السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

رؤساء حوصروا بالنار والقذائف ولم يتراجعوا لا أمام الاغتيالات ولا الإغراءات

بيار عطاالله
رؤساء حوصروا بالنار والقذائف ولم يتراجعوا لا أمام الاغتيالات ولا الإغراءات
رؤساء حوصروا بالنار والقذائف ولم يتراجعوا لا أمام الاغتيالات ولا الإغراءات
A+ A-

لن يستطيع اي رئيس جمهورية يدعي القوة ان يحقق شيئاً اذا كان طريقه الى الكرسي الرئاسي في بعبدا يمر عبر تقديم التنازلات والرضوخ سراً لاتفاقات وتركيبات لن تؤدي إلا الى مزيد من الإحباط والانهيار على مستوى الشراكة الوطنية والميثاقية. والكلام لرجل دين مسيحي عتيق له الكثير من التجارب السياسية المفصلية.
رفع الرئيس الشهيد بشير الجميل ميزة القوة، وكان فعلاً لا قولاً رئيساً قوياً نتيجة جملة معطيات راكمها وأحسن التعامل معها من اجل مصلحة قضيته. ويُروى انه عندما ذهب الى المملكة العربية السعودية بتدبير من الاميركيين، لم يفارق شعار ال 10452 كلامه . طبعاً لم يزر اي مرشح العاصمة السعودية ولا غيرها حتى الساعة، ولا يبدو ان احداً في وارد تقديم هدايا الى المرشحين للرئاسة، فزمن الانفاق بدون حساب ولى الى غير رجعة، لكن الأكيد ان ثمة حاجة الى استعادة سيرة بشير الجميل وتذكير الجميع بها، كي لا يصبح ثمن الوصول الى قصر بعبدا باهظاً جداً على المسيحيين، بأكلافه السياسية والترتيبات التي لم يعد في استطاعتهم تحملها، خصوصاً ان تجربة اتفاق الطائف والتنافس بين المرشحين من النواب على تقديم الولاء الى صانعي الاتفاق طمعاً بالفوز بالسبق الى كرسي بعبدا لا تزال ماثلة في الاذهان. وبلغت ذروتها في التخلي عن غالبية صلاحيات رئاسة الجمهورية لمصلحة الرئاستين الثانية والثالثة وتحويل رئيس الجمهورية ملكاً يملك ولا يحكم ولا حول له ولا قوة.
لم يحسن المسيحيون فرض تنفيذ الطائف ما خلا جوائز ترضية ومكافآت لا تغني ولا تسمن، منها مثلاً تبني اقتراح اعتماد اللامركزية، بدون تعريف او شرح لمآل هذه اللامركزية وحدودها وسبل تصريفها في الحياة السياسية العملانية بين اللبنانيين، وبدون ان يتهم الداعون اليها بالتقسيم . أما المكاسب التي حصل عليها المسيحيون مثل المناصفة واحترام الشراكة والميثاقية فبقيت حبراً على ورق ومجرد كلمات منثورة في دفاتر الحساب السياسي اللبناني وعنواناً للنهش في المواقع الادارية المحسوبة للمسيحيين ضمن توليفة المراكز في الادارات الرسمية واقصائهم عن الادارة العامة والمؤسسات الرسمية كافة.
والسؤال الكبير، والذي يحتاج الى اجابات واضحة: هل يستطيع اي مسيحي قوي طامح الى رئاسة الجمهورية ان يمنع نفسه عن التفريط بما تبقى من حضور مسيحي في معادلة التوازن الوطني، وكيف يمكنه ان يعيد الامور الى نصابها اذا كان المسيحيون يسددون 62 في المئة من واردات الدولة والضرائب في مقابل الحصول على 12 في المئة من عائدات هذه الدولة واموالها. ثم كيف يمكن أي مسيحي قوي ان يتجاوز معادلة العدالة في قانون الانتخابات والاستمرار في قوانين مجحفة بحق المسيحيين وكل ما ينجم عن هذا الامر من احباط ويأس وابتعاد عن مشروع الدولة، الى مشاريع جنونية مثل الفيديرالية والكانتونات وغيره مما تم اختباره بدماء المسيحيين وحضورهم التاريخي. وفي جعبة من اختبروا المراحل الرئاسية السابقة اخبار لا تنتهي عن رؤساء حوصروا بالازمات والضغوط والتهديدات المتنوعة ومنها القصف بالمدافع والراجمات ولم يتراجعوا عن مواقفهم المبدئية ولا استسلموا . وتكفي مقارنة بواقع الحال اليوم لكي يدرك المرء حجم الهوة التي وصل اليها المرشحون المسيحيون بين الصفقات وموجات القصف والإغراءات والاغتيالات .


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم