الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

حميدة تبحث عن فرح العيد على أرصفة التسوّل

المصدر: "النهار"
زينة ناصر
حميدة تبحث عن فرح العيد على أرصفة التسوّل
حميدة تبحث عن فرح العيد على أرصفة التسوّل
A+ A-

#العيد نعمة للكثيرين حيث تكثر الاضاحي، وخصوصاً على موائد الميسورين، لكن العيد غصة لكثيرين في الوقت عينه، ليس في امكانهم الحصول على اليسير من البهجة...ولقمة العيش. وهذا ما شهدناه في جولتنا في شارع الحمراء، والذي بدا مقلاً في المظاهر الاحتفالية مقارنة بسنوات سابقة.


مظاهر #الفقر واللجوء تطغى على لوحة العيد، أرصفة يفترشها عشرات المتسوّلين، ولكل منهم قصة تتفوق في مأسويتها على الاخرى.
الجامع بين معظم المتسولين هو رفضهم التقاط الصور لخوفهم من توفيفهم عن "العمل"، والخوف الثاني يتبدى
لدى المتسولين من الجنسية السورية من "النظام" او "داعش"، اللذين كانا سببا فرارهم الى لبنان.


والحرب هي السبب الاساسي اذاً "لعيدية" سوريين كثيرين في لبنان، وقسم كبير منهم يعيش في الفقر والعوز، ومنهم حميدة التي تجلس على أحد الأرصفة في شارع الحمراء. "هربنا من الحرب"، تقول والدمعة في عينها، ثم تصرخ لولديها لكي يبقيا الى جانبها، هما ايضاً متسوّلان وامهما لا تحب التقاط الصور لهما. "ناطرين العيد ولادي... جبتلهم اواعي جداد"، تقول فيما يرد عليها حسين، الذي يتسوّل ايضاً "عنجد بتجيبلهم تياب؟ امي ما بتجبلنا شي". فترد عليه: "وسآخذهم على مدينة الملاهي ايضاً". يعمل زوج حميدة في الدهان لكن عمله ليس له مردود جيّد، كما تقول، لذا تتسوّل. وتؤكد: " بكرا انا هون قاعدة"،فنسألها: كيف؟ ألم تقولي انك ستأخذين الولدين الى الملاهي؟ "بلى نسيت... "، تجيب.


سيجار وتسوّل


على الرصيف الآخر جارتها التي لن تشتري الثياب الجديدة لأولادها، كما تقول "ما معي 30000 ليلعبو بالملاهي". ثم تتذكر ان حديقة الصنائع فسحة للعب من دون اي مقابل وتردف "سأحاول اخذهم الى هناك". على بعد امتار قليلة، يجلس رجل يبدو انه ميسور من خلال المظهر، يجلس في احد مقاهي الحمراء يدخّن "سيجاره" ويطلِع صديقه الجالس بقربه عن مشاريعه المستقبلية.


في حديث الرجلين عشرات آلاف الدولارات التي يمكن ان تربح او ان تخسر، الا ان في حديث اولائك المتسولين عشرات الليرات التي قد تأتي من احد المارة لسد جوع اولاد حميدة او غيرها. يتلقى منير كما يناديه صديقه اتصالاً، ويتّفق فيه مع صديقه على الذهاب الى صلاة العيد ويختلفان على الجامع.


نمشي قليلا ًلنرى المتاجر التي كانت تعجّ بالمشترين في سنوات سابقة تفتقد "عجقة" الناس، ومعظمهم يتفرّجون على واجهات المحال من الخارج ويكملون السير، ما يفسّر الوضع الاقتصادي المتردي لدى الكثيرين. وفي المقابل، نرى لافتات تشير الى تخفيضات في الاسعار ومحالاً تجارية خالية من الزبائن، تقابلها اسعار باهظة في أماكن اخرى.
محلات الألعاب أصبحت للفرجة في أحيان كثيرة هنا أيضاً، يشير ولد بيده الى لعبة أعجبته، فيرد والده "إي حلوة" ويمسكه بيده ويسيران.
محلات الحلويات فيها بعض الحركة، لكن اول ما يسأل عنه كثيرون هو سعر الصنف الذي يريد شراؤه.


إن لم يكن العيد في لعب طفل صغير بلعبة اختارها، فعن اي عيد نتكلّم؟ ان لم يتجلَ العيد في ابتسامات وغناء وعائلة مجتمعة، ما نفعه؟ الحق على اللجوء؟ الأنظمة ؟ هل الثري الذي يصلي في جامع فخم يعرف معنى العيد اكثر من المتسوّلة التي قد لا تترك الشارع لتطعم أولادها؟ بئس هكذا أعياد في أوطاننا الحزينة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم