الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

الكلام على انتفاضة رفضاً للعودة إلى الـ 60 هل هو في محله أم مجرد تهويل؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
الكلام على انتفاضة رفضاً للعودة إلى الـ 60 هل هو في محله أم مجرد تهويل؟
الكلام على انتفاضة رفضاً للعودة إلى الـ 60 هل هو في محله أم مجرد تهويل؟
A+ A-

يشبّه سياسي مخضرم قدّر له ان يعايش كل عهود ما بعد مرحلة اتفاق الطائف حال الارباك التي تعيشها كل مكونات المشهد السياسي للتنصل من مسؤولية الحؤول دون إقرار قانون جديد للانتخابات بحال الارباك التي يواجهها المحاصرون بشبهة الضلوع كليا أو جزئيا في ارتكاب جرم معين موصوف، او بمرحلة غسل اليدين من ذلك الوزر والقول بأعلى الاصوات: "إني بريء من دم هذا الصدّيق". ذلك انه لم يعد خافيا ان كل الاطراف ولجوا مرحلة تبرئة أنفسهم من تبعة احباط الجهود التي بذلت بغية التفاهم على قانون انتخاب "متطور وعصري يؤمّن أوسع تمثيل"، واستطرادا "يفتح ابواب المجلس النيابي والحياة السياسية على مصاريعها إيذاناً بضخ دماء جديدة ووجوه غير مألوفة اليهما"، وتالياً سد الابواب عينها امام العودة الى قانون الستين او الدوحة بعدما مارس السياسيون على اختلاف ألوان طيفهم سياسة الذم والقدح به وشيطنته على اعتبار انه "جلّاب المصايب" وجسر العودة المضمونة لكل الطبقة السياسية الحالية.


فالذين كان يقدَّر لهم ان يتواصلوا مع النواب ممثلي الكتل الذين شاركوا مدى ما يزيد عن الثلاثة اعوام في اجتماعات اللجان النيابية بغية التفاهم على صيغة قانون جديد بناء على جملة مشاريع قوانين وصلت الى المجلس (17 مشروع قانون اعتمدها رئيس المجلس للنقاش)، كانوا يخرجون بعد كل جلسة باستنتاج جوهره ان الامر لا يعدو كونه طبخة بحص او دوراناً في حلقة مفرغة، وان موازين القوى وحسابات المصالح الحالية لن تسمح باستيلاد قانون جديد غير الاكثري المعتمد منذ نشوء الكيان والذي صار جليّ النتائج. ويلخص احد هؤلاء النواب عصارة تجربة المشاركة في تلك الاجتماعات على النحو الآتي:
- ان ثمة جبهة لا يستهان بقوتها تقف في وجه اي قانون انتخاب يعتمد النسبية، تضم اساسا "تيار المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي، ولديها جهوزيتها للمواجهة والصدام، ولديها أيضاً تبريراتها وابرزها شعار "المستقبل" الدائم وهو ان النسبية لا تتناسب اطلاقا مع سلاح غير شرعي موجود في مناطق ويفرض رهابه وارادته على ناخبيها.
- فريق آخر اتسمت مواقفه بالتذبذب والغموض والالتباس، ومن بينه حزب "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب
وآخرون.
- أما الطرف الرافع للواء الدعوة الى قانون جديد للانتخابات فتمثّل خصوصا بـ "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وحركة "امل". ولكن الجلي ان هذه القوى كانت تبعث بممثليها الى اللقاءات وهم في حال يأس مسبق من امكان استيلاد قانون جديد بعدما سبرت اغوار الشركاء الآخرين وتيقنت من مناوراتهم.
لذا لم يكن مفاجئا ان تفتر "همة" هؤلاء الاطراف في سعيهم الحثيث نحو وضع قانون انتخاب آخر ونكوصهم الى مرحلة التكيف مع القانون الساري، وتيقنهم من حال الاستعصاء المعوق لأي قانون عصري منشود. واستندت القراءة المستجدة لهؤلاء على التقديرات الآتية:
1- الرهان الضمني لـ "التيار البرتقالي" على "تفاهم معراب" والذي من شأن استمراره ان يضمن استعادة عدد من النواب المسيحيين "المصادَرين" من "تيار المستقبل" ومن الحزب التقدمي الاشتراكي.
2- "حزب الله" من جهته اعتمد قراءة ضمنية تقوم على ان قانون الستين هو بالنسبة اليه اقل شراً من القانون المختلط وفق عرض القوى الثلاث. اما النتائج المتوخاة من عرض "قانون بري" فانها لا تستأهل جهد النضال لاعتماده، فهو يأتي بمجلس نواب يوشك ان يكون مناصفة بين الاصطفافين المعروفين، كما انه يبدد الى الابد فرص تمرير النسبية مستقبلا.
وعليه كان الاستنتاج الاخير للحزب والذي بدأ يعتمده في خطابه الى جمهوره: "اننا مطمئنون الى المستقبل على اي صورة استقر قانون الانتخاب".
إن كل مكونات المشهد السياسي كانت طوال المرحلة الماضية تجاهر برغبتها في استيلاد قانون جديد، لكنها لم تسقط من حساباتها يوما ان القديم سيظل على قدمه، أي ان يأتي حين من الدهر ويعتمد القانون الذي اعتمد في آخر انتخابات أجريت عام 2009.
وحيال ذلك، فان السؤال الفارض نفسه هو: كيف سيخرج الاطراف من حال الاحراج التي سيجدون انفسهم فيها؟ واستطرادا، كيف سيبررون عدم ذهابهم الى ما وعدوا الجمهور العريض به، اي قانون جديد بمعايير جديدة؟
الثابت استهلالاً ان احداً لا يقارب مسألة بقاء القديم الانتخابي على قدمه وكأنه بوابة الدخول الى "انتفاضة شعبية" او جسر عبور الى حراك شعبي متعاظم قد يقلب الامور رأساً على عقب كما يلوّح البعض.
لا ريب ان ثمة من يحاول جاهداً وضع الامر كله في خانة الضربة للعهد الرئاسي الجديد، خصوصا ان سيد هذا العهد اطلق في خطاب القسم تعهدا جليا بالسعي الى طي نهائي لصفحة قانون الستين واعتماد قانون جديد بمعايير جديدة اكثر عصرية. ولم يعد مفاجئا ان العهد وحاضنته السياسية، اي "التيار الوطني الحر"، اعدّا للمواجهة عدتها اعتمادا على الآتي:
- ان العهد الرئاسي ليس اللاعب الوحيد على المسرح السياسي، وبالتالي الكل شركاء في مسؤولية الوصول الى هذه النتيجة غير المحمودة.
- ان العهد وحاضنته سيبقيان على عهد الدعوة الى وضع قانون جديد ولن يخفضا راية هذه الدعوة ابداً.
- سيكون للطرفين معا هجمة مرتدة على الذين يحمّلون العهد حصراً التبعات ويبعثون اليه برسائل التحذير من مغبة الركون الى هذه النتيجة من خلال الاعلان عن استعداده للذهاب الى اقصى مراحل الاعتراض والممانعة، اي الى انتفاضة شعبية عارمة، وبالتالي سيضع الجميع وجها لوجه مع الشارع المتحفز للاعتراض والمعبأ للمواجهة.
وفي موازاة ذلك، لا تتكتم مصادر هذا الطرف عن انها مستعدة للذهاب الى تفاهمات انتخابية جديدة تعزز حصته النيابية، وهو على يقين من ان حصاده في هذا الاطار سيكون وفيراً، الامر الذي سيعزز حضوره السياسي.


ibrahim.bayram @annahar.com.lb

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم