السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مزامير الشيخين سامي وبطرس

راجح الخوري
A+ A-

كانت الصورة معبرة جداً: صفوف من المقاعد الفارغة والمفجوعة للمرة الخامسة والثلاثين في البرلمان الميتّم، والنائب سامي الجميل يجلس وحيداً غارقاً في ما بدا لي مزيجاً من الغضب والإحباط والمرارة، بعدما إنتهت الجلسة الخامسة والثلاثون لإنتخاب رئيس الجمهورية، الذي يبدو انه لن يُنتخب قبل ان يُعلن إسمه من دمشق... أولم تَنصَبّ الاتهامات على سليمان فرنجية عندما عاد من لقاء سعد الحريري ويُقَل إنه كان عليه كمرشّح ان يعود من الشام!


نعم الى هذه الدرجة هزل البلد وهزلت الرئآسة والمسؤولية الوطنية والأخلاقية، لهذا لم يغالِ الشيخ سامي عندما قال "إن الكتل السياسية سقطت"، فلقد سقطت أشياء كثيرة أهم من السياسة والكتل، السوية الوطنية سقطت يا شيخ سامي، وكيفما نظرت تقريباً ليس إلاّ الفريسيون ورماحهم واكاليل الشوك، ولهذا ليس غريباً أبداً عندما تقول "نحن اليوم ندفن عملية الإنتخاب السرية المنصوص عنها في الدستور والتي تمارس منذ ٨٠ عاماً" .
كل هذا لأننا ضمناً ندفن لبنان كواحة لديموقراطية برلمانية، كانت واعدة فاجتاحتها عواصف الجنون والتصحّر والإنغلاق وإضطهاد الآخر، ولكن أوليس علينا ان نعترف بكثير من المرارة ونحن في بداية شهر الصوم، ان هذا الرفض دخل عميقاً الى البيت السياسي المسيحي وتحديداً الماروني، ولهذا لم ينزل مار مارون ولم يشارك في عيده ألماً ومرارة مما نحن فيه وعليه!
شاهدتك تجلس وحيداً ومتألماً : نعم إن الكتل السياسية سقطت وإن لا خلاص إلا بإلتزام الدستور والديموقراطية، ولكن من أين عندما يحضر ٥٨ نائباً معدودين على أصابع الأيدي الحزبية "الحاسبة"، "لإنتخاب واحدٍ من مرشَحين يرفضان ممارسة الديموقراطية ولا يحترمان الدستور"، بما يصبّ في لعبة اولئك الذين يريدون إختيار الرئيس العتيد مجرد تهريبة من خارج البرلمان وإرادة الشعب، ومجرد صفقة وراء حسابات إقليمية ملتهبة من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق، أو مجرد ثمرة عندما تنضج نقطفها ونأكلها ايضاً وصحتين!
تتساءل عما اذا كان الرأي العام مُستعداً لأن يحاسب، دعني أقل لك ايها الشاب النظيف المتحمس والواعد، علينا ان نبدأ صناعة الرأي العام من الصفر تقريباً، ليس لأن سعيد تقي الدين أصاب عندما قال "إن الرأي العام بغل كبير" نسوقه كيفا نريد، بل لأن علينا مهمات صعبة أولاها ان نذكّر هذا "البغل" الذي إنتفض يوماً رائعاً ونقياً من أجل هوية ووطن وسيادة وكرامة وحرية وإستقلال انه يستطيع ان يطرد هذا الماعز السياسي السارح في البلد.
ولصديقي بطرس حرب أقول إن اقتراحك الرائع تعديل الدستور وإقالة النائب الذي يدوس واجباته الدستورية ممتاز، ولكن هل تستطيع ان تخبرنا يا شيخ من أي برلمان يمكن ان يمر... صدقني سيهبِّرونك ويهبِّرونه تهبيراً !


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم