السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

زينة الساحات والشوارع تجمع أبناء المدينة \r\nطرابلس في الأعياد: أنا الشجرة فعلّقوا عليّ الأمنيات

مصطفى العويك
زينة الساحات والشوارع تجمع أبناء المدينة \r\nطرابلس في الأعياد: أنا الشجرة فعلّقوا عليّ الأمنيات
زينة الساحات والشوارع تجمع أبناء المدينة \r\nطرابلس في الأعياد: أنا الشجرة فعلّقوا عليّ الأمنيات
A+ A-

يقف فؤاد الصبي الصغير الذي اعتاد بيع العلكة منذ سنوات، امام قصر الحلو في طرابلس، مندهشاً من جمالية "الزينة" في محيط القصر، يسافر بعينيه الى الشجرة الحمراء الكبيرة في وسط الطريق، يتأملها بدقة، يشاهد شباناً وشابات يتسابقون لاخذ الصور تحتها، ويتأسف على حاله، حالماً بصورة تؤرخ لحظة الإحتفال بالعيد.


يبتسم فؤاد الهارب من براميل النار في حمص، حين ينتبه اليه صديقه خالد الموظف في محل المعجنات المقابل للقصر، وكأنه يقرأ افكاره، ينده عليه بصوت تختلط فيه الشفقة بالرجولة: "تعى يا فؤاد نتصور سوا". بين خالد وفؤاد صداقة قديمة راكمتها الأعوام، ولم يقف فارق العمر حاجزاً بينهما، يركض فؤاد بسرعة ولهفة للتصوير، ويلتقط مع خالد "سيلفي" تدخل فرحة عارمة الى قلبه، ويسأل: خالد رح تنزلها على "فايسبوك"؟".
هذا المشهد يتكرر كل لحظة في ايام الاعياد في مدينة طرابلس مع اختلاف في المكان والمضمون والاشخاص، يتكرر في الاماكن الثلاثة التي رفعت فيها شجرة العيد هذه السنة: دوار مستشفى النيني- دوار قصر الحلو- وتقاطع شارع عزمي، حيث ترى الناس يتحلقون حولها لالتقاط الصور وللتأكيد ان التعايش في مدينتهم متأصل وقديم وأن اي طارئ لا يمكن ان يغير في هذا الايمان قيد انملة.
الاقدام على اتيان هذا الفعل يؤشر ايضاً لمدى توق الطرابلسيين الى الفرح الناجم عن استتباب الوضع الامني وعودة الإستقرار بعد جولات العنف الطويلة، فهم لم يكتفوا برفع الاشجار وتجميلها، بل عمدوا الى تزيين كل الشوارع الرئيسية والكبرى في الفيحاء. واللافت هذه السنة وللمرة الاولى منذ سنوات، تزامن عيد الميلاد مع ذكرى المولد النبوي، حيث امتزجت الزينيتن بعضهما ببعض، في كثير من الشوارع والمستديرات، خصوصاً مستديرة ساحة النور التي كانت تشهد التحركات الاحتجاجية وبعض العراضات الأمنية، فامتزجت الزينة كتعبير حقيقي عن ارادة الطرابلسيين بالعيش معاً واقامة الشعائر الدينية والإحتفال بالأعياد معاً.
الا أن ما ينغص فرحة الاعياد ان الحركة التجارية والاقتصادية في المدينة لم تستعد عافيتها، هي تحسنت نسبياً، لكنها لا تعوّض خسارة السنوات الماضية ولا يمكّن التجار من الاستمرار والصمود.
فالاسواق التجارية سواء الشعبية القديمة او الجديدة، تشهد حركة لافتة، لكنها وفقاً لنقيب بائعي الصاغة في الشمال خالد النمل، "حركة بلا بركة"، قائلاً لـ"النهار": "أيام العز ولّت، نحن اليوم نخوض تحدي الواقع المأسوي، إما نصمد او نستسلم، فالسنوات العجاف التي مرت علينا دمرت اقتصادنا ومعها قدرة الناس الشرائية". يضيف: "نعم هذه السنة الوضع افضل بكثير لكن يبقى دون المستوى، صحيح أن الزينة والإضاءة ساهمتا بتفعيل حركة الناس ودفعتهم للنزول الى الشوارع ليلاً، لكننا نأمل ايضا في ان تمكنهم قدرتهم المالية على الشراء حتى يكون هناك دورة سليمة".
من جهته، عبر رئيس بلدية طرابلس المهندس عامر الطيب الرافعي لـ"النهار" عن ارتياحه لاجواء طرابلس في ظل الاعياد، قائلاً: "ان تزامن ذكرى المولد مع عيد الميلاد يؤكد لنا امرين: قيمة الاخلاق التي كان يتمتع بها النبي محمد، ومدى حاجتنا اليوم للتزين بها، والمحبة التي اتى بها السيد المسيح وحاجتنا للتعامل مع الاخرين انطلاقا منها، فبالمحبة والاخلاق تبنى المجتمعات وتستقر، وهذا ما نراه فعليا في طرابلس اليوم".
وعن توصيفه لحالة الفرح العامة التي تسود الطرابلسيين هذه الايام قال الرافعي: "طرابلس اليوم في فرح كبير لانها تعبّر عن كل ما كان يقوله اهلها وقادتها وكل من عرفها حقيقة، انها مدينة للسلام والحياة المشتركة التي لا تميز بين مذهب واخر ولا دين واخر". اضاف: "الكل اليوم مشارك في صناعة الزينة وبالتالي الفرحة، فالمؤسسات التجارية والجمعيات الاهلية والاهالي بالتعاون مع البلدية هم من زينوا الشوارع، وهذا مؤشر يقدمه الطرابلسيين للرد على كل الصفات الكاذبة التي اطلقت بحق مدينتهم سابقاً، والتي لا تعبر عن طبيعة الفيحاء وتاريخها واصالتها".
هذه السنة على ما يبدو لن يشتري الكثير من الطرابلسيين "شجرة العيد" لأن المدينة ستكون هي الشجرة التي يعلقون عليها الامنيات والاحلام والقناديل المضيئة الواعدة بسنة جديدة مختلفة، فهل تساعدهم الظروف في تحقيق ذلك؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم