الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

الجولاني أطلّ برداء "بن لادن" ودعامة شرعية... خطوة متأخرة أو مخطط للسيطرة؟

محمد نمر
الجولاني أطلّ برداء "بن لادن" ودعامة شرعية... خطوة متأخرة أو مخطط للسيطرة؟
الجولاني أطلّ برداء "بن لادن" ودعامة شرعية... خطوة متأخرة أو مخطط للسيطرة؟
A+ A-

بلحية سوداء وعمامة بيضاء وبزة عسكرية و"موضة" زعيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن، أطلّ الشيخ أبو محمد الجولاني بـ"سندين" لخطوته المتأخرة فك الارتباط بـ"القاعدة" التي كانت بالتراضي مع قيادة التنظيم الأم، فكان إلى يساره ‏"أبو عبد الله الشامي" وهو عبد الرحيم عطون العضو في مجلس شورى "النصرة" وأبرز شرعييها وعضو اللجنة الشرعية، وإلى يمينه "أبو الفرج المصري" وهو أحمد سلامة مبروك من مصر، أيضاً أحد أبرز شرعيي "النصرة"، انتقلَ إلى سوريا بعد خروجه من السجن وانتهاء الثورة المصرية، في محاولة من الجولاني للاحتفاظ بعناصره، خصوصاً الأجانب.


 


براعة اعلامية
على الرغم من غياب التفاصيل الحركية في الشريط المصوّر، لكنه أظهر مرة جديدة حنكة هذا المكوّن اعلامياً، إذ كان ملاحَظاً على مرافقي الجولاني عدم إثارة أي حركة وبقت معالم وجهيهما جامدة طوال فترة التسجيل، والتزم الاثنان بوضعية جلوس ثابتة، وغاب أي مظهر للسلاح في الفيديو إذ كان معروفاً عن بن لادن ظهوره والسلاح الى جانبه في كل فيديو.
لم يقدم الفيديو الجولاني على أنه أمير، بل وصفه بـ"المسؤول العام لجبهة فتح الشام"، وفور عرض الفيديو كشفت الجبهة عن حساباتها الجديدة على مواقع التواصل الاجتماعي و"التلغرام"، ناشرة ميثاقها من 10 بنود، موضحة أنها "تستمد عقيدتها ومنهجها من الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح، والأئمة، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، والإمام أحمد". وشدّدت على "قتال العدو الصائل، وأنه لا يشترط له أي شرط، إضافة إلى تأكيدها على مبدأ "نقاتل لنحكّم شريعة الرحمن". ونوّهت "فتح الشام" إلى التزامها بالضوابط الشرعية في سياستها الشرعية، إضافة إلى السعي لرفع الظلم عن المسلمين وغيرهم من المظلومين". ومن البنود اللافتة البند السادس الذي يحمل التأويل والتوسع في المعنى وفيه: "ندعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فنتلطفُ مع الناس ونبلغهم رسالة ربهم باللين والرفق والكلمة الطيبة"، فهل يعني الأمر أن "فتح الشام" لن تفرض الاسلام والشريعة بالقوة على السوريين؟ كما انتشرت راية بيضاء قيل انها الجديدة لـ"فتح الشام".



السيطرة على #سوريا
اتفقَ المراقبون على أن خطوة الجولاني لا تزال غير كافية، فطالما أن فك الارتباط حصل بالتراضي، فقد يكون في رأي البعض "مناورة" لحماية الجبهة من الضربات الجوية بعد الاتفاق الاميركي - الروسي، لكن أميركا سارعتْ إلى التأكيد أن تغيير الاسم لن يبعد "النصرة" عن الضربات، فيما يبقى الرهان بالنسبة إلى الغالبية على أسلوب ومنهج "فتح الشام" في التعاطي مع الفصائل السورية والسوريين في شكل عام.


وعلى رغم تغيير الاسم والانتماء الرسمي، ينبّه الباحث في معهد "الشرق الأوسط" تشارلز ليستر في دراسة طويلة نشرت في موقع معهد "بروكينغز" من أن "مجموعة الجولاني ستبقى هي نفسها. لذلك، فان هذه الخطوة لن تشكل بأي شكل خسارة لـ"القاعدة"، وإنما هي مجرد فكرة لطريقة جديدة ربما أكثر فاعلية من الجهاد المرتكز على تحرك جماعي ومطواع وتصاعدي. أما هدفها فهو تحقيق مكاسب تكتيكية يمكن أن تبلغ يوماً ما مستوى نصر استراتيجي، باقامة إمارة اسلامية تحظى بدعم أو قبول شعبي".
وفي رأي ليستر أن "النصرة تبقى خطرة ومتطرفة كما كانت، وأن انفصالها عن القاعدة يفضح لعبتها القديمة في سوريا والمتمثلة بالانضمام الى الديناميات الثورية وتشجيع الوحدة بين الفصائل الاسلامية للتغلي على أعدائها". ويؤكد أن الجبهة لن تتغيّر وإيديولوجيتها ستبقى هي نفسها، و"الولايات المتحدة لن تبدأ النظر إليها بطريقة أكثر إيجابية".
وهذا ما توافقت عليه غالبية الصحف الأجنبية، فصحيفة "الغارديان" البريطانية، أشارت إلى أن "خصوم "النصرة" لا يزالون غير مقتنعين، وأنهم سيحكمون على السلوك والأهداف وأيديولوجيا الجماعة الجديدة أكثر من الاسم والتبعية".
أما صحيفة "التايمز"، فلفتت إلى أن "الإدارة الأميركية والاستخبارات المركزية "سي أي إيه" تعتبر أن الظهور الأول للجولاني وإعلانه الانفصال عن "القاعدة" ليس إلا تنفيذاً لمخطط من الأخيرة لتعزيز السيطرة على المنطقة ومنافسة تنظيم "داعش".


 


خطوة متأخرة ولكن!
وكتب المعارض السوري برهان غليون في صفحته على "فايسبوك": "للأسف جاءت هذه الخطوة، التي كان من الممكن أن تغيّر ميزان القوى على الأرض لو حصلت في الأشهر الماضية، في ظروف وبطريقة سوف تحدّ على الأغلب من تأثيرها ونجاعتها. أولاً لأنها تبعت الإعلان عن الاتفاق الأميركي الروسي على قصف النصرة بعد ان كان ذلك نقطة خلاف بين الطرفين بسبب تداخل مواقع النصرة والجيش الحر. فواضح للجميع أن الهدف من هذا التغيير في الاسم هو اتقاء ضربات التحالف الدولي وروسيا بسحب ذريعة الانتماء للقاعدة. وهذا يعني أن ما جرى مجرد تغيير شكلي حصل تحت الاكراه لا يمس حقيقة فكر النصرة وسياستها الفعلية.
وثانيا لانها حصلت بالاتفاق مع زعيم "القاعدة" وبترتيب مشترك، وبالتالي ظهرت وكأنها مناورة لا تخفي التفاهم الضمني مع "القاعدة" وليس في إطار الانشقاق الفعلي عنها، وثالثاً لأن الأهداف التي أكدّ الجولاني من جديد تمسك "جبهة فتح الشام" الجديدة بتحقيقها لا تختلف عن اهداف "النصرة" في تطبيق الشريعة وإقامة حكم الاسلام والدفاع عن المسلمين، أي إقامة دولة دينية في مكان الدولة الوطنية".
ويختم تعليقه: "رغم كل شيء خير أن تأتي متأخراً من أن لا تأتي أبداً. إن إعلان جبهة فتح الشام استقلالها عن القاعدة، وتجذرها في الصراع الوطني السوري، وتخليها عن مشروع الجهاد العالمي، تظل خطوة واعدة على طريق التحوّل السياسي الطويل الذي سيواكب، لا محالة، تقدم مسيرة الثوار على الأرض وجهودهم المستمرة لتحقيق أهدافها".


فصائل تتوحد؟
وتتزامن عملية فك الارتباط مع أحداث عدة، أولُها حصار حلب، اتفاق روسي-أميركي على ضرب "داعش" و"النصرة" تمهيداً لاستئناف المفاوضات خلال أسابيع، انشغال تركيا بالانقلاب الفاشل على أرضها وفي الوقت نفسه بالاتفاق التاريخي مع روسيا.
المغامرة التي أقدم عليها الجولاني سيدفع ثمنها "خسارة" في صفوف المقاتلين، لكن في الوقت نفسه سيكسب مقاتلين وانضمام فصائل ومكونات صغيرة إلى فصيله الذي يضم ما بين 7 إلى 10 ألاف مقاتل، إذ يؤكد الناشط السوري أبو فراس الحلبي لـ"النهار" أن "غالبية الفصائل رحبت بهذه الخطوة وبدأت تطرح افكاراً لإمكانية التقارب او التوحد مع الكيان الجديد". فيما أعلنت "أجناد الشام" استعدادها للتوحد مع "فتح الشام"، وجاء على لسان قائدها أبو حمزة الحموي: "نحن في أجنـــــاد الشام مستعدون لأي مبادرة توحد تكون جامعة لكل فصائل الساحة الفاعلة والحقيقية وبإشراف طلبة العلم في الساحة وندعوهم للبدء" .


"#فتح_الشام" منظمة ارهابية؟
فيما غلبت الآراء المعارضة للتنظيم سواء كان "النصرة" أو نسخته الجديدة، خصوصا من الذين يرفضون سوريا اسلامية ومن دعاة سوريا المدنية، ومنهم الناشط السوري آرام الدوماني ويقول لـ"النهار": "قامت الثورة السورية من اجل الحرية وارساء الديموقراطية وتعدد الاحزاب وضد الظلم والفساد والاجهزة الامنية والاعتقالات التعسفية والانتقال من دولة دكتاتورية الى دولة العدل والقانون لم نخرج من اجل راية تنظيم القاعدة او فصيل اسلامي آخر، فهذه الفصائل كانت نتيجتها مدمرة للثورة وقامت بحرف اهدافها، ولم يأت الجولاني بجديد بل مجرد تغيير الاسم مع البقاء على أهداف تنظيم القاعدة الأفكار والايدلوجية نفسها".
ويضيف: "يعلم الجولاني جيّداً ان تنظيم القاعدة ليس مرغوباً فيه ضمن صفوف الثوار وفصائل الجيش الحر، وكنا نتأمل منه الاعتذار للشعب السوري وتسليم سلاحه والاموال لفصائل الجيش الحر التي سرقها وان يكون قراره الانسحاب من سوريا والعودة من حيث اتى"، متسائلاً: "هل فك الارتباط نتج عن تنحي او استقالة القائد او عدد من القادة داخل التنظيم؟ فمع بقاء الاشخاص والاهداف وعدم تغيير سياسة التنظيم وتبنيه افكار واهداف الثورة وتطلعات الشعب السوري، فالقصة فقط تغيير بالاسماء وهذه اللعبة لن تنطلي على أحد وستبقى شماعة الحرب على الارهاب حجة امام الاسد والمجتمع الدولي وعدم مساعدة الشعب السوري الذي يتعرض لحصار الجوع والقصف اليومي بالبراميل". ويختم "مع وجود الارتباطات الفكرية والايديولوجيات مع تنظيم القاعدة ربما في الأيام الآتية يتم تصنيف جبهة فتح الشام منظمة ارهابية".



[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم