي من المعضلات الأساسية التي يعاني منها اللبنانيون، وثمة مناطق كثيرة محرومة منها، وهي في حاجة ملحّة إليها". وقد جسّد طلاب النادي أفكارهم في الإفادة من الطاقة المتجددة لتوفير الكهرباء ليلاً ونهاراً للفقراء، وإنارة منازلهم كما الشوارع التي اعتادوا على ظلامها.

ويوضح الأسعد: "انطلقنا بمشروعنا (Light Up A Village) أو "نضوّي ضيعة" من نقطة الصفر وبدون إمكانات مادية، وذلك بدراسة معمّقة للمشروع استمرت عاماً ونصف العام". لم يكن تنفيذ المشروع سهلاً على الشباب، يقول الأسعد، "إلاّ أن الجامعة شجعتنا في السير بالمشروع، وبعدما حصلنا على موافقتها، جندّت لنا مجموعة من الدكاترة والمهندسين لمساعدتنا في إعداد دراسة مفصلة عن واقع المناطق التي تفتقر إلى التيار الكهربائي، وتلك التي تصلح شوارعها لتركيب أعمدة تعمل على الطاقة الشمسية بلا انقطاع بدل تركيب لمّبات على أعمدة كهرباء بالكاد يصلها التيار ساعات قليلة". وبعد استشارات مكثفة ومراجعة بعض المصارف والجهات المانحة لدعمهم مادياً، قدم الطلاب تصورهم النهائي للمشروع.

مراحل تنفيذ المشروع
يضيف الأسعد: "اخترنا منطقة مجدل في عكار التي لا تعرف الإنارة سوى ساعات محدودة في النهار ويعاني أبناؤها من الظلمة أوقاتاً طويلة. وفي الصيف الماضي، تولى عاملون في مجال الطاقة المتجددة عبر إحدى الشركات التي تعهدت معنا العمل الميداني في مجدل العكارية، وهكذا تمكنّا من توفير الإنارة لساحة المنطقة، ولشارعين فيها من خلال تركيب 16 عموداً مع لمبات على الطاقة الشمسية مع 10 معدات لإنتاج الطاقة الكهربائية في عشرة منازل تحتاج إلى كهرباء". استغرق تنفيذ هذا المشروع بين ثلاثة وأربعة أشهر، وبهذه الخطوة المميزة أضيئت منطقة مجدل منذ شهرين وتمكن أهلها من الاستغناء عن الشموع.
ويرى الأسعد في مثل هذا المشروع البيئي الذي يعتمد على طاقة نظيفة في المناطق والقرى، مساهمة جدية في توفير استهلاك هائل من الكهرباء، وتوفير كلفة الفواتير الباهضة، فضلاً عن تخفيف تلوّث البيئة، وتشويه الشوارع من جراء تعليق الأشرطة ومدّها على الأعمدة التي تلحق ضرراً فادحاً بالسلامة العامة. ويشير إلى أن الإنارة المتواصلة ليلاً ونهاراً في مجدل وشوارعها، "خففت كثيراً من حوادث السير والسرقات التي كانت تحصل هناك، عدا عن أن مواطنيها باتوا يشعرون بالأمان".

40الف دولار كلفة المشروع؟

بعدما آمن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بنك بيبلوس، بنك البحر المتوسط، غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس وغيرها بهذه المبادرة التي تحقق خدمة للمجتمعات الفقيرة، ساهم كل طرف بمبلغ مادي معيّن، ومنهم الشباب والـAUB بنحو 40 الف دولار.
أنجز شباب النادي الوحيد والفريد من نوعه في لبنان مشروع LUV – 1، أي Light Up A Village 1 بنجاح، ويخططون لـLUV-2 ، بعدما ازدادوا اندفاعاً وحماسة لتحقيق إنجاز آخر، في منطقة أخرى، يؤكد الأسعد، "علّنا بالمشروع الجديد، وبفضل الداعمين والرعاة، نصل إلى أوسع شريحة من الناس في مجتمعاتهم الصغيرة التي تتوق إلى النور".
[email protected]
Twitter: @NicoleTohme