السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

دفع البحرين إلى حافة الهاوية

امين قمورية
A+ A-

ينص الاعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته الخامسة عشرة على بندين: الاول، ان لكل فرد حق التمتع بجنسية، والثاني، انه لا يجوز تعسفا حرمان أي شخص جنسيته أو حقه في تغيير جنسيته، وتالياً ان اسقاط الجنسية سلاح انتقامي غير مشروع، وخصوصا لدى استهدافه مواطنين تشك الدولة سواء في ولائهم للنظام أم في نشاطهم السياسي المعارض للحكومات. وقد بات، هذا الاجراء، ويا للأسف، عادة تلجأ اليها الانظمة العربية كلما ضاق صبرها بمعارضيها، فتزيد بذلك من الاحتقان وتعمق الفجوة بين الحاكم والمواطن أو الشريحة الاجتماعية المستهدفة.
الشيخ عيسى قاسم ليس ناشطاً عادياً، بل هو الرمز الاول للطائفة الشيعية في البحرين، وبقرار سحب جنسيته ليس مستغرباً ان تشعر فئة بحرينية كبيرة انها مستهدفة ككل وانها تدفع دفعا نحو الانفجار في وجه الحكومة. هذا القرار ليس الاول من نوعه تتخذه المنامة ويأتي في سياق خط تصاعدي ضد المعارضين، بدأ بتغليظ الاحكام على زعيم "الوفاق" الشيخ علي سلمان واقفال مقار جمعيته، وحل جمعيتي "الرسالة" و"التوعية" وارغام الناشطة الحقوقية زينب الخواجة على الرحيل واعتقال زميلها البارز نبيل رجب.
الجزيرة البحرينية كانت هانئة وهادئة، الى ان انفجر الصراع الاقليمي بين الجبارين السعودي والايراني ليضعها على خط نار المواجهة. تفجر هذا الصراع وتفجرت معه أيضاً كل الضغائن الطائفية لتجعل أيضاً هذا البلد الصغير الذي شكل مثالا للتعدد الثقافي والحياة الديموقراطية ساحة من ساحات الاحتقان والانشطار الاجتماعي العمودي... ومع ذلك لم يسقط البحرانيون في حفر الدم، ولم تسقط معارضتهم في فخ العسكرة، ظلت انتفاضتهم "سلمية" وبقيت الاجراءات الحكومية في اطار "التعسف" القانوني ولم تصل الى حد اللجوء الى "البراميل المتفجرة".
اليد الايرانية كانت ولا تزال مصوبة الى "القلعة" البحرينية، فمن يمسك بها يقلب القواعد في الخليج وتفتح أمامه المسارب والقنوات الى عمق التجمعات الشعبية "المتوائمة معها عقائديا" على الضفة الغربية المقابلة. والعين السعودية التي تحسست "سموم" الضربات الايرانية المباغتة والمباشرة في العراق وسوريا ولبنان وسوريا وخصوصا في اليمن لن تسمح بانقلاب جديد مدعوم من طهران في صحن بيتها البحريني.
الاحداث المتعاقبة في البحرين ترفع منسوب التوتر الى مستوى عال قد يهز هذه الجزيرة ويأخذها الى نقطة اللاعودة التي فشلت كل المحاولات السابقة لجرها اليها على رغم العصف القوي للرياح في المنطقة، فهل يسلم بلد صغير يبحث عن الاستقرار بين أرجل الفيلة؟ ومن يدفع البحرين الى حافة الهاوية؟


[email protected] / Twiter:@amine_kam

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم