الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

الأسد في موسكو... الصفقة على النار؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
الأسد في موسكو... الصفقة على النار؟
الأسد في موسكو... الصفقة على النار؟
A+ A-

للمرة الأولى منذ بداية الثورة السورية في عام 2011 وبعد التدخل الروسي في سوريا، خرج الرئيس السوري بشار الأسد علناً من دمشق ليطل بعد ساعات من موسكو، حيث التقى "مخلصه" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. صور وفيديوات انتشرت خلال دقائق "إنه فعلاً الأسد" لتبدأ التساؤلات عن سبب هذه الزيارة التي اعتبرها المعارضون أشبه بـ"الاستدعاء" وإعطاء المزيد من الشرعية للأسد والتدخل الروسي، فيما اتجه البعض إلى تحليلات تربط الزيارة بحل سياسي للأزمة السورية، خصوصا أنها لوحقت بزيارات واتصالات أميركية وتركية.


إنه اللقاء المباشر الأول بين بوتين والأسد منذ أربع أعوام ونصف العام. هي زيارة خاطفة استدعت إخراج الأخير بطريقة سرية، وعبر طائرات عسكرية، برفقة شخص واحد لا أكثر، والعودة في أقل من 24 ساعة إلى #دمشق، ليتم بعدها الكشف عن الزيارة وتأكيد وجود الأسد في سوريا كي لا تعتبر "زيارة الهروب".


 


"السقوف والتنازلات"
لم يكترث الرأي العام لما قاله الرئيسان لأنه لم يحمل أيّ جديد سوى اعتراف الأسد بأنه لولا روسيا لكان "الارهاب" انتشر في المنطقة، بل حاول البحث بين السطور عن غياهب هذه الزيارة الاستعراضية التي أظهرت حجم التحدّي الروسي بوجه المجتمع الدولي، ويبدو أن روسيا لن تكتفي بالتدخل العسكري، وفي رأي مصادر سورية لديها قنوات مع الروس فإن "#روسيا بدأت في بحث الرؤية السياسية في سوريا بموازاة العمل العسكري، وهناك لقاءات عدة حصلت بين معارضين سوريين وروس، ويبدو أنها ستطرح شيئاً ما، وليس بالضرورة أن تنال الرضا من أحد فالبازار قد بدأ". ووضعت اللقاء في سياق "معرفة السقوف والتنازلات"، وتقول: "روسيا ليست غبية وستلجأ إلى الجانب السياسي، ولن تسمح بحصول أفغانستان ثانية".


 


"وقف حمام الدم"
ومن الشخصيات التي حضرت الى موسكو في الفترة الأخيرة، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية حول سوريا وأحد مؤسسي "الجيش السوري الحر" فهد المصري الذي التقى المبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، ونقل إليه الأول أن القصف يستهدف المعارضة المعتدلة، وأن ما تقوم به روسيا سينهي علاقة عمرها 65 سنة مع سوريا. واليوم بعد زيارة الأسد يقول منسق مجموعة الإنقاذ الوطني في سوريا المصري لـ"النهار": "نحن نتطلع ان يكون هناك بالفعل توجّه روسي إقليمي ودولي، للتوصل إلى حل يكون من نتائجه وقف حمامات الدم والدمار ويسمح للسوريين المهجرين العودة إلى بلدهم والشروع بإعادة البناء ومحاربة التطرف والإرهاب".


 


سهير الأتاسي: صفقة ومكافأة
أما "الائتلاف السوري المعارض" فيربط زيارة الأسد إلى موسكو بصفقة هدفها الالتفاف على "جنيف 1"، وتقول المعارِضة السورية سهير الأتاسي لـ"النهار": "للزيارة علاقة بدور الأسد كشخص في المرحلة الانتقالية، ومن الواضح أن هناك صفقة ضمن الكواليس، بدأت تظهر ملامحها، بعدما نضجت في كواليس اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة، كما أن كل التصريحات التي تصدر مؤخرا تتحدث عن وجود الأسد في المرحلة الانتقالية، ولو بطريقة رمزية وضمانات لرحيله بعد المرحلة الانتقالية، لكن بالنسبة لنا هذا التفاف على مرجعية جنيف، وحتى أيضاً على قرار مجلس الأمن 2118، الذي يقول إن البداية تكون بتأسيس هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات والسلطات ما يعني السلطات الرئاسية". أما ما يجري اليوم بالنسبة إلى الأتاسي فهو "مكافأة نظام أوغل في القتل وجرائم الحرب وخرق كل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة".


 


تحدّي للمجتمع الدولي
الائتلاف وغالبية فصائل المعارضة العسكرية رفضت المشاركة في مجموعات العمل التي اقترحها المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، وكانت تحرص "على اهمية العملية السياسية عبر حل سياسي عادل، لأنه من غير الطبيعي ان تتم مكافأة مجرم حرب وأشخاص ارتكبوا جرائم غير انسانية بدل محاكمتهم"، بحسب الأتاسي التي اعتبرت أن "مجموعات العمل تؤهل لبقاء الاسد في المرحلة الانتقالية، ونحن رفضنا ما يمكن أن يستمرّ الأسد عبره"، مشددة على أنه "من دون وجود الائتلاف كممثل شرعي للثورة ومن دون الفصائل المتواجدة على الارض لن ينجح أي اتفاق، ولا يمكن ان يسمحوا لمجرم حرب ان يبقى رئيساً حتى لو كان ذلك بسلطات تشريفية، لأننا نعرف ان بقاءه سيقوّض الحل السياسي، كما أنه لن تحصل مصالحة من مساءلة، سواء كان بين الشعب او موالي ومعارض فلا بد من محاكمة مجرمي الحرب".
وتعتبر الأتاسي أيضاً أن "زيارة الأسد لموسكو تحدٍّ رهيب أمام شرعة الامم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وهي عبارة عن تحدٍّ بوجه المجتمع الدولي"، آسفة لـ "الابتزاز الذي مارسه الروسي بالغزو الأخير والذي بدأت تظهر نتائجه"، كما أنها تعتبر أن "الزيارة أتت بطريقة استدعاء بشار الأسد، خصوصا أن الاعلان عن الزيارة كان مشابهاً للاعلان عن التدخل الروسي أي من طرف روسيا وليس الأسد، ومن الواضح واليوم أن موضوع السيادة التي يتغنى بها بشار الأسد حتى في كلامه، قد سقطت بشكل كامل".
المفارقة أنه في تموز الماضي، وخلال ذروة الوجود الايراني، أطل الأسد بتصريح اعتبر فيه أن "الحديث عن حلٍّ سياسي حاليا كلام فارغ"، فيما اليوم وخلال اللقاء مع بوتين قال: "يفهم الجميع أن أي عمل عسكري يفترض خطوات سياسية لاحقة"، في إشارة واضحة إلى أن طبخة ما بدأت تتحضر، عنوانها "الحل السياسي".


 


الشعرة الأخيرة
روسيا وبعد تدخّلها العسكري، سارعت إلى تكثيف اللقاءات مع معارضين سوريين غير محسوبين على الائتلاف السوري، وتقول الأتاسي: "كانت هناك زيارة للائتلاف إلى موسكو قبل الغزو، وحاولنا أن نقنع الروس أن مصلحتهم مع الشعب السوري لا النظام، لأن تدخلهم اليوم أشبه بالاحتلال، كما أن موسكو فقدت اليوم صورة راعي السلام والعملية السياسية"، مشددة على أن "الائتلاف لم يلتقِ أي مسؤول روسي بعد الغزو، وربما اتى لقاء بعض المعارضين السوريين مع بوغدانوف في سياق الحفاظ على الشعرة الاخيرة لإيصال رسالة للروس أنهم اليوم يقطعون أي طريق للعودة مع الشعب السوري، بسبب مشاركتهم النظام في جرائم الحرب"، مذكرة بأن "المعارضة كانت سابقاً تميّز بين ايران وروسيا وكنا نتفهّم وجود روسيا كطرف راعٍ، باعتبار انها وافقت على مرجعية جنيف، رغم انحيازها للنظام، أما اليوم فاصبحت تأخذ منحى ايران التي تحوّلت إلى عدو للشعب، وربما يحاول المعارضون ايصال الصرخة الاخيرة لاحتمال ان تكون روسيا صديقة للشعب".
وتلفت إلى أن "روسيا لا تتدخل من أجل الأسد فحسب بل ايضا ليكون لديها دور مقابل الدور الاميركي في #الشرق_الأوسط، ولتحافظ على مكانتها في الشرق الاوسط"، مشيرة إلى أن "العمليات الروسية لم تكن ناجحة كما كان يحسب الروس، ويرون اليوم مقاومة شديدة من الجيش الحر لأنه المستهدف الحقيقي كمعارضة معتدلة يمكن ان تكون البديل، واستهدافهم يأتي في سياق ترسيخ معادلة "داعش أو الأسد"، وفي هذه الحال سيختار المجتمع الدولي الأقل سوءًا".


 


الخروج من العزلة
للفصائل العسكرية رأيها أيضاً في الزيارة، ويعتقد أحد قياديي حركة "احرار الشام" أن "الزيارة تأتي بعد الصدمة الروسية والفشل في إنجاح أي تقدم استراتيجي بعد التدخل العسكري والضربات الجوية الروسية، خصوصاً أن العسكريين الروس يحمّلون النظام مسؤولية كون جنود النظام غير قادرين على التقدم أو الثبات بالرغم من التمهيد بالطيران والراجمات الروسية، ولهذا يريد النظام احتواء صدمة الروس وانزعاجهم".
ويرى أن "روسيا تريد تحقيق المكاسب، وأهمها الخروج من العزلة الدولية ولا تفكر أنها قادرة على الحسم العسكري، لهذا تعتبر أنه لا بد من لعب دور مهم بورقة الأزمة السورية التي ألقت بظلالها على المستوى الدولي، لكن هذا يتوقف على قدرتها على تبديل مجريات المعركة في الساحة السورية، اما مجرد دخولها من دون تحقيق إنجازات أمر سيزيد من أزمة العزلة".


 


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم