السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مرفوع دائما على الراحات

لور غريّب
A+ A-

منذ عشر سنوات احاول ان اراك في شتى المراحل من حياتك.كنت طفلا تركض في الممر حيث معلقة اليوم مجموعة الايقونات التي جمعها الوالد، المعلم، غسان تويني. دنيز تركض ايضا.تخاف ان تقع على الدرج. كنت جميلا يا جبران الصغير. ليتني اتعلق بهذه الصورة الفرحة من ايام كان الفرح يسكن مع الاهل.


كانت ناديا الصديقة ورفيقة المدرسة، والزميلة لفترة في جريدة لو - جور تناديك. تقول بصوت فيه الكثير من الحنان: غابي... تمهل. غابي... انتبه... غابي قل بونجور للور. غابي.
غابي لا يرد. لا يقترب. لا ينفذ ما يطلب منه.
اية سنة كانت هذه الصورة؟
وهل اعلم متى ومنذ كم من السنوات؟ انا لا ارى سوى الراحات التي تدور بالنعش امام المبنى الذي بناه اولاً في حلمه قبل ان يترجمه واقعا حملنا الى سابع سما من الفرح والنجاح والاحلام التي لا يجرؤ القدر على التدخل.
كم كنت صادقا في احاديثك في اذاعة لبنان الحر ايام كان بشير مالئ الدني. كنت المقاوم النقي والصادق والملتزم بقضية لبنان المحقة. كم كانت طلتك في الاذاعة مرحب بها. يا الله يا جبران. صرلك عشر سنين تركتنا. ولم تنزل بعد عن الراحات التي تشهد على رحيلك.
نصدق احيانا واحيانا اخرى نقول بصوت عال: يا الله لو جبران كان بعدو طيب كان قال كذا وكان عمل كذا وكان اقترح كذا.
هل من الممكن ان نراك يوما؟
للحظة قصيرة تمر قامتك امام العين. انك في الصالة الكبيرة.قرب مكتب نايلة المتدرجة. غسان حجار يقف قربك. انا كالعادة احتج. ينظر الي ويقول: نعم ست لور. مين مزعلك؟ اجيبه: بردانين. شو هالشوفاج. يقاطعني بسرعة وينادي ايوب ويقول له: شو القصة؟ نضحك جميعنا، كنا نعرف الضحك في هذه الصالة الفسيحة التي كانت تجمعنا على "فرد قلب" كنا يا جبران...ياحسرتنا عليك. حتى الذين كانوا يترددون على مكتبك هجروا البيت - المكتب الذي كان فيه النوم والحب والحلم والجرأة والاقدام وشو كمان. انت بتعرف انو مفردات بالعربية مش ولا بد. اتوقف عند القول الذي لا يفارق اذهان البعض وليس الجميع في هذا الطابق الذي اصبح باردا مثلا قلوب الذين "يبيضون" ويبيعون باللسان العواطف وهم يقتلون نقاء استشهادك في قلوبهم. اتعذب لانني اقول هذا. لو لم تقرر الرحيل يا جبران لما صار كل هذا ربما. اقول ربما. لو كانت كلمة ربما تخفف من حرقة غيابك الذي يطول ويطول وتتراكم السنوات ولا اريد ان اكفر. ولكن "النهار" تتطور وتريد ان تطلعك على جديدها. نحن ننتظر بركتك.
هل تغادر الصورة المحفورة في رأسي وانت في نعشك تدور وتبحث انت عنا بينما نحن نحاول ان لا نودعك.
نايلة تعرف ان عليها الاستمرار في تجسيد احلامك. الايام هذه كلها زفت بزفت. كل شيء يحزن ويقهر ويكسر الظهر ولكنها تحلم وتبني حسب الامكانات ولكنها ورثت عنادك ولا تزيح عن الحلم.اعطها الوقت الكافي لتبرهن بانها "قد الحمل".
هل تسترح يا جبران؟


من أقدم وأبرز صحافيي "النهار"
ناقدة فنية ورسامة تشكيلية

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم