الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

اردوغان يوظف اللحظة الاميركية لإحكام قبضته

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
اردوغان يوظف اللحظة الاميركية لإحكام قبضته
اردوغان يوظف اللحظة الاميركية لإحكام قبضته
A+ A-

قد يكون من سوء حظ الرئيس باراك اوباما ان يجد نفسه مع ازمة جديدة مع تركيا قبل اشهر من انتهاء رئاسته فيما يسعى الى ان يطوي سوء ادارته لملف الحرب السورية والذي تم انتقاده كثيرا عليه في واشنطن كما من حلفائه الاوروبيين والاقليميين فيضطر الى المحاذرة في طريقة التعامل مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. فهذه الازمة الناشئة لا تتصل بما خلفه سلفه جورج دبليو بوش في العراق او افغانستان وسواهما ولا بتلك التي نشأت ابان ولايتي اوباما في المنطقة. فاردوغان الذي شهدت علاقته توترا لم يخف مع ادارة اوباما يسعى الى الخروج من محاولة الانقلاب التي قال انها استهدفت حكومته واطاحة حزب العدالة والتنمية برفع السقف لجهة تحدي الولايات المتحدة تسليمه الداعية التركي المعارض المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن. وبحسب مصادر ديبلوماسية، فان اردوغان شهد تراجعا كبيرا من حيث تقديره على المستوى الشخصي، الا انه يمسك باوراق ليس اقلها الحاجة التي تمثلها تركيا لدول حلف شمال الاطلسي من جهة وتلويحه صراحة بتقارب مع روسيا كان بدأه قبل محاولة الانقلاب وسيتوجه قريبا بلقاء ثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهة اخرى وذلك في وقت يدرك حساسية المرحلة بالنسبة الى حلفائه الغربيين. وادارة الرئيس اوباما التي تلملم اوراقها استعدادا للرحيل لن ترغب في افتعال ازمة مع تركيا حول الاجراءات القمعية التي اتخذها اردوغان على اثر محاولة الانقلاب الفاشلة في الوقت الذي تسعى عبر وزير خارجيتها جون كيري لان ترحل على خلفية جهود تؤدي الى وقف العنف في سوريا واتاحة المجال امام العودة الى طاولة المفاوضات السياسية. ومن غير المرجح ان يرغب اوباما في مغادرة السلطة على وقع خلافات مع تركيا، علما انه يعتقد ان ملف غولن قد يتركه للرئاسة المقبلة خصوصا ان اي اجراءات قضائية حول استرداد غولن قد تأخذ اشهرا وربما سنوات. كما ان هناك الدول الاوروبية القلقة على استقرار تركيا وعلى الاطار الذي يمكنها من الاستمرار في استيعابها وترك الباب مفتوحا امامها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي في ظل انتهاكات لا تقبلها، لكن اردوغان يلوي ايضا ذراعا ضعيفة لاوروبا في ظل مشكلات لا تنتهي مع الارهاب الذي يضرب اوروبا ومسألة اللاجئين وخروج بريطانيا من الاتحاد. وبين جملة هذه التحديات التي تتوزع على الحلفاء الغربيين يعتقد الديبلوماسيون المعنيون ان اردوغان يدرك جيدا ان تسليم الادارة الاميركية فتح الله غولن لتركيا لكي تتم محاكمته على خلفية وقوفه وراء محاولة الانقلاب الفاشلة صعب ما لم يتقدم بالادلة الدامغة لتورط خصمه المعارض وهو امر يفترض ان يأخذ اشهرا طويلة في ضوء آلية طويلة لن تبتها وزارة الخارجية او وزارة العدل الاميركية بل القضاء الاميركي. لكن يعتقد ان اردوغان يرفع السقف في اطار استمرار تظهير "العدو" قائما ما يساعده في ابقاء الحشود التركية من حوله متحفزة وغاضبة وما يبقي الولايات المتحدة في موقع الدفاع عن موقفها بدليل المرونة او عدم الغضب الذي ابدته ازاء الحملة القمعية على اردوغان على عكس الاوروبيين الذي يرفعون مثاليات اكثر من الاميركيين لجهة حقوق الانسان والانتهاكات التي اعتمدها اردوغان في اطار حماية حكمه. وقد كان لافتا لمراقبين ديبلوماسيين من جهة اخرى تشديد ادارة اوباما على ابداء تفهم ازاء الاجراءات التي قام بها اردوغان وتجنب انتقاده علنا لا بل محاولة واشنطن ايضا ضبط ردود الفعل الاوروبية من اجل عدم المبالغة في ادانة هذه الاجراءات حرصا على عدم توجه الحليف نحو روسيا وافقاد الغرب قاعدة اساسية له تشكلها تركيا في المنطقة.


الا ان الاهم ان الرئيس التركي يدرك ان مسألة الربيع العربي التي لاحت بوادر منها عبر محاولة الانقلاب الفاشلة لا يمكن المجتمع الدولي ان يتحمل مزيدا من ظواهرها في المرحلة الحالية بحيث ان التجارب القاسية للتخبط الغربي في التعامل مع الانقلابات في السلطة ايا تكن محفزاتها خلال الاعوام الماضية جعلت الدول الغربية حذرة وحاسمة في التعاطي مع اي سوء تعرفه من امور اسوأ تجهلها او تخشاها. لذلك فان كل طرف يقوم بما عليه في ضوء توقعات ان يندرج ذلك في الاطار البديهي والطبيعي للامور. وفي ظل الوقت الاميركي الضائع في انتظار وصول ادارة اميركية جديدة لن يكون ملحا المطالبة بامور كثيرة من تركيا مما يترك المجال واسعا لتركيز ارودغان اهتمامه على الداخل تدعيماً لحكمه وسلطته. اذ تكشف المصادر الديبلوماسية ان المشاكل الداخلية امام اردوغان كانت كبيرة جدا قبل الانقلاب وكل ما يجري منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة يتصل بتداعيات هذه المشاكل التي يعتبر ديبلوماسيون كثر انها من صنع اردوغان ومسؤوليته المباشرة. لكن يكشف هؤلاء ايضا معرفة دول عدة مسبقا بما كانت ستؤول اليه الامور ومن هنا المعلومات التي تحدثت عن ابلاغ اردوغان مسبقا بمحاولة الانقلاب. اما ما يطاول تراجع شعبية اردوغان خارج تركيا نتيجة الاجراءات ضد معارضيه فهذا الامر لم يعد مهما منذ زمن بعيد في ضوء مشكلات واجهها اردوغان بالذات على هذا الصعيد في ضوء ادارته علاقاته مع دول الجوار كما مع دول العالم الاساسية كاميركا وروسيا على نحو غدا معها شخصية باشكاليات متعددة لدى الرأي العام في المنطقة تبعا للاصطفافات والمحاور التي اقيمت على خط الازمات في المنطقة ومن بين هذه الازمات تلك التي قامت وتستمر مع مصر الى جانب الازمات الاخرى.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم