السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الكتائب بين التشدّد والانفتاح

المصدر: النهار
ب. ع.
الكتائب بين التشدّد والانفتاح
الكتائب بين التشدّد والانفتاح
A+ A-

يمضي رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل قدماً في سياسته المثيرة للجدل التي تجمع ما بين اقصى التشدد في المواقف والانفتاح على الآخر والسعي الى التفاهم معه. ورئيس الكتائب في سيرته هذه إنما يستنسخ بعضاً من سيرة جدّه مؤسس الكتائب الشيخ بيار الجميّل، الذي كان يملأ تصريحه اليومي بعبارات العيش المشترك والدعوة الى التفاهم بين اللبنانيين، في الوقت الذي كانت قوات الكتائب تخوض المعارك الشرسة عند خطوط التماس.


ليست المسألة براغماتية ومناورة سياسية كما قد يخطر ببال البعض، لكن الفكرة ان رئيس الكتائب رجل مبدئي، لا يزال يعتقد بضرورة التمسّك بالمبادئ النبيلة ووضوح الاهداف والاعلان عن مواقفه بكل صراحة وشفافية "دون لفٍّ أو دوران"، لكن هذه المبدئية لا تنسي سامي الجميّل ان ثمة واقعًا قائمًا لا بد من التعامل معه بكل وضوح وشفافية، كي لا يتهم بالطوباوية والمثالية المفرطة امام الرأي العام اللبناني والمسيحي الذي يفرح لمواقف الجميّل المبدئية و "تصعّب" عليه احياناً بعض مواقفه وتحركاته. وبهذا المعنى يمكن فهم حركة الكتائب ومسارها، إذ في الوقت الذي كان وفد كتائبي يقدّم الاعتذار الى قيادة "حزب الله" عن مقالة مسيئة الى الحزب على موقع الكتائب الالكتروني، كان الجميّل يعقد مؤتمراً صحافياً يهاجم فيه مواقف "حزب الله" من الرئاسة الاولى والتدخّل في سوريا. وفي الوقت الذي كان الجميّل يعيد تكرار مواقفه من التفاهم الثنائي بين "القوات" و "التيار الوطني الحر" امام حشد من مؤيّديه في قصر المؤتمرات في الضبيّة، كان الجميّل يبادر في اليوم التالي الى تلبية دعوة رئيس أساقفة زحلة المطران عصام درويش والاجتماع على مائدته الى حشد من ممثلي كلّ الاحزاب وفي مقدمهم "التيار" و "القوات" للاعلان عن أهمية وحدة الصف والائتلاف والتوافق بين أبناء مدينة زحلة. وفي مثال آخر، كان الجميّل يؤكد على شراكة امين عام "حزب الله" في اختيار رئيس الجمهورية، رافضاً في الوقت عينه ان يعطي هذا الحقّ كاملاً الى نصرالله "وإلا اصطف المرشحون للرئاسة بعد ستّ سنين من الضاحية الى جونية".


لم يذهب الكتائب بقيادة آل الجميّل، ومنذ انتهاء الحرب الى خيارات متطرّفة وبأستثناء الموقف المعارض بقوة للاحتلال السوري منذ عام 1990 والذي كلفهم إبعاد الرئيس امين الجميّل والتشدد في منع عودته ومحاولة النظام الامني السوري الهيمنة على شخصية الكتائب وخطها السياسي المسيحي التاريخي، ما تسبّب بكثير من الاذى لحضور الكتائب وشخصيته في اوساط الرأي العام المسيحي. ولكن رغم كلّ ذلك، حافظ آل الجميّل على "خط تواصل وتفاهم" مع القوى الأخرى سواء أكانت مسيحية أم إسلامية، لا بل ذهب الرئيس الجميّل والحركة الكتائبية المؤيدة له الى عقد وثيقة مصالحة في المختارة مع الحزب التقدمي الاشتراكي "العدو المفترض" في حرب الجبل بين المسيحيين والدروز عام 1983. واستطراداً تبدو سياسة الكتائب اليوم، فيها الكثير من الحكمة السياسية لجهة الجمع ما بين التشدّد والمرونة، وتلك مدرسة تحتاج الى مِراسٍ طويل وتماسك اعصاب وصبر للوصول الى النتائج.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم