الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

"بوكيمون غو"... حصان طروادة الجديد؟

المصدر: "النهار"
فيرينا العميل
"بوكيمون غو"... حصان طروادة الجديد؟
"بوكيمون غو"... حصان طروادة الجديد؟
A+ A-

"البوكيمون" أو وحوش الجيب (pocket monsters)، غزوا افتراضيّاً العالم الواقعي. ورأى العديد من الناس أنهم مرغمون على تحميل تطبيق "بوكيمون غو"، لمطاردة هذه الوحوش. فتنقلوا من مكانٍ الى آخر بحثاً عنها وتجمّعوا في مدنٍ عديدة من العالم وفي لبنان أيضاً في أسواق بيروت، ليقيموا شبكة تواصل بينهم.


فالبوكيمونات باتت في كل مكان: في الجامع والكنيسة، على الطريق وفي المستشفيات، في مجالس النواب وفي منازلهم. والقبض عليهم أصبح واجبًا افتراضيًّا ممتعًا.
وربما أطرف ما في الأمر كان الاشتباه بأحد المطارِدين وحجزه للتحقيق معه، لأنه كان يلاحق البوكيمون في مركز الأمن العام (وهنا نتجاهل سبب وجود البوكيمون هناك).


بين الحنين والذاكرة لاقت اللعبة رواجاً منذ أواخر القرن الماضي، وساعدت على النسيان والهروب من المشاكل والمسؤوليات، واستطاع تطبيق "بوكيمون غو" أن يكسر أرقاماً قياسيّة ويستقطب أعداداً استثنائية من المستخدمين مرتكزاً على عنصري التقليد والتجديد.
ومع هذا التطور، تطورت سبل الخرق أيضاً.


وفي هذا السياق، طرحت الأخصائية في علم الإجتماع رولا خوري إشكاليّتَين: "أهميّة الألعاب في المجتمع"، و"البحث عن المعنى" (مقاربة بين البحث عن الله والزمن، والبحث عن البوكيمون؛ ومقاربة بين كون الله مصدر الخلاص، ووجود اللعبة كأداة خلاص أيضاً). ولكن التوسّع في هذه الدراسة يتطلّب أشهراً من البحث، كما تقول.


أما صابرين سعد، وهي خبيرة في العلاقات الدولية وباحثة في وحدة علم الـ"Web" في الـ"CEMAM" في جامعة القديس يوسف، فقد فصّلت لـ"النهار" احداثيات وجود لعبة "البوكيمون غو" كـ"ظاهرة اجتماعية". وهي أجابت على أسئلتنا كالآتي:


* إلامَ تعيدون تعلّق الناس بظاهرة "بوكيمون غو" بهذه السرعة؟
- عوامل عديدة أدّت الى ذلك نذكر منها حداثة اللعبة واستثنائية مفهومها.
"بوكيمون غو" لعبة ممتعة وجذابة، فاللاعب يدخل مواقع واقعية ويلتقط البوكيمون وهميّاً، وهنا تصبح اللعبة حقيقية.
بحسب مستخدمي اللعبة، تكمن الاثارة في هذه اللعبة في شعور اللاعب نفسه في قلب الشخصية البوكيمونية، داخل الحدث. بالإضافة الى كونها تنشّط اللاعب وتجعله يتحرك من مكان الى آخر ويتعرف الى أناس جدد قد يبني علاقات اجتماعية معهم.
وقد ناسبت هذه اللعبة أذواق اللبنانيين المعقّدة في اللّعب والـ"على الموضة".
بوكيمون كان مسلسلاً طُبع في أذهان أجيال عديدة، و"بوكيمون غو" جاءت كعودة الى الطفولة بالنسبة لهذه الشريحة من الناس، كما أيقظت فضول أبناء الجيل الجديد. من هنا شملت هذه اللعبة بسياسة "التقليد والتجديد" كل الفئات العمرية.


* هل تعتقدون أنّ الشباب رأوا فيها هروبًا من مستقبلهم الذي يظهر لهم أنه شاقٌّ وصعب، وهروبًا من مسؤولياتهم، وعودة الى طفولتهم التي يحنّون اليها؟


- بالتأكيد، إنه في بادئ الأمر مهربٌ من مشاكل الحياة اليومية، وأداة للنسيان. ولطالما وجد الانسان وسائل عديدة للهروب من واقعه، لكن في عصرنا هذا، استطاعت لعبةٌ إلكترونية أن تطال شريحة واسعة من المجتمع (حتّى المراهقين) ما خلق خبطةً في مفهوم الالعاب، و أوجدت تداعيتها سبلًا لا إرادية بسيطة وبريئة للترويح عن النفس والعودة في الزمن الى سني البراءة والفرح.


* الأحد الفائت، كان لافتًا تجمع مستخدمي اللعبة في اسواق بيروت، حيث اعتقد الناس أن هناك تظاهرة أو اعتصامًا للمجتمع المدني. ما رأيكم بهذه الظاهرة الاجتماعية وهل هي المرة الاولى التي يتجمع فيها الناس تحت اسم لعبة إلكترونية؟


رأينا في السابق تجمّعات شبيهة ولكن ليس بهذا الكمّ من الناس. ويعود سبب ارتفاع عدد المشاركين الى اقتراب هذه اللعبة من الواقع. فالعالم الافتراضي لطالما سحر الناس وجذبهم. وفي ما خصّ البوكيمون، يستخدم هذا العالم الافتراضي خريطة مدننا الواقعية، ما له أن يقرب الخيال الى أرض الواقع. وهذا ما يزيد من تعلّق المعجبين بهذه اللعبة.
كما علينا ألا ننسى أن هذه اللعبة ذريعة بريئة للتعارف بين اللاعبين نظراً لـ"طفوليتها". وهذه العملية أسهل من أن تكون متعلقة بالموقع الإلكتروني فقط. فالناس اليوم يملّون بسرعة، وهم بحاجة الى وسائل جديدة وبسيطة تمكنهم من نسج علاقات اجتماعية من دون أيّ جهد.


* أين تكمن خطورة هذه اللعبة، وما هي في المقابل إيجابياتها؟
- من حسناتها أنها تنشط اللاعبين وتحمسهم، تمكنهم من التعارف، تؤدي الى حركة في الأماكن العامة ما يساهم في تنشيط حركة اقتصادية في قطاعات عديدة بالاضافة الى جني المبتكرين الاموال.
أمّا أهم المخاطر فهي الادمان، والحوادث، وابتعاد الناس عن النظر في عيون بعضهم البعض، إذ إنّ نظراتهم باتت مأسورة في هواتفهم الذكية، بالاضافة الى توسّع نطاق جرائم الإنترنت وسرقة المنازل، بحيث إنّ أمكنة مستخدمي التطبيق أصبحت عرضةً للراصدين.


* ما هو بنظركم أمد حياة هذه اللعبة-الظاهرة؟
- لقد حظيت اللعبة بنجاح كبير، اذاً نحن أمام سنوات عديدة من التقدّم والتطوّر في هذا التطبيق، الى أن يظهر تطبيق آخر مطابق له أو أكثر تطوراً في مفهومه.


* هل ترون علاقة بين نجاح هذه اللعبة من جهة والعولمة والرأسمالية من جهة أخرى؟
- لقد ظهرت القوة اليابانية في السوق بطريقة ديناميكية وغلبت على السوق الأميركي. فثقافة المانجا والألعاب الإلكترونية لطالما لاقت رواجاً في العالم، إنما ظاهرة البوكيمون زادتها شهرةً وجماهريةً وشعبية.
إن الرأسماليتين في الشرق (اليابان) والغرب (الولايات المتحدة) تتواجدان في حقلٍ جاذبيٍّ واحد، ولجاذبيّتهما الخاصة أن تستقطب وتشدّ المشتركين في سائر أنحاء العالم لتنشر فيهم ثقافتها بغض النظر عن المستوى الاجتماعي والاقتصادي لهذه البلاد.


مقابل عالم البوكيمون
بالاضافة الى مسألة جرائم الانترنت، تظهر اشكالية المعلومات الشخصية إذ إن التطبيق يستطيع أن يحفظ معلومات مستخدميه. فـ"بوكيمون غو" يطلب من كل مستخدم خلق حساب خاص أو التسجيل عبر حساب غوغل، وفي خطوة ثانية يطلب منه الموافقة على شرط السماح للتطبيق التحكم بالمعلومات الواردة في ما سبق، ما يفسح المجال في كلتا الحالتين لقراصنة الإنترنت أن يخترقوه.
هذا فضلاً عن عمليات المراقبة السرية التي تستخدم الدولة خلالها كاميرات "البوكيمون غو" ككاميرات مراقبة ٢٤ / ٢٤.
وفي ما خصّ الأمن السيبراني: أصبح من السهل إرسال البرامج الضارّة والفيروسات عبر التطبيق.
بمعنى آخر، قد تكون هذه اللعبة الالكترونية حصان طروادة المعاصر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم