الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

آخر كلام نصرالله قبل الاستحقاق الرئاسي: دعم عون ليس مناورة بل موقف استراتيجي وأخلاقي

ألين فرح
آخر كلام نصرالله قبل الاستحقاق الرئاسي: دعم عون ليس مناورة بل موقف استراتيجي وأخلاقي
آخر كلام نصرالله قبل الاستحقاق الرئاسي: دعم عون ليس مناورة بل موقف استراتيجي وأخلاقي
A+ A-

لم يتوقف "حزب الله" مرة عند الشائعات التي كانت تشكك في خياره العماد ميشال عون أو في انتخاب رئيس للجمهورية. مرة أخيرة حسمها وخذل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المشككين، مؤكداً أن جلسة 31 تشرين الأول قائمة وأن نواب الحزب سيحضرون ويصوتون جميعاً للعماد عون. في خطاب السيد أول من أمس رسائل الى الجميع، وأبرزها الى حلفائه. فماذا في كلامه الذي هو آخر الكلام قبل الاستحقاق الرئاسي؟
كان لا بد لنصرالله أن يتكلم في مناسبة جلل هي ذكرى المقاوم "أبو علاء" الذي قضى في الداخل السوري وتحديداً في حلب، بعدما كانت له صولات وجولات لدرء المخاطر عن الداخل اللبناني ولا سيما في القلمون حيث مصانع تفخيخ السيارات التي كان يرسلها "داعش" الى لبنان. رغم هذه المناسبة بوقعها الوجداني، اتخذ نصرالله في معرض كلامه أكثر من موقف يوائم بين الوجدان والواقعية السياسية، فنجح في إرساء المعادلة الصعبة بين الوفاء والصدق من جهة وبين المعطيات السياسية ونتائجها من جهة أخرى.
بدا واضحاً أن دعم ترشيح عون لرئاسة الجمهورية من "حزب الله" منذ اليوم الأول لم يكن مناورة ولا كلاماً إنشائياً ولا حساباً يسدد في الدفتر الوطني، بل كان موقفاً استراتيجياً وأخلاقياً بامتياز، ذلك أن السيد نصرالله يأتمن الرئيس العتيد بعدما خبره في أكثر من محطة مفصلية وخطيرة جلّها أليم، منذ توقيع مذكرة التفاهم عام 2006. فكلام نصرالله قطع الشك باليقين ان معركة الانتخاب انما استحالت معركة نصاب لأن انتخاب عون، المرشح الطبيعي والميثاقي لرئاسة الجمهورية، لم يكن يستجمع بعد شروط النفاذ الى قصر بعبدا. هذا الكلام يعبّر عن الحقيقة التي يعرفها الجنرال و"التيار الوطني الحر" والمناصرون، ولا يمكن أحدا أن يشكك فيه، ولا سيما تعهده حضور جلسة الانتخاب المقبلة والتصويت لعون رئيساً للجمهورية، في حين لم يعتد اللبنانيون أن يخوض "حزب الله" معارك ميدانية أو سياسية خاسرة. وهنا العبرة.
أما الوجدان الطاغي، فكان بارزاً في الكلام الموجّه الى الحلفاء، أولاً من ألم يحزّ في نفسه من قلة الأخلاق (وليس من كثرتها) ومن حجم التشكيك.
كما أمل من الجميع، ولا سيما من قاعدة "التيار"، وقد حرص على أن يقول "قلة من القاعدة"، عدم الانجرار في حملات التشكيك، حرصاً منه على التفاهم الذي أصبح تحالفاً عصياً على الاختراق مهما كانت الظروف، وهو حرص يشاركه فيه العماد عون.
ألم آخر في مكان آخر يقع في بيت الثنائية الشيعية، حيث حرص نصرالله ايضاً على أن يطمئن الى أن البيت صامد في أركانه وأساسه، وأن الاختلاف هو حق في بعض المفاصل، وأنه لن يتحوّل يوماً خلافاً لأن العقيدة الايمانية والاستراتيجية هما قاعدة واحدة تجمع الطرفين معاً، من دون أن يتخلّى عن موجب السعي لجمع الكلمة بين الرئيس نبيه برّي والنائب سليمان فرنجية في موضوع الاستحقاق الرئاسي وانتخاب العماد عون. موجب سعي وليس موجب نتيجة على ما حدد، سعي الى لمّ الشمل من منطلق أن شرف الوثبة في أن ترضي العلى لا في أن تبلغه حتماً.
وثمة ألم ثالث عبّر عنه في التضحية في الرئاسة الثالثة، متجاوزاً تحفظات قال عنها إنها مهمة، وهي على كل حال معروفة في موضوع تبوؤ الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة. عصارة ألم مؤداها أمل، لأن السيد نصرالله يعرف تماماً أن خياره الرئاسي وصل الى خواتيمه السعيدة، وان "حزب الله" لن يسجّل عليه التاريخ يوماً أنه أتى معصية ميثاقية تضرب الاستقرار والوئام في لبنان. حتى ان كلمة الاستقرار العام ترددت على لسانه مرات ومرات في الآونة الأخيرة، وأدى به الأمر الى فصل المسارات كي يكون لبنان محصناً ضد نيران المنطقة. لن تكون يوماً الساحة اللبنانية ساحته، وساحاته باقية حيث هي كما أكد أيضاً.
أما في لقاء عون - نصرالله، فيكفي أنهما التقيا بعيد الخطاب حتى يعرف الجميع ان محاكمة النيات هي قطعاً في غير محلها، وان الميثاق يسع كل الناس، وان الخصام مهما اشتدّ لن يتحول يوماً مأساة وطن.


[email protected]
Twitter: @aline_farah

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم