السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"رسائل تونسية" إلى الرئيس السيسي

المصدر: " النهار"
رانا أبي جمعة-اعلامية
"رسائل تونسية" إلى الرئيس السيسي
"رسائل تونسية" إلى الرئيس السيسي
A+ A-

ما إن لاحت تباشير احتجاج جديد مرشح للاتساع في #تونس، حتى سارع الرئيس المصري عبد الفتاح #السيسي إلى توجيه رسالة مثيرة للجدل إلى شعب أثبت أنه متمرد بعقلانية... وهو الشعب التونسي.


لاحظوا معي، عشية إحياء ذكرى ثورة 25 يناير المصرية، الرئيس المصري يدعو الشعب التونسي "إلى الحفاظ على بلادهم لأن الظروف الاقتصادية صعبة لكل العالم".
وأضاف السيسي "أقول هذه الكلمة الآن عسى أن سبحانه وتعالى يمنحني أجراً بأني وصيت بالخير والسلام والأمن والتعمير والتنمية والاستقرار، وليس بالترويع ولا التخريب ولا التدمير ولا القتل ولا الشر ولا سعيت له، أقول لكل من يسمعني في كل دولة حافظوا على بلادكم ولا تضيعوها".


قد لا نكون مخطئين إذا قلنا إنها رسالة إلى الشعب مصري قبل الشعب التونسي، فإذا كان هذا الأخير يعاني نسبة بطالة تصل الى 15%، فإن الشعب المصري ليس أفضل حالاً، فنسبة البطالة لديه وصلت الى نحو 12% (في إحصاء الربع الثاني من سنة 2015 الفائت).


ولأننا في معرض الحديث عن رسالة الرئاسة المصرية، فإننا نراها مناسبة للعودة الى كتاب "رسائل تونسية" للكاتب الراحل العفيف الأخضر. ففيإحدى رسائله "مقالاته" يشير إلى أن "القضاء المستقل والإعلام الحر هما الرِجلان اللتان تخطو بهما الديموقراطية خطواتها الأولى الواعدة. فراغ القضاء المستقل يملؤه الظلم وفراغ الإعلام الحر تملؤه الإشاعة. فالقضاء المستقل يجعل الحقوق والحريات مضمونة والإعلام الحر يجعل الحياة المدنية، أي الحياة العامة أو الفضاء العام تحت الأضواء، مرئية من الجميع. إذاً،قابلة لأحكام القيمة لأنها غدت قابلة للقياس بمعايير حقوق الإنسان وحرياته الأساسية".


السيسي ومبارك والقضاء
في مصر السيسي كثير من الكلام والغمز واللمز في ما خص هاتين الركيزتين. نبدأ من القضاء وتحديداً من محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه.
بعد الحكم على مبارك بالسجن المؤبد في الثاني من حزيران 2012 بتهمة قتل متظاهري ثورة 25 يناير، عاد هذا القضاء وعبر محكمة جنايات القاهرة بعد سنتين تقريباً لتبرئته، وانسحبت التبرئة أيضاً على تهمة تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالمياً.
لعلّ "الانجاز" الوحيد هو الحكم النهائي الذي أصدرته محكمة النقض بتأييد معاقبة مبارك ونجليه بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات لإدانتهم بالاستيلاء على نحو 125 مليون جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية. هذا فقط ما ناله الرئيس المخلوع ونجلاه من القضاء المصري الذين هم اليوم طليقو السراح باعتبار أن المدة التي أمضوها قيد الحبس الاحتياطي منذ الثورة تغطي عقوبة الثلاث سنوات.


ناشطو ثورة 25 يناير في السجون
وفيما مبارك ونجلاه طليقو السراح، نرى نشطاء بارزين في ثورة 25 يناير قابعين داخل السجون المصرية.
في 4 شباط 2015 قضت محكمة مصرية بالسجن المؤبد على أبرز وجوه الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك أحمد دومة في القضية التي تعرف إعلامياً بـ "أحداث مجلس الوزراء"، والتي وقعت في شهر كانون الاول 2011.
من بين الأحكام التي أشهرت بوجه ناشطي الثورة ايضاً، تلك التي وجهت إلى الناشطة السياسية والمحامية ماهينور المصري القابعة في سجن بالإسكندرية تنفيذاً لعقوبة مدتها سنة و3 أشهر، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"قسم الرمل"، والتي اتهمت فيها بالاعتداء على أفراد في الشرطة واتلاف محتويات في قسم الرمل الأول.
ولعل ما يخشاه الرئيس السيسي هو تحديداً ما أوردته ماهينور من داخل زنزانتها حول الثورة ودروسها، وفي كلامها الكثير من الأمل والتصميم ونضج التجربة.
وبالتأكيد ثمة أحكام طاولت العشرات من الناشطين الآخرين كالحكم بالسجن 15 سنة على علاء عبد الفتاح الذي أدين بالمشاركة في مظاهرات "غير قانونية"، والحكم بالسجن ثلاث سنوات على أحمد ماهر ومحمد عادل القياديين في حركة "6 أبريل"، وهي من أبرز الحركات التي عارضت نظام مبارك والتي هي بحكم المحظورة اليوم.


الإعلام في عهد السيسي
يؤخذ على الرئيس السيسي أنه لا يحب الأصوات المتعددة التي تصدر عن الإعلام بل أكثر من ذلك يقال بأنه يريد موالين لحكمه فقط، وكل ذلك تحت ذريعة تماسك الدولة وتوحيد الشعب والمصلحة الوطنية. وفي هذا الرأي ما يُقنع إذ أصبحنا نرى في عهده أن الإعلام المحسوب عليه هو من يقوم بالرقابة على الإعلام المنتقد له وغير المتحمس لسياساته، ما أوجد نوعاً من الفوضى الإعلامية.
وتبقى الانتخابات الأخيرة التي أتت بالسيسي رئيساً، خير دليل على انحياز الإعلام له اذا ما عدنا بالذاكرة الى الوراء واسترجعنا كيف تعاملت الصحافة معه ومع المنافس الوحيد له في تلك الانتخابات حمدين صباحي.
في مصر الجديدة، قيّدت حرية إعلاميين بارزين، منهم محمود سعد (الذي قدم استقالته أخيراً من قناة "النهار")، ودينا عبد الرحمن وباسم يوسف فضلاً عن اختيار البعض الانسحاب من المشهد الاعلامي الحالي ككل.
وفي هذا الاطار أيضاً، يأتي حجب بعض الكتاب عن مطبوعاتهم، وإصدار أحكام بالسجن على بعض الصحافيين بتهم تتعلق بدعم الإرهاب في مصر.
وبحسب تصنيف منظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2015، احتلت مصر المركز 158 عالمياً من أصل 180 دولة في حرية الصحافة.
اذا كانت الثورة هي حركة تغيير لشرعية سياسية قائمة لا تعترف بها فقررت استبدالها بشرعية جديدة، فإنه لا شك في أن تاريخ الـ30 من يوليو 2013 - سواء أيّدنا حكم الإخوان المسلمين ممثلاً بالرئيس المعزول محمد مرسي آنذاك أما لا - أعاد مصر الى ما قبل ثورة 25 يناير أي الى الشرعية التي كان يؤمل تغييرها.
تونس، إذاً، هي التي ترسل رسائلها إلى الرئيس السيسي لا العكس... فهل يتلقفها؟.


twiter: @ranaabijomaa

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم