السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

وأصبح النفط أرخص من المياه!

موريس متى
وأصبح النفط أرخص من المياه!
وأصبح النفط أرخص من المياه!
A+ A-

المخاوف من عودة النفط الإيراني الى السوق العالمية بعد رفع العقوبات تدريجياً عن #طهران، بالاضافة الى المخاوف حيال الوضع الاقتصادي في #الصين، ثاني بلد مستهلك للذهب الأسود في العالم، والنزيف المستمر لأسواق #الاسهم_الصينية مع الانكماش الدائم لقطاع التصنيع، دفعت بأسعار النفط للهبوط الى مستويات دون 30 دولاراً للمرة الاولى منذ كانون الاول 2003، وسط تداولات تطغى عليها وفرة العروض والشكوك حول #الطلب.
النفط الى أين؟
تشير أرقام منظمة البلدان المصدرة للنفط  #اوبيك، الى وصول متوسط سعر سلة خامات المنظمة (التي تنتجها 13 دولة في المنظمة) إلى 25 دولاراً للبرميل يوم الخميس المنصرم، ويكون سعر النفط انحفض بأكثر من 30% خلال 2015، وتقريبا بنسبة 20% اضافية منذ بداية السنة الجارية، لتكون بذلك فقدت الاسعار نحو 70% من قيمتها منذ حزيران 2014، بعد أن وجهت "اوبيك" التي تسيطر عليها #السعودية، ضربة قوية الى الاسواق اواخر العام المنصرم بامتناعها عن تحديد سقف لحصص الانتاج، أو خفض السقف المحدد قرب 30 مليون برميل يومياً. ومن فيينا حيث يشارك في مراسم اعلان بدء تطبيق #الاتفاق_النووي المبرم في تموز 2015 بين طهران والدول الكبرى بهدف انهاء خلاف يعود الى اكثر من 13 سنة، اعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد #ظريف ان العقوبات المفروضة على ايران "سترفع اليوم" السبت، وطبعا هذا الاجراء يشمل العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية، ما سيسمح لطهران بزيادة إنتاجها النفطي بنحو 500 ألف برميل يوميا فور رفع #العقوبات، في سوق متخمة أصلاً نتيجة إمتناع "اوبيك" عن التحرك، وصولا الى مليون برميل إضافية بعد أشهر قليلة من بدأ رفع هذه العقوبات. وكانت صادرات إيران النفطية قد تقلصت بنحو 1.5 مليون برميل يوميا بعد فرض العقوبات الدولية عليها.
سلسلة تقارير متشائمة جداً حيال مستقبل سعر برميل النفط صدرت مؤخراً، اذ نشرت صحيفة "تلغراف" البريطانية دراسة تشير الى إمكان وصول سعر البرميل الى دون 10 دولارات. بدوره كان مصرف "ستاندرد شارترد" البريطاني آخر البنوك الاستثمارية العالمية التي خفضت توقعاتها بخصوص أسعار النفط، مشيراً إلى أن الرقم 10 دولارات ليس بعيداً. وأطلقت مجموعة بنوك مثل غولدمان ساكس و RBS و"مورغن ستانلي" تحذيرات من مزيد من الانهيارات لأسعار التي قد تصل الى أدنى مستوياتها في 15 سنة. ( للتذكير وصل سعر مزيد برنت في العام 1992 الى قرب 7 دولارات). ورغم هذا الواقع الخطير، يبدو ان قرار تدخل "اوبيك" لم يأتي بعد. فقد كشف مندوبان في المنظمة ان هذه الاخيرة لا تنوي عقد اجتماع طارئ لمناقشة تراجع ألاسعار قبل اجتماعها المقرر في حزيران المقبل. بدوره، إعتبر وزير الطاقة الاماراتي سهيل المزروعي ان قرار "اوبيك" الحفاظ على مستوى الانتاج وطرد المنافسين من السوق ما زال يحقق نتائج ايجابية، مشيرا الى ان 18 شهرا ستمر قبل أن تبدأ الاسعار بالانتعاش. وأوضح ان "اوبيك" وحدها لا تستطيع ان تغيّر هذه الاستراتيجية احادياً لمجرد حصول هبوط في السوق، مستبعداً إنعقاد إجتماع للمنظمة قبل حزيران. من جهته اكد نائب وزير الطاقة الروسي كيريل مولودتسوف ان مسؤولين روس سيجتمعون مع اعضاء منظمة "أوبيك" قبل آذار المقبل. بدوره، دعا رئيس المنظمة وزير النفط النيجيري إيمانويل إيبي كاتشيكو أعضاء "اوبيك" إلى عقد اجتماع استثنائي مطلع آذار المقبل لبحث نزيف الاسعار عبر مراجعة سياسية المنظمة لمعرفة ما إذا كانت هناك حاجة لتغيير استراتيجية "اوبيك" التي تنتج ما يقارب 40% من النفط عالميا.
ولكن بعض البوادر الأولى لإنتعاشة ممكنة للأسعار قد لاحت في الافق بعدما أعلنت روسيا خفض حاد في صادراتها النفطية لسنة 2016 بغية السماح للسوق العالمية باستيعاب آثار عودة النفط الايراني اليها. وبحسب شركة "ترانس نفط" الروسية ، من المتوقع ان تخفض شركات النفط الروسية صادراتها بنسبة 6.4% هذه السنة اي بما يوازني 460 الف برميل نفط يوميا تكفي لمحو ما يقارب ثلث الفائض في سوق النفط العالمية. مع الاشارة الى ان الصادرات الروسية بلغت خلال 2015 نحو 7.3 ملايين برميل يوميا.
الشركات النفطيّة تنهار!
التراجعات القياسية لأسعار النفط دفعت منتجي النفط الاميركي الى خفض حجم إنتاجهم في 2016، حيث توقعت وكالة معلومات الطاقة الأميركية أن ينخفض هذا الإنتاج من ما يقارب 9.4 ملايين برميل يومياً في العام 2015 إلى 8.7 ملايين خلال السنة الجارية ليسجل المزيد من التراجع الى نحو 8.5 ملايين برميل خلال 2017. وبحسب بعض التقارير الصادرة في الولايات المتحدة، تخسر شركات النفط الأميركية الكبرى ما يقارب الملياري دولار اسبوعيا. هذا الواقع بدفع بالديون الاجمالية لهذه الشركات النفطية نهاية 2015 الى ما يقارب 350 مليار دولار، ما يهدد بإفلاس العديد منها في حال لم يعد سعر برميل النفط الى ما يقارب 50 دولاراً بحده الادنى، وهذا المستويات لا تتوقع وكالة معلومات الطاقة الاميركية تحقيقها خلال أقله في 2016 و 2017. وكانت شركة "غافنور" السويسرية لتجارة النفط، قد أشارت في احد تقاريرها الى ان اسواق السلع والعقود المستقبلية تقدر سعر النفط الخام في حدود 35 دولاراً للبرميل أو أقل حتى نهاية 2016، وهذا السعر سيدفع منتجين في مناطق كبيرة من العالم الى التفكير في ما إذا كان من المجدي الاستمرار في الانتاج بهذا السعر.
وفي سياق غير بعيد، أشار بنك باركليز الى ان شركات النفط والغاز العالمية تعتزم خفض الانفاق على #التنقيب والانتاج نحو 15 % إذا تراوحت أسعار النفط الخام بين 45 و50 دولارا للبرميل. لكن الخفض قد يقترب من 20% إذا اقتربت الأسعار نحو 40 دولارا للبرميل، علماً ان هذا الخفض سيرتفع حجمه أكثر في حال بقيت الاسعار عند مستوياتها الحالية. ووفقاً لمسح أجراه باركليز وشمل 225 شركة نفط وغاز، ونشر نتائجه في تقريره السنوي عن آفاق العالمي على التنقيب والإنتاج، فإن الانفاق العالمي لهذه الشركات قد ينخفض11% في سنة 2016 لتكون المرة الاولى التي ينخفض فيها هذا الانفاق في عامين متتاليين منذ 1986.
#مضحك_مبكي
في عملية حسابية بسيطة، يمكن القول أن سعر ليتر من النفط أصبح اليوم أرخص من سعر ليتر من المياه الصالحة للشرب. فبرميل النفط يوازي 159 ليترا، وسعره اليوم يقارب 29 دولارا، تاليا يكون سعر الليتر الواحد من النفط قرب 0.182 دولارا، اما سعر زجاجة المياه الصالحة للشرب فيصل معدل سعرها الى 0.6 دولارات تقريبا، مثلا في لبنان، والسعر ذاته في عدد من الدول العربية، أما في بعض الدول الاوروبية فيصل سعر زجاجة المياه الصالحة للشرب الى نحو 2.75 دولارات. ويبقى السؤال: هل إنتهى عصر صراع النفط ليبدأ صراع من نوع جديد شعاره " المياه"؟


[email protected]
Twitter: @mauricematta

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم