الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

الجهاد الأكبر ليس في قانون الانتخاب وحده: لا مفر من وضع حد للهيمنة أولاً

بيار عطاالله
الجهاد الأكبر ليس في قانون الانتخاب وحده: لا مفر من وضع حد للهيمنة أولاً
الجهاد الأكبر ليس في قانون الانتخاب وحده: لا مفر من وضع حد للهيمنة أولاً
A+ A-

لا تكفي الرومانسية والشعارات الكبيرة مثل " التغيير والإصلاح " وحدها للتهليل للعهد الجديد الآتي، فالحقيقة التي يعرفها كل من يتعاطى الشأن العام ان ثمة "مصائب" و "كوارث" تنتظر الرئيس المنتخب، خصوصاً متى وصل الأمر الى التعامل مع عناوين الميثاقية والشراكة والمناصفة والتوازن بين مكونات التعددية اللبنانية. واستطراداً لا يبدو الكلام على مواجهة "تسونامي" الفساد الضارب عميقاً في مؤسسات الدولة سوى مجرد احلام صيف جميلة، لن تجد ترجمتها إلا متى اخذت المحاكم وهيئات التفتيش تعمل على ملاحقة الفاسدين والمرتشين، وهذا ما ستظهره الأيام سلباً أم ايجاباً.


ثمة لائحة عناوين طويلة يحتاج العهد الى التعامل معها ويحتاج الى مشورة "لابورا" و "حركة الأرض" من أجل تثبيت الميثاقية والشراكة والمناصفة بعدما اصبح معروفاً ان المسيحيين يسددون حوالي 55 في المئة من واردات الدولة وضرائبها ولا يحصلون إلا على حوالي 20 في المئة من عائداتها. وإضافة الى "الجهاد الاكبر" في إنتاج قانون انتخاب ينصف المسيحيين ويؤمن خيارهم، هناك ملفات تطرح نفسها تلقائياً في مقدمها معالجة مسألة ادراج الملفات في جدول أعمال مجلس الوزراء، ووضع حد لسياسة الاستئثار بالملفات التي مارستها "مجموعة الطائف" والسنية السياسية، والتي كانت تفرض بنود القرارات الحكومية وتستبعد اخرى بما يناسب مصالحها الطائفية والمذهبية لا لشيء إلا لفرض رأي مجموعة معينة على البلاد والعباد. ويبدو ملف جهاز "أمن الدولة" في مقدم الملفات الذي يحتاج الى حسم طريقة التعامل معه ومنع سياسة الاستفراد بقائده ومحاولة تطويعه وفرض سياسات خاصة عليه. وينطبق مبدأ المساواة ايضاً على ملفات التوظيف في الادارات العامة والمؤسسات التابعة للدولة حيث تم حشو آلاف الموظفين المتعاقدين لمصلحة السنية والشيعية السياسية، من دون المرور بمجلس الخدمة او غيره من الهيئات، وذلك بذريعة سد النقص في الادارة العامة، وهؤلاء المتعاقدون سرعان ما يتحولون موظفين كاملين بعد اجراءات روتينية وهمية. ومعالجة هذا الوضع ليس بالامر السهل لأن اعادة التوازن الى الوزارات يحتاج إلى حوار وطني حقيقي، وإلى اعتراف بأن الدولة للجميع وتتسع لكل المكونات اللبنانية، وان الوزارات والمؤسسات العامة ليست اقطاعات ومزارع لهذه الطائفة او تلك.
لن يكون في مستطاع العهد الجديد ان يفاخر باستعادة الشراكة ما لم يبادر الى التعامل مع ملفات خطيرة تتهدد العيش المشترك، وفي مقدم هذه الملفات مسألة استغلال الوضع الاجتماعي والاقتصادي المزري والعمل على شراء الاراضي، والعماد ميشال عون كانت له اليد الطولى في ملفات أساسية لمنع الفرز الطائفي أبرزها استعادة تلة الوروار في الحدت، وكذلك في الشمال والبقاع وجزين. ولكن من المهم ان يبادر الرئيس الجديد الى التعامل مع هذا الملف بكل جدية والعمل مع القوى اللبنانية المختلفة على وضع حد لهذا الامر والكف عن استغلال بؤس بعض المسيحيين وغباء بعضهم الآخر من اجل محاصرة الحضور المسيحي في مناطق عدة. ولا يزال قرار الرئيس كميل شمعون بمنع بيع الأراضي وتسجيلها خلال حرب 1975 – 1976 ماثلاً في الاذهان ويحتاج ربما الى تطوير وانتاج بصورة مختلفة.
وعلى اهمية ملفات التوظيف والتوازن في الادارات العامة، لا بد من معالجة الاهمال والحرمان الذي اصاب المناطق المسيحية في بناها التحتية ومؤسساتها العامة جميعاً نتيجة سياسة "الكيل بمكيالين"، والأمر لا يقتصر على مناطق جبل لبنان بل يتعداه الى المناطق الاخرى في كل الانحاء، حيث اصبح وصول "الزفت" وصيانة البنى التحتية انجازاً يستأهل التهليل. وتكفي مراجعة لائحة معامل فرز النفايات الحديثة التي ركّبها الاتحاد الاوروبي في كل المناطق باستثناء المناطق ذات الغالبية المسيحية ليدرك المرء حجم الاجحاف والاهمال اللاحقين بالمسيحيين خلال العهود السابقة، مضافاً اليها لامبالاة الوزراء المسيحيين المتعاقبين وعدم اكتراثهم لمصير هذه المناطق إلا في ما ندر، وفي دائرة ضيقة جداً.
خطوات كثيرة يحتاج العهد الجديد إلى اتخاذها، لكن الأهم وربما البداية وضع حد للهيمنة على الدولة والتصدي لسياسة الفرض والإملاءات.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم